«هل تعلم أن باريس قُتِل؟»
حلَّ صمتٌ شبه طويل بين ثلاثتهم، كسره صوت يوهان العالي الذي حمل نوعًا من الاضطراب: «ماتياس! الأمور لا تحكى بهذه الطريقة!». مهما كان يوهان معزولًا عن الناس لكنه يدرك ان هذه ليست طريقة جيدة لنقل خبر وفاة مفاجئ كهذا، لكن ماتياس الذي رفع حاجبًا وحيدًا ليوهان لن يتفهم الأمر أبدًا، ثم قال متسائلًا: «كيف تحكى إذًا؟». ونظر إلى هيليا المتصلب في مكانه متابعًا: «أريد أن أعلم إذ ما كان يملك شيئًا في جعبته أم أنه أفلس وورطنا».
كان يشعر ببرودة وارتعاش أطرافه، حسَّ وكأن عجلة الزمن توقفت عند تلك اللحظة ولم يشعر بشيء سوى الفراغ، أفكاره متلاطمة كثيرة كزبد البحر ولا يمكنه حتى أن يعي ما يفكر به لتضارب الاحتمالات داخله، دماغه لا يعمل بشكل جيد وقد انفصل عن الواقع حتى استيقظ بسبب هز يوهان كتفه، فنظر إليه نظرة خالية من أي معنى.
«أسمعني هيليا، كل شيء بخير فقط فلا تفكر في الوقت الحالي، ارتح وسنتحدث حول الأمر فيما بعد». قال يوهان حاملًا نية تهدئته غير عالم أن من يقصده لا يعي ما يقال اصلًا، ففكره مشغول في بُعدٍ آخر حيث قد وفرت المحكمة حماية خاصة للشاهد، فكيف حصل هذا؟ وكيف له أن يحصل في نصف اليوم الذي فقد وعيه فيه؟ يحتاج إلى الكثير من التفسيرات بل الكثير والكثير فلم يضع لأمر كهذا اعتبارًا حتى في أسوأ الاوضاع.
ضغط بقوة على راحة يده حتى اصفرت، أنه متأكد أن هذا من صنيع والده، لكن كيف فعلها وهو في السجن؟ هل وضع اعتبار قتله منذ أن علم أنه شاهد؟ أنه يعيش الهلع بعينه، لكن كلا، لا يجب إظهار أي نوعٍ من الضعف أو الركاكة أمام أي أحد، خاصة ماتياس الذي يبدو وكأنه يستنقص من شأنه، فتحدث دون النظر إليه: «لا تقلق ماتياس، لن اورطك في شيء». ثم استطرد يضع عينه بعين ماتياس للمرة الأولى بهذه الطريقة الحادة: «غير أني لا أملك حاليًا ما قد يخص راشيل، لكني أملك دليلًا قاطعًا على جريمة قتل عمد، وسأسوي الأمور قريبًا».
جلُّ ما يفكر فيه الآن أن باريس مات بسببه، لو أنه لم يشركه بالقضية لما حصل على هذه النهاية في عمرٍ صغير، وما اشبه مقتل باريس بمقتل عمه، ذات الشعور المقيت، رغبته في إخراج شيءٍ ما عبر جسده، شيء أكبر من قدرته على الخروج، وفي النهاية سيبقى عالقًا في مكب جسد إلى الأبد.
ثقلٌ على ثقلٍ داخله، متى سينتهي هذا؟ سأل في نفسه، وكأي مرة طرح السؤال عليه فهو لن يجد جوابًا أبدًا.
«قتل من تقصد؟». تحدث ماتياس وقد جذب الموضوع اهتمامه، بينما أبدى يوهان قلقًا شديدًا مما قد تؤل إليه الأمور، فأجاب هيليا دون أن يزيح عينيه: «دانيال ريڤ، شقيق والدي». ثم أزاح بنظره متابعًا حديثه: «من وكله أبي لقتله قد تواصل معي وذهبت لرؤيته قبل عدة أيام».
هو لا يملك إلا سايمون بين يديه، رغم أن الأمر يحرقه وبشكلٍ صريح أنه يهينه ويمس كرامته، لكنه لا يملك خيارًا آخر، تمنى أن لا يفكر في هذا الطريق مطلقًا لكن ها هو ذا مجبر على لقاء سايمون مجددًا، أن اللقاءات التي يحصل عليها مختلفة جذريًا عن تلك التي يتمنى.
أنت تقرأ
جمرةٌ في الصدر
Fiksi Remaja«يُقالُ عنا إنا خُلِقنا كبشرٍ ناقصين لإيجاد نصفنا الآخر، لكن ماذا عن روحٍ قُسِمت لأجزاء؟». طالبٌ في جامعة مرموقة يأتي إليها الطلاب وفودًا من العالم، ابنٌ لرئيس شركة متوسطة النفوذ ذات ثروة لا يمكن أن يُقال عنها قليلة، خطيبٌ لفتاة جميلة، يملكُ اصدقاءً...