لا يزال محترمًا في منتصف الليل

231 22 18
                                    


كادت الكعكة أن تقع من فاها لفتحه بشكل كبير نتيجة للصدمة التي تلقتها بعد تلفظهِ بتلك الكلمات، فوضع يده تحت فكها يغلقه مُكملًا حديثه بهدوء: «اريد الحديث معك بخصوص بعض الأشياء، من فضلك».

ابتلعت اللقمة دون أن تمضغها لتتحدث ممسكة أكتافه بقوة: «دعوة للحصول على موعدي الأول معك؟ بالتأكيد أنا موافقة!». وقبل أن يتحدث استطردت: «أنا أشعر بالملل في المنزل، لنخرج الآن هيليا نحن لا نملك شيئًا».

بقي ينظر إليها بقلق ثم تكلم بابتسامة ترتفع تارة وتسقط تارة أخرى: «الآن؟ يكاد يكون منتصف الليل جوستين». صمتت لثوانٍ تنظر إلى عينيه ذات اللون الأزرق الصافي الذي لم ينطفئ رغم كبر سنه ورأرأتهما، لتتحدث: «أنا لن أملَ من النظر إلى عينيك التي تجعلني عمياء يا حبيبي، ولا يوجد قانون يمنع المواعدة بعد منتصف الليل، أنه الوقت الأفضل لعلمك».

ثم أفلتت كتفه ترسل قبلة في الهواء مُكملة: «انتظرني قليلًا من الدقائق، سارتدي شيئًا ثقيلًا وآتي، افعل أنت كذلك أيضًا لأن الجو بارد». هو نظر إلى المكان الفارغ الذي كانت فيه بعد أن ذهبت، لا يصدق كيف يمكنها أن تتعامل مع هذا الوضع بسهولة، هو ليس بقادرٍ على التحكم بتعابير وجهه، ولا على مشاعره التي تجعله يردد تلك الكلمات في ذهنه واقفًا في مكانه.

رفع أكتافه ليذهب نحو الباب حيث كان يعلق وشاحه، فإن معطفه في غرفته وأن ذهب إلى الغرفة وعرِف أليكس بأنه سيخرج مع جوستين فلن تبقى قناة إخبارية دون أن تتناقل الخبر، ثم خرج واقفًا أمام المدخل يضع يديه في جيوبه، يبدو أن السُحب ستمطر قريبًا وفكرة الخروج الآن ليست مثالية، لكنه لن يعترض على ما أرادته، فإنه بحاجة للحديث معها حول موضوعٍ رغب بمعرفة جوابه منذ زمنٍ طويل، وهذا يطغى على رغبته في موعد حقيقي.

دقائقٌ هي حتى جاءت مسرعة بنفس ملابسها، لكنها كانت تحيط نفسها بمعطفٍ طويل، نظرت نحوه بابتسامة بينما تصفف شعرها الاصهب إلى الوراء متحدثة: «هل يمكنني اعتبار هذا موعدًا؟». أجابها بابتسامة يفتح الباب: «كما تريدين».

ضحكت تأخذ يدها بكتفه وردَّت: «لن اعتبره كذلك». لتضيف بعد أن لاحظت الجو: «أين سنذهب؟». أعاد شعره المبعثر إلى الخلف، لا يوجد أحد في الشارع، كندا تغلق أبوابها في الخامسة عصرًا ومن النادر أن يخرج أحد في جوٍ قارس البرد كهذا، ليتحدث: «أي مكان نستطيع الوصول إليه، لنتمشى في الشارع فقط، أنه هادئ وخالٍ».

أومأت ثم تكلمت أثناء تمشيهم: «لماذا نهاية أطراف أصابعك خشنة؟». تحسس يده هو أيضًا، كانت أطراف أصابعه خشنة ومسطحة بشكلٍ غريب، فأجابها: «الجيتار، لقد كنت اتمرن على الجيتار آخر أيام، تصبح أصابعي هكذا عند العزف عليه لفترة طويلة».

همهمت، وتكلمت ثانيةً: «أنت لا تزال تستعمل الجيتار الذي أهداه لك والدي؟». ابتسم ليرد عليها: «وهل أملك غيره؟ أنه رائع بالرغم من مرور وقتٍ طويل على شرائه». كان الحديث عن والدها ولو مرورًا خفيفًا يجعلها تشعر بالفخر، وهذا ما أدركه هيليا عندما ضغطت على يده بقوة مع ابتسامة مرتفعة، ذلك الشيء الذي جعله متوترًا أكثر.

جمرةٌ في الصدرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن