الفصل الثاني والعشرون

9 2 0
                                    

في ام  العرب بعد ان امر فارس آل فرعان ابنه صباح أن يذهب و يأخذ ما تبقى من العجائز والنساء والغلمان في شرارة و مزن الذين لا يستطيعون حماية انفسهم الى ام العرب ، جهز صباك جيشاً من خمس مئة مقاتل من ذروة المقاتلين في ام العرب ولم يأخذ معه اي عتاد اسطوري.

في الوسط العربي هناك اثني عشر مقاتلاً يُعرفون بقوتهم الهائلة وتقدر قوة الواحد منهم قوة مئة رجل على اقل تقدير وكلهم يُعتبر مستحقاً لحمل عتاد اسطوري منهم : المعروف بلقب البطل الاول ومنهم فارس آل فرعان و وضرغام وعسار آل حرب اكبر كبار قبيلة حرب وساعده الأيمن ليث.

ذهب صباح بالجيش نحو شرارة ومزن وهم في الطريق سأله احد قادة الجنود وهو حيدر الهُذيلي قال لصباح : صباح انا اعلم ان قبيلة حرب ستقف في طريقنا لهذا حشدنا جيشا من اقوى المقاتلين ، لكن مهما فكرت في الامر لا افهم لماذا عددنا قليل هكذا؟ ولماذا لم نأخذ معنا اي عتاد اسطوري؟
قال صباح : يا حيدر ، هذه المهمة هدفها اغاثة شرارة و مزن وليس القتال ، لكن حرباً-القبيلة- ستقف في طريقنا لهذا جئنا بكل هؤلاء المقاتلين وهذه الإبل نريهم ان القتال خيار سيء وهو بالفعل كذلك فيقبلون بما نعطيهم من المال لهذا لا يجب ان نأتي بعتاد اسطوري لانه سيكون دافع لهم للقتال فقط.
قال : مذهل! فعلاً ادهشتني لقد فكرت بكل هذا بأقل من يوم؟ لكن لكن اذا رفضوا عرضنا ماذا سنفعل حينها؟
قال : قد لا يبدوا عليه ذلك لكن على كلام ابي أن عسار ليس فقط قوي بشكل رهيب لكنه ذكي و داهية ويعرف ماهو جيد لقبيلته وماهو سيء لهم قيادة قبيلة ضخمة مثل حرب تتكون من اكثر من سبعون الف آدمي ليس بالشيء السهل.
قال : اذا لن يدخل معنا في قتال؟
قال : هذا مستبعد جدا لا ارى له سببا لفعل ذلك ، ارجوا ان تسير الامور بسلاسة.

في مكان يبعد عن جمرة -ساحة معركة مزن و شرارة- ثلاثة ايام كان جيش آل حرب معسكراً بقيادة عِسار ينتظر اوامره للإتجاه الى جمرة.

أتى احد قادة حرب وهو ليث آل حرب ابن عم عسار الى عسار يعطيه المستجدات قائلا : عسار لقد تأكدنا من ذهاب ضباب الهالكين تماما عن ساحة المعركة ، هل آمر الجيش بالتحرك الآن؟
قال عسار : نعم سنغادر بعد ساعة فلتأمر الجيش بالاستعداد.

جاء احد الجنود الى عسار قائلا له : سيدي ، جيش قادم الينا من ام العرب بقيادة صباح.
قال عسار : اووه اذا هذا تحركك يا فارس ، لا بأس به لنذهب و نرى ماذا يريد هذا الشاب ، يا فتى هؤلاء ضيوفنا فلتجهز لهم ضيافة.
قال الجندي : حاضر سيدي.

وصل صباح ومن معه عند آل حرب واستقبل عسار صباحا في خيمة للضيافة وكل منهما معه مرافق.

قال عسار متبسما بعد ان جلس كل من في المجلس : أهلا و سهلا بإبن فارس يالها من مفاجئة غير متوقعة.
رد عليه صباح بنبرة جادة : اهلا بك يا عم ، سأدخل في صلب الموضوع نحن ذاهبون الى شرارة و مزن فاتركوهم و اخلوا لنا السبيل وقد جئناكم بعوَض عشرون من الإبل.
قال عسار : تناديني بالعم وانا من اعتاد ابوك القتال ضده؟ يبدو ان والدك صارم في تربيته.
قال صباح : نعم يا عم علمني والدي احترام كبار السن الذين يحتاجون الى الراحة واعطاء الشباب الفرصة لنيل الخبرة.
تغيرت مالمح عسار من ابتسامة الى عبس.
غضب ليث من كلام صباح و قام واستل سيفه وقال : "انتبه للسانك يا غر" وهم بالذهاب اليه لكن امسك عسار رداءه و جره اليه غاضبا وهمس له بأذنه: "أهكذا تعامل حرباً ضيوفها؟ لو استمريت بطيشك هذا فماذا ستقول عنا العرب؟" فجلس ليث و سكت.
ابتسم عسار ثانية و قال : لا عليك من ابن عمي فهو سريع الانفعال.
قال صباح : لا عليك فهمت الآن خطئي اعتذر.
سكت عسار لعدة ثوانٍ ثم قال : حسنا بما يخص ذهابكم فأخشى انه لا يمكنني ترككم تذهبون بعشرين من الإبل فستقول العرب ان حرباً قبلت تهرباً من القتال ، لكن اعلم انك لا تريد قتالا بين الجهتين فلهذا ما رأيك بمبارزة؟ اذا فزتم ندعكم تذهبون وان فزنا نأخذ عشرين ناقة ونبارز آخرى حتى تفوزوا فما رأيك؟
قال صباح :إذا سنعطيكم خمسون من الإبل ، لا اريد قتالاً.
اندهش من في الخيمة فخمسون من الإبل عدد كبير فقط للسماح لهم بالعبور.
التفت حيدر نحو صباح في دهشة وهو يقول في نفسه : خمسون؟؟ هذا كثير ارجو انه يعلم ما يفعل.
اندهش عسار وتبسم حتى بانت انيابه ثم قال : خمسون من الإبل خمسون من الإبل لا اعتراض لدينا.
قال صباح : شكرا لك يا عم على تعاونك استأذنك فانا على عجلة من امري.
قال عسار : لا بل شكرا لك ، يا ليث ابلغ الجيش ان لا يمس احد صباح و من معه.
قال ليث : "حسنا" منزعجا لانه توقع قتالا لكنه لم ينل مراده.

خرج صباح و حيدر من خيمة الضيافة واخذوا الجيش واتجهوا صوب شرارة ومزن.
قال حيدر لصباح : مالذي جعلك تستفزه هكذا؟ وتقول ارجو ان تسير الامور بسلاسة؟ ولماذا اعطيتهم خمسين من الإبل؟ هذه خسارة كبيرة كانوا سيتركوننا نعبر بأقل من هذا.
قال صباح : بمجرد انهم ضيفونا فهذا يعني ان عسار قبل بمرورنا لكن فقط يريد ان نناقش الصفقة ، وايضا كلامك صحيح لكن عندما نعود سيطلبون المزيد منا وسيستغلون ان معنا من تبقى من القبيلتين من العاجزين عن القتال سيكون الضغط اكبر علينا لكن بما اننا اعطينا لهم الكثير من الإبل الآن فلا وجه لهم لاحقا للطلب والا عيرتهم العرب بالبخل.
قال حيدر : هممم اذا هي خمس و عشرون للذهاب وخمس و عشرون للعودة بدفع مقدم.
قال صباح : تماما ، والآن علينا الاسراع قبل ان يسبقنا قطاع طرق للقبيلتين او لا يجدون ما يأكلون فيهلكون.
قال : حسناً.

عند خيمة ضياقة حرب كان ليث يشتكي لعسار قائلا : لماذا لم تدعني اقتله؟ يقول اعطي الشباب فرصة و جميع ابنائك قتلوا في المعارك.
قال عسار : اعلم لا تحتاج ان تقول لي هذا ، هذه اول مرة يقابلني فيها هذا الفتى دون ابيه فاراد ان يختبرني ، انه شاب ذكي لكنه يفتقد الى الخبرة.
قال ليث : عندما يعودون ساختبر قوته.
قال عسار : لا تتهور يا احمق والا اختبرت سيفي على رأسك.. همم؟ ليث.
قال : ماذا؟
قال : هناك في التل خلفنا من يتجسس علينا يبدو لي انه يرتدي قناعا.
قال ليث : نعم لقد كان هنا منذ جاء صباح اليس هو احد اتباعه؟
قال : لست متأكدا لم أرى قناعاً بهذه الزخرفة من قبل ولا قريب منها ، ليث فلتأتني به.
ضحك ليث ضحكة مكتومة متلهفا و قال : بالتأكيد.


مُبْهَمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن