هوىً مُرهِق..

218 17 23
                                    

كان يراقب من يمر أثناء جلوسه في مقهى وعلامات الضجر الشديد واضحة عليه، جو كندا البارد الممطر دائمًا ممل ويبدو أنها ستثلج بعد قليل، غادر أصدقاءه لتوهم وهو الآن وحيد ولا يرغب العودة إلى المنزل.

لا يحب العودة إذ لم يكن هيليا موجودًا في المنزل فهو يقضي معظم وقته في مضايقته وذلك مرِح بالنسبة له، عدم وجوده يعني لا شيء لفعله تقريبًا، لكنه لا يفعل شيئًا هنا ايضًا سوى التقليب في هاتفه، أخذ هيليا هاتفه الآخر لكن بما أن هذا الهاتف يحمل رقم جوليان فالآخر ليس بتلك الأهمية.

اختفت الصفحة التي كان يقرأها لتنبثق شاشة إتصال تحمل رقم والده غير الموجود في هذا الهاتف، فرفع المكالمة سريعًا وقبل أن يتحدث جاءه صوتٌ مرتفع من وراء الشاشة: «لا بدّ من كونك ورثت هذه البلادة من أخوالك». تنهد مدوِرًا عينيه واضعًا الهاتف على الطاولة ثم رأسه عليها: «كلا أنها منك». «أنت بلا تربية».  «يعني أنه خطأك».

تجاهل ماتياس حديث أليكس وغير الموضوع لأنهما أن بدأوا بهذا الموضوع فلن تكون النهاية قريبة أبدًا، وتحدث: «انا في كندا». تغيرت ملامحه عجلًا إلى صدمة توضحت على ملامحه وأمسك الهاتف متعدلًا في جلسته والعلو في نبرته ازعج من كانوا في محيطه: «أنت هنا؟! منذ متى؟ لماذا لم تخبرني!». «لقد أخبرتك الآن».

«أين أنت؟ أريد القدوم! وكيف استطعت الحصول على رقمي هذا؟!». تحدث وفي نبرته انفعال، يريد أن يقضي على الملل الذي سيقضي عليه حتمًا، وبما أن هيليا غير موجود لمضايقته فإن الشجار مع والده هو خياره الوحيد، فردَّ عليه: «لست شخص فارغًا ولا يملك شيئًا لفعله مثلك، لدي الكثير من الأعمال وانا متعب لذلك سأرسل موقعي غدًا». صمت أليكس ساكنًا حيث كان ينظر.

«كيف حالك أليكس؟ لا تأخذ والدك على محمل الجد، هو عجوز خرِف فقط». تحدث يوهان الذي كان جالسًا في ذات الغرفة مع ماتياس المشغول بعمله على الحاسوب بينما يُهاتِف ابنه: «لا تجعل لسانه أكثر وقاحة!».

حسنًا، وجود يوهان لطيف للغاية، هو يحب أن يسترد أحدٌ ما حقه من والده، وعادةً هذا الأحد يكون يوهان لذلك هو يحبه: «بخير، ماذا عنك يوهان؟ لماذا جئت مع والدي لكندا؟». يوهان أربعيني عاطل عن العمل يعيش تحت كنف عائلته، هو شخص قليل السفر ولا يخرج من إيطاليا كثيرًا، كما أن انجليزيته صعبة للفهم ورغم ذلك فأليكس اعتاد عليها، وبعد فترة قصيرة ردَّ عليه  والده بعد أن بدأ مناقرة معتادة مع يوهان: «معتوه جاء من أجل رؤية هيليا لا غير، وهو بلا فائدة». «لا تتدخل بأسبابي». «أسبابك مثيرة للشك».

كانا يتشاجران مجددًا، بينما أليكس استغرب معرفة يوهان بهيليا ورغبته في أن يلتقيه، فقاطع حديثهما مجددًا: «لماذا يريد يوهان مقابلة هيليا؟».

همهم ماتياس، هو غير مركز لا مع أليكس ولا مع يوهان ولا في عمله، لا يمكنه استيعابهم الثلاثة معًا، لكنه أجاب بعد أن وعى على ما قاله ابنه بعد مدة: «لماذا تسأل أسئلة كهذه؟ لا إجابة لدي أيضًا، لماذا تريد رؤية ذلك الطفل يوهان؟». «لأنه ابن اختك».

جمرةٌ في الصدرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن