«هيليا ريڤ».
زوى ما بين عينيه منزلًا الهاتف من أذنه مضيقًا أعينه يدقق بالرقم، ليس رقمًا معروفًا له ولا صوت صاحبه مألوفٌ لمسامعه، فأعاد التحدث مجددًا وقد اتخذ صوته نبرة أكثر جدية: «نعم إنه أنا». ثم استطرد بعد هدوء قصير زاد لديه شعور الريبة: «هل أعرفك؟».
لا رد، الثوينات التي تظهر مدة المحادثة تمر أمامه ولا شيء يخرج من سماعة الهاتف سوى صوت أنفاس ثقيلة هائجة اشمئز منها جاعلةً منه يجعد ملامحه: «هل أنت ثور؟».
ولم يلاقي غير الصمت، ودَّ إغلاق السماعة لكنه نعس جدًا وصعبٌ أن يعي أفعاله، لذلك هو ينتظر المتصل أن يقطع الخط، حتى بدأ يغفو، ثوينات كاد فيها أن يعود لنومه لولا مقاطعة صوت متحجرش له: «تروق لي هذه الشخصية جدًا، لكنها ليست مناسبة لك».
تنبهت حواسه بعد تلك الجملة وضيق عينيه، لم يفهم ما الغاية التي يريد أن يصل لها هذا الرجل فسأله بينما يجلس متخليًا عن فكرة نومه هذه المرة: «لكن من أنت؟». صمتٌ مرة أخرى، فبلغَ به السيل الزبى ونفذ صبره متحدثًا بنوعٍ من الانفعال رغم طغيان النعاس
على نبرته: «أتتحدث أم أغلق الخط؟!»«قابلني بمفردك في العنوان الذي أرسلته». وقبل أن يعي الآخر كلامه، استطرد بنبرة لعوبة: «إن كنت تريد المعرفة أكثر حول حادثة قتل العم اللطيف التي تبحث عنها، فتعال إلي بمفردك». ليُغلَق الخط مباشرة.
ظل هيليا ينظر نحو الهاتف بصمت، حادثة قتل العم اللطيف؟ أيقصد دانيال؟ ما أدراه بمن هو دانيال؟ ما الذي عليه أن يعرفه حول هذه القضية؟ لكن من هذا الشخص اساسًا؟! بدأ الموضوع يصبح صعبًا جدًا، هو بأي شكل من الأشكال لا يتحمل الحديث عن عمه.
لكن هل يبدو احمقًا لدرجة ذهابه إلى مكانٍ ما قاصدًا شخص لا يعرف هويته بمفرده؟ كلا، هو لم يكن كذلك، ولن يكون، تلك مخاطرة كبيرة ولن يقحم نفسه في أمرٍ هو في غنى عنه، لا يدرك لماذا يفكر في الموضوع.
طقطق عظام رقبته ثم ترك الهاتف على سريره ليغسل وجهه، لا تزال الساعة الخامسة فجرًا لكنه لن يستطيع العودة إلى النوم، بيد أن حلقه نشف بعد تلك المحادثة الهاتفية السخيفة.
بلل شعره أثناء غسله لوجهه وأعاده إلى الوراء ينظر إلى نفسه قليلًا في المرآة، هو لم ينظر نحو عينيه منذ فترة طويلة وكاد ينسى ملامحه، وجهه منتفخ وشعره مبعثر جدًا، في الآونة الأخيرة قد فقد شيئًا من الوزن وعظام وجنته صارت واضحة نوعًا ما، كما أنه قد اكتسب بعض الندبات غير الواضحة أسفل شفتيه وعينه اليمنى نتيجة الحادثة الأخيرة التي تعرض لها.
تنهد مُمرِرًا يده على الشامات المنتشرة على وجهه كالرذاذ في اختلاف أحجامها وعشوائية أماكنها، لا يزال وجهه كما كان ولم يتغير، لم ينضج ولم تختفي ملامح البراءة من ملامحه، يبدو وكأنه شخص لن يؤذي أحد.

أنت تقرأ
جمرةٌ في الصدر
Ficção Adolescente«يُقالُ عنا إنا خُلِقنا كبشرٍ ناقصين لإيجاد نصفنا الآخر، لكن ماذا عن روحٍ قُسِمت لأجزاء؟». طالبٌ في جامعة مرموقة يأتي إليها الطلاب وفودًا من العالم، ابنٌ لرئيس شركة متوسطة النفوذ ذات ثروة لا يمكن أن يُقال عنها قليلة، خطيبٌ لفتاة جميلة، يملكُ اصدقاءً...