أزرق

234 21 4
                                    

أُغلق الهاتف في وجهه فورًا، فنظر إليه بتعجب كما فعل الموظف في المحل الذي سمع صوت صياح ذلك الرجل، لكنه عاد إلى عمله وكأن صوتًا لم يسمع.

لم يفهم هيليا ما الأمر بالضبط، لكنه ليس بهندام جيد للذهاب إلى الشركة كما أن هذه النبرة تعني أنه سيتأخر بالعمل، أراد أن يضع الهاتف في مكانه لولا أنه رنَّ مرة أخرى حاملًا اسم جوليان، بقي ينظر إلى الاسم ثوانٍ بصمت قبل رفع المكالمة ليصدر صوتًا على الفور: «أين أنت؟! هل ضعت؟».

رد عليها واضعًا يده على السماعة بخفوت: «انتظريني مع ذلك الأحمق أن كان معك في موقف السيارات، سأكو-». جاءه صوت فورًا من وراء الهاتف: «أنت الأحمق». تنهد هيليا واغلق الهاتف يعيد كتابة ما أراد قوله وإرساله إلى جوليان، هو لا يحب المكالمات على أي حال ويفضل الرسائل.

أعطاه الموظف الكيس الذي يحتوي على العلبة بابتسامة، ابتسم ثم دفع عبر بطاقته البنكية مغادرًا المحل إلى موقف السيارات، لا يعرف إذا ما كان الحبر الذي يكتب فيه من ذهب، لكن السعر كان مبالغًا به للغاية، هو لم يشتري هدايا عيد الميلاد لعائلته وأصدقائه بعد، ويبدو أنه سيتحتم عليه أن ياخذ النقود الذي كان يجمعها لأشهر من أجل هاتف جديد بدلًا عن هاتفه المكسور الذي اشتراه قبل سبع سنين.

رأى جوليان وأليكس يقفان بعيدًا دون أن ينتبها له، لكونهما يتحدثان سويًا ويبدو أنهما انسجما بسرعة، وصل إليهما راكضًا ليتحدث: «خذي الكيس جوليان أنه هدية لأمي، يجب علي أن أذهب إلى العمل ويبدو أنني سأتأخر هناك».

عقدت حاجبيها دون أن تفهم وقبل أن تتحدث تكلم أليكس: «هل تقدم عملك على حفلة عيد ميلاد والدتك؟». نظر إليه بانزعاج ليرد معطيًا الكيس إلى جوليان: «كف عن وضع مؤخرتك بدل عقلك». ثم غادر بنفس السرعة التي جاء بها، ليبقى أليكس صامتًا وسط ضحكات جوليان المتعالية: «هيا لا بأس، تعال لنذهب إلى المنزل سائقي قريب في البوابة».

وجدَ هيليا سيارة أجرة تستطيع إيصاله إلى مكان عمله فأستقلها، هو متوتر، فلم يتم استدعائه إلى الشركة بهذه الطريقة الغاضبة مسبقًا، لكنه نظر إلى السماء في الأعلى من خلال زجاج السيارة ليُهدئ من روع نفسه، لا بدّ من كونها ستمطر أو تثلج هذا المساء.

لا يملك سماعاته فلا يستطيع تشتيت نفسه بأغنية، لذلك بقي ينظر نحو الأعلى في صمت حتى وصل إلى وجهته، تلك الشركة الضخمة ذات التصميم المعماري المميز.

دخل إلى الشركة، وكعادتها كانت تعج بالموظفين الذين يسيرون كخلية نحل، بسرعة وانتظامٍ شديد، ذهب إلى موظف الاستقبال ليخبره بأن السيد آرسنت ينتظره في مكتبه، ليذهب إلى حيثما تم أخباره.

وقف أمام الباب الخشبي الذي كُتِب عليه أسم رئيس المترجمين، باريس آرسنت، ثم طرق الباب بتردد، مررَّ يده في شعره إلى مؤخرة رقبته في ارتباك، ليسمع صوتًا يسمح له بالدخول من خلف الباب.

جمرةٌ في الصدرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن