بقي هيليا ينظر إليه في صمت يزوي ما بين عينيه، أخبرته والدته بأن أليكس اصغر منه، لكن هذا الشخص لا يبدو أصغر منه بأيٍ من التفاصيل، لا يبدو أصغر من ثلاثين سنة، لا مجال ليكون هيليا أكبر منه ابدًا.
تنهد مصطنعًا ابتسامة يمد يده للمصافحة، لا يجب عليه أن يحكم على شخص من محادثة قصيرة، فتناسى الأمر متحدثًا بلطف: «انا هيليا، أنه لقائنا الأول، سررت بمعرفتك أليكس». مدَّ أليكس اصبعًا واحدًا له هازءًا: «يدك صغيرة جدًا للمصافحة». «مثل طولك». تجمدت ملامحه وعلقت يده، فضربَ أليكس على كتفه ضربةً كفيلة بأخراج روحه من جسده كنوعٍ من الممازحة: «لا بأس-». قرصه هيليا بقوة حتى كشط جلده ليتأوه بصوتٍ مرتفع يصيح عليه: «ما المشكلة معك أنت؟!».
لم يهتم بحديثه ورسم ابتسامة صادقة هذه المرة ثم تكلم: «اهلًا بك في كندا، أتمنى لك إقامة رائعة». نظرَ إليه وهو يمسك بيده التي قرصها هيليا بابتسامة أيضًا: «بالتأكيد إقامة رائعة». ثم داسَ قدم هيليا دوسًا شديدًا.
فتح عينيه على مصراعيها يغرس أصابعه في ساعِد أليكس الذي حاول افلاته بقوة دون إصدار صوت حتى لا يُطردا بسبب الازعاج، أفلتا بعضهما في نفس الوقت لينظر هيليا إليه بسخط بينما كان أليكس يحدق بطوله ساخرًا رغم الألم، لا يصدق طفولية حركاته!
صكَّ على أسنانه غاضبًا يتحدث راميًا اللوحة التي تحمل اسم أليكس في النفايات: «يكفي الآن، علينا أن نغادر إلى أوتاوا». لم يتحرك خلفه وأعترض: «لقد أتيت توًا من لندن في رحلة لأربعة عشر ساعة وتريد أن تجعلني اركب السيارة لأربع ساعات أخرى؟ هذا جنون، لنبقى في تورونتو».
أمسك هيليا كتفه يجره بصمت، حاول أن يجره لكنه كان ثابتًا في مكانه لا يتزحزح كتمثال اسمنتي فحدق فيه: «ألن تتحرك؟ نحن لن نبقى أكثر في تورونتو» أجابه: «لكنني اريد البقاء في تورونتو».
نظر نحوه لدقيقة صامتة، ثم تحدث: «أنت محق، أبقى هنا». ثم غادر تاركًا أليكس بمفرده، لم يكن يجب عليه أن يحضره إلى المنزل اصلًا أنه عمل ناثان، لذلك ليست مشكلته إذ لم يأتي معه، أنه شخص ضخم، غبي ومستفز من وجهة نظره.
مشى ليشعر به يمشي بجانبه مُتحدثًا بامتعاض: «ما بك زعول هكذا؟ لم نقل شيئًا لك أيها القصير». لم يفهم هيليا شيئًا من لهجته البريطانية السريعة لكنه أستمر بالمشي غير مبالي به حتى خرجا من المطار ونظر إليه: «أين امتعتك؟».
رفع الكتف التي تحمل حقيبة ظهره مشيرًا إليها، كانت تبدو فارغة، لكن هذا ليس شأنه فلم يهتم، بقي يمشي إلى أن وصلوا حيث تتجمع سيارات الأجرة، تكلم مع أحد السوّاق يستأجر سيارة، وكان أليكس يتبعه في الخلف بصمت مع ابتسامة صغيرة.
ركبَ السيارة معه بجانبه في الخلف، وبمجرد أن تحركت السيارة بدأت أطرافه ترتجف من جديد فأغمض عينيه مُتكئًا برأسه الذي داهمه الصداع بغتة على كرسي السيارة دون الإهتمام بأليكس، سيغمض عينيه إلى أن يصل وهكذا لن يخاف كثيرًا، لكن أليكس لم يوافق على الخطة، فكسر الصمت: «في أي مرحلة دراسية أنت؟».
![](https://img.wattpad.com/cover/340651312-288-k573942.jpg)
أنت تقرأ
جمرةٌ في الصدر
Fiksi Remaja«يُقالُ عنا إنا خُلِقنا كبشرٍ ناقصين لإيجاد نصفنا الآخر، لكن ماذا عن روحٍ قُسِمت لأجزاء؟». طالبٌ في جامعة مرموقة يأتي إليها الطلاب وفودًا من العالم، ابنٌ لرئيس شركة متوسطة النفوذ ذات ثروة لا يمكن أن يُقال عنها قليلة، خطيبٌ لفتاة جميلة، يملكُ اصدقاءً...