فنان؟

180 17 16
                                    

وقفَ أمام باب منزلٍ متوسط الحجم ذو طابعٍ عصري كسائر البيوت في هذا الشارع، أمامه حديقة زُرِع فيها عدة أنواع من الشجيرات والأشجار الميتة بسبب برودة الجو، كان متوترًا ومترددًا فيما يفعل وقد تبين ذلك عبر طريقة ارتجاف يده التي لم يلاحظها الآخر.

حدق فيه بعدم استفهام مُتحدثًا بأنزعاجٍ طفيف: «ما الذي تنتظره لتطرق الباب؟». لم يعره أهتمامًا، لذلك أبعده فجأة قليلًا ثم طرق الباب طرقات عالية متتالية لينظر إليه بنظرة مصعوقة.

«ما الذي فعلته!». تحدث والاضطراب واضحٌ عليه، فأجابه أليكس يعود إلى مكانه بلا مبالاة: «حرفيًا، لا شيء». كان سيتكلم لولا أنه سمع صوت فتح قفل الباب فاكتفى بقرصة كشدت جلد يد أليكس من مكانه، لكنه أبتسم مُستفزًا الآخر بالرغم من الألم الذي شعرَ به.

طلَّ من الباب رجلٌ يبدو في نهاية الثلاثينات أو بداية الأربعينات يرتدي نظارة ويحمل كوبًا من القهوة في يده اليمنى بينما الأخرى تمسك طرف الباب، تغيرت ملامحه الودودة فجأة إلى أخرى مستغربة فعقد حاجبيه يلقي التحية ينظر نحو هيليا ومن معه: «صباح الخير سيد ريڤ».

لم تكن نبرته تعني ما تقوله أبدًا، وبشكلٍ واضح تجسد انزعاج وتساؤل على وجهه، واضحٌ كونه لن يمانع طرده في حال لم يعجبه كلامه، وعند ملاحظة أليكس لنظرات الرجل نحوهما تمنى في نفسه أن يخرج كلاهما من هنا دون صراع، أو على الأقل ليخرح بمفرده دون مشاكل، لأن يبدو أن هيليا لا يمانع.

أردف الرجل حديثه بوضوح: «ما الذي تريد؟». كان وجه هيليا عابسًا مكفهرًا ولم تتغير تلك الملامح، أجابه جافيًا ينظر إلى عينيه بلهجة رسمية كما اعتاد أن يتحدث معه باعتباره رئيسه في العمل: «أمرٌ أُناقشه معك، خاص جدًا للحديث حوله بالشركة». لم تأته أجابه وبقيت التحديقات الصامتة هي كل ما يتحدث، فأكمل بنبرة حوت على بعض التودد: «من فضلك، سيدي»

ضيق عينيه يرفع عينيه نحو أليكس الذي حجب شمس الصباح بطوله فأبدى ابتسامة صادقة لأن أمر الحقد هذا لا يعنيه على أي حال ثم أعاد مدى رؤيته على هيليا الذي أردف: «يمكننا تركه خارجًا أن رغِبت». حدقَ أليكس به بعينين متعجبتين، فلم يكن هذا شيئًا قد اتفقا عليه، أومأ الرجل وأشار لهيليا إلى منزله: «تفضل بالدخول».

ولجَ إلى الداخل، فبقي هو وحيدًا في الخارج، ولم يكن الأمر لطيفًا بالمُجمل، هيليا كان شخصٌ خاطئ لتُقدم له معروفًا.

....

كما هو حال المنزل من الخارج، كان حديث التصميم من الداخل ذو حجمٍ صغير لأن لا أحد يعيش فيه سواه، مد يده نحو صالة كانت تمتلك جدارًا زجاجيًا مُطلًا على حديقة خلفية أعطتها منظرًا خلابًا، ثم أذن له بالجلوس.

باريس ليس شخصًا سيكون سعيدًا بوجود هيليا في منزله، ولن يبادر بفتح أحاديث جانبية مع أضافة من الكعك والشاي ، فهو حتى لا يحاول تغيير الملامح التي تبدو على محياه وتصرخ أن الضيف غير مرحب به، ابتسامته مصطنعة بشكل فظيع، ولم يكلف نفسه في بدء الحديث لإزالة الطقس المتوتر، وفي نفس الوقت وجه هيليا جامد الملامح لا يساعد.

جمرةٌ في الصدرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن