عيدُ ميلاد، لكنه مختَلف

208 17 4
                                    

خرج من الحمام بوجهٍ مصفر لتقيؤه كل الذي ما دخل معدته عشائًا، والضيق في صدره لا يفارقه يعتصر رئتيه خانقًا مجرى تنفسه، اعياءٌ داهمه بالرغم من أن الزكام قد خف.

أسند يده إلى الجدار جانب الحمام بأعينٍ مقوسة ينشف وجهه المبلل، ثم أعاد شعره المبعثر إلى الخلف ينظر نحو أليكس الذي كان يبحث عن شيء في الدرج خاصته، فعقد حاجبيه بعدم فهم، حتى لاحظه أليكس فتحدث إليه دون إعارته بالًا مكملًا بحثه: «تملك أشياء مثيرة للاهتمام هنا». أخرج ما كان يبحث عنه ثم أكمل: «توقعت أن أجد أشياء لا أخلاقية، صور لفتيات ربما، لكنكم عائلة متشددة دينيًا حقًا».

اوصل الشاحن الذي أخرجه في مقبس الكهرباء لشحن هاتفه الذي لم يعد يعمل بسبب نفاد البطارية واردف: «ما بال هذا الشاحن ذو الإصدار القديم؟ متى اشتريته؟ بالكاد يعمل». لم ينبس الآخر بشيء فاتحًا المجال للآخر بالتحدث أكثر: «مع كمِّ الأدوية لديك فإن وضعك يائس، حتى عندما كنت في أشد أوقات اكتئابي لم آخذ أدوية بهذه الكمية، هل تأخذها بوصفة طبيب اصلًا؟ ولماذا درجك مليء بالمَبار الفارغة؟».

لم يكن يرد، فرفع أليكس رأسه ليرى وجهًا ممتعضًا مُزرقًا، ولو رأى ذلك المنظر قبل أشهُرٍ قليلة لفزِع بشدة، لكنه الآن يخرج بخاخًا طبيًا ويرميه إلى الآخر متحدثًا: «مع ذلك الشيء الذي تمزجه مع الألوان فأنا لست مُتفاجئًا من إصابتك بالربو، حتى صلبة عينيك محمرة يا أخي».

كاد البخاخ أن يقع على الأرض لولا أنه أمسك به بيديه الإثنين ناظرًا نحو الآخر بغضب، لكن الصراخ حتمًا لم يكن شيئًا يقدر عليه في ذلك الوقت، فأخذ البخاخ محاولًا إراحة صدره الذي بدأ يصدر صوت صفير واضح، بقي مستندًا على الحائط مغمض العينين حتى استعاد مجرى التنفس الطبيعي ليرخي قبضته من على البخاخ يدخل نفسًا عميقًا إلى رئتيه وكأنه قد غرق في قاع البحار لثوانٍ ثم طفى إلى اليابسة.

نظف حلقه وبالرغم من تفريشه لأسنانه فإن الطعم المر لا يفارقه، رفع نظراته نحو أليكس الذي ينتظر إعادة تشغيل هاتفه أثناء الشحن، ثم تحدث بصوتٍ مغمغم مرهق يحمل نوعًا من الحنق: «من سمح لك بفتح الدرج؟».

لم يبادله النظرات حتى فُتِح هاتفه، فنظر إليه لهنيهة قبل أن يعيد نظره إلى الهاتف: «ماذا قلت؟». تنهد هيليا يحدق نحوه بانزعاج، وضع البخاخ على مكتبه ثم ذهب ناويًا فتح تلك الخزانة الخشبية المهترئة من أجل أن يبدأ في رسم رسمه جديدة، لكنه تذكر كلمات كريستوفر قبل سويعات في أن يأتي لغرفته بعد العشاء، فترك مقبض الخزانة بفزع لتأخر الوقت، لا يفهم ما الخطأ الذي فعله، لكن فكرة عقاب كريستوفر وحدها مخيفة، حتى أن كان شابًا في العشرينات.

خرج من الغرفة قاصدًت غرفة اخوه، المنزل هادئ للغاية في هذا الوقت فلقد غادر والدا أليكس إلى فندقٍ قريب والبقية ساكنون في غرفهم، حتى الاضواء خافتة فلا ضوء في الممر إلا الضوء الخافت القادم من الطابق الأرضي.

جمرةٌ في الصدرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن