والدٌ حنون

292 23 8
                                    

كان هيليا سيجيب لولا أن ماء السباغيتي فار فأهدى النار ثم أخرج المصفاة ليصفيه فيما بعد، وأحضر الكريمة والجبن من الثلاجة لينفك الجبن عن جموده، بعدها تحدث: «لماذا لا أناديها أمي؟».

رد عليه أليكس: «لأنها ليست أمك». اتكئ هيليا بيديه على نصف الجدار الفاصل بين المطبخ والصالة: «لم تنجبني لكنها ربتني». تكلم دون أن يرفع رأسه من على الهاتف: «علاقتك مع خالتي أفضل من علاقتك مع زوجها بالرغم من كونه والدك الحقيقي».

عقد هيليا حاجبيه: «كيف حكمت على علاقتي مع والدي بهذه السرعة؟ أنت لم تأتي إلا البارحة». ضحك ساخرًا منه: «هل قصر قامتك يؤثر على تفكيرك؟ حتى الأعمى رأى أن علاقتكما فظيعة».

انتفخ عرقٌ في جبينه عندما كان مبتسمًا خافضًا رأسه إلى الأسفل صاكًا على أسنانه: «هل يمكنك عدم جلب موضوع طولي في حديثك مجددًا؟». همهم أليكس ثم تحدث: «كلا، طولك يجبرني على التنمر، يجبر الجميع في الحقيقة». ضحك ثم استطرد: «من النادر أن تجد فتى بطول عقلة الاصب-».

قاطع حديثه ملعقة حديدية مرَّت بجانبه دون أن تصيبه وصوتٌ عالي غاضب تلاها: «اخرس ولا تجلب طولي على لسانك القذر ايها البريطاني التافه، هذا ليس مضحكًا على الاطلاق». ثم تمتم بحنق يخرج بصلة لتقطيعها: «نعجة قذرة».

ارتفعت ابتسامة أليكس أكثر، فترك هاتفه جانبًا ليتكلم بعد أن وجد الحديث ممتع: «لقد قلت انك تعمل كمترجم، ما هي اللغات التي تجيدها؟». لم يجبه هيليا فوقف ذاهبًا إلى المطبخ مستطردًا حديثه: «الفرنسية؟ أنها شائعة في كندا».

وضع هيليا البصل المقطع إلى النار ثم بدأ يقلبه حتى صارَ بلونٍ ذهبي، ثم أضاف المعجون ليقليه أيضًا لثوانٍ، وبعدها القليل من الماء وكريمة الطبخ يقلبهم سويًا، دون أن يجيبه، فتكلم أليكس: «شكلك لا يبدو كندي، هل والدتك من جنسية أخرى؟».

غسل يديه ثم أخذ المصفاة التي تحتوي على السباغيتي ووضعها فوق الصلصة، قلَّبهم معًا ثم أخرج قالبًا حراري واضعًا السباغيتي فيه وبعضًا من الجبن فوقها، ليدخلها الفرن الذي شغّله مسبقًا.

غادر هيليا المطبخ ليرمي نفسه على الأريكة يفتح هاتفه الذي كان على الأريكة لأجل رؤية الساعة، أثناء ما تبعه أليكس يجلس قباله متحدثًا: «هل تجيد الطبخ؟». نفى برأسه: «السباغيتي فقط». همهم أليكس، ثم تحدث مرة أخرى بينما تقرقر بطنه جوعًا: «ما اللغات التي تعلمتها؟». أجابه: «الإيطالية والألمانية».

أغمض هيليا عينيه المرأرأتين، لا يحب ارتداء نظارة، ودونها تؤلمه عيناه، أنها تدمع منذ أن قشر البصل ويشعر بالعمى والحرقان، لكن أليكس لم يكف عن الحديث: «لماذا تعلمتهما؟ أبي يحاول تعلم الإيطالية منذ مدة طويلة، لكنه لا يستطيع بناء جملة».

مدد هيليا يديه في الهواء ليجلس بظهرٍ مقوس وشعرٍ مبعثر رادًا عليه بتثاقل: «أردت الابتعاث إلى إيطاليا لدراسة الفنون لكن والدي لم يسمح لي، لا توجد مراكز جيدة لتعليم الإيطالية أو الألمانية لذلك عليك أن تعتمد على نفسك بشكل كامل، وبعدها تجري اختبارًا رسميًا لأخذ شهادة اللغة، مثل الآيلتس في الانجليزية».

جمرةٌ في الصدرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن