لا يكف عن الثرثرة طول الطريق كعادته، وكريستوفر المنهك بعد يومٍ دراسي طويل مرَّ به لم يستطع مسايرته، وهو لا يهتم أن سايره أحد أم لا، كان يتكلم حتى مع عدم وجود من يصغي، لم يستطع نطق ستة عشر حرفًا كامِلًا بالرغم من كونه في السابعة، واسنانه نصفها واقعة، حتى صار فهم ما يثرثر به عملٌ صعب.
كادت أن تصدمه سيارتين، وبالكاد استطاع كريستوفر أن يركض به قبل أن يعضه كلب، وكأن الطريق صار مضاعفًا طويلًا أكثر من الحديقة إلى المنزل، الدقائق القليلة صارت ساعات مع اخوه الصغير الذي يهرب منه بسرعة كفأرة.
هو يمسك به بقوة معتصرًا ايديه الصغيرة حتى لا يفلت منه مجددًا، وبالرغم من اصفرار يديه إلا أنه بقي يتحدث دون توقف عما حصل له في يومه إلى كريستوفر الذي لم يفهم حرفًا واحدًا: «كايل دفنني في التراب حتى يعرف ما الذي سيحصل له بعد أن يموت، لكنني لم أمت لذلك هو لم يعرف». نظر إليه بطرف عينه مصطنعًا نبرة حماسية ليسايره: «حقًا؟ لم أكن أعلم هذا».
ثم أكمل وبوضوح هو لا يهتم بما يتحدث به كريستوفر، يريد منه أن يستمع فقط: «لماذا أنت طويل هكذا؟ متى سأصبح مثلك؟». رأى كريستوفر سيارة عمه عند المدخل، فأدرك أنه قد أتى من أجل قضاء ليلة عيد الميلاد المبكرة قبل الليلة بيومٍ واحد، فالجميع يسافر وقت العيد، أجاب على هيليا بينما يحمله ليدخلوا إلى داخل المنزل: «أنت محق، هذا رائع».
استمر بالحديث في مواضيع عشوائية لا صلة بينها، أثناء ما دخل حيث كان عمه وابنته الصغيرة متواجدين في الصالة مع والديه، وبمجرد أن لمح هيليا عمه بدأ يركل وجه كريستوفر من أجل الذهاب إليه مُغمغمًا: «أتركني!». فشد اخوه عليه في امتعاض على إنكاره للوقت الذي قضاه معه سابقًا فور رؤية عمهم الذي قد ابتشر وجهه عندما رأى أبنيّ اخوه متحدثًا: «كريستوفر! كيف حالك؟ عيد ميلاد سعيد».
ابتسم بخفوت مجيبًا: «بخير، سنة سعيدة عمي». وقف عمه ضاحكًا يأخذ هيليا من بين يديه ليحمله هو حتى يغادر كريستوفر: «ماذا عنك أنت؟ متى ستكبر؟». لم يجبه وأحتضن رقبته فورًا، ليس رغبةً في احتضانه كما ظن العم، بل رغبةً في إثارة غيرة جوستين التي لا توافق على لمس أحدٍ لوالدها، هي التي كانت جالسة على الأريكة تحدق نحو هيليا الذي يصنع ملامحًا مستفزة لها بغضب مُربعة يديها.
كان رودريغو جالسًا قبال اخوه، فتكلم إليه عندما جلس يلاعب ابنه: «إلى اين ستذهبان في عيد الميلاد دانيال؟». أجابه دون النظر إليه لكون هيليا قد اشغله باللعب مع وجهه: «إلى إيطاليا، أظن أن عيد الميلاد في روما مختلف». كانوا يفضلون السفر في العيد رغم كونه وقتٌ تتجمع فيه العوائل، ويعدون عشاءً قبلها بيومين.
هيليا الذي لم يُشمل في بند السفر لم يكن يفهم شيئًا عما يتحدثون عنه، يضحك بغية استفزاز جوستين لا غير، لكنه فورًا ما انسجم مع دانيال الذي صار يلاعب بطنه حتى صارت تؤلمه من الضحك متناسيًا هدفه الرئيسي من الأمر.
![](https://img.wattpad.com/cover/340651312-288-k573942.jpg)
أنت تقرأ
جمرةٌ في الصدر
Teen Fiction«يُقالُ عنا إنا خُلِقنا كبشرٍ ناقصين لإيجاد نصفنا الآخر، لكن ماذا عن روحٍ قُسِمت لأجزاء؟». طالبٌ في جامعة مرموقة يأتي إليها الطلاب وفودًا من العالم، ابنٌ لرئيس شركة متوسطة النفوذ ذات ثروة لا يمكن أن يُقال عنها قليلة، خطيبٌ لفتاة جميلة، يملكُ اصدقاءً...