الفصل الحادى والعشرون

3.4K 76 0
                                    

أنهى عز عمله بالفيلا وسلم وردية الحراسة النهارية إلى طاقم الحراسة الليلى ثم ركب سيارته وانطلق بها وعلى وجهه علامات الجمود ممزوج بغضب مكتوم يعتمل داخل صدره

زفر بضيق شاعراً باختناق يكتم على أنفاسه، فتح نافذة السيارة بجانبه ليستنشق نسمات الهواء العليل بقوة لعله يخفف من شعوره بالاختناق ومن وطأة حالة الضيق والإحباط الذى يكتنفه منذ أيام

لايدرى لماذا يشعر بالخواء داخله، لا يرضى عن حياته كلها ... هناك شئ مفقود لا يدرى ماهو؟ ولكنه يحتاجه ويحتاجه بشده

زفر طويلاً وخبط على مقود سيارته بعصبية عدة مرات هاتفاً بانفعال

: فينك يا رابح ... محتاجك جنبى يا صاحبى

جال بخاطره صورة صديقه وحياته الجديدة التى فر إليها مع زوجته ورغم أنه يتمنى له كل التوفيق إلا أنه وجد نفسه يغبطه على ابتعاده عن حياة الخطر والعصابات ووجد نفسه يفكر فى الأسرة التى يسعى فى تكوينها والمصائب التى قد تحدث أن علمت خطيبته بحقيقة مهنته ومصدر أمواله وقد يغدر به شوقى الصيفى بعد حديثهم السابق أو يكشف سره أمام خطيبته

بلغ به القلق مبلغه حين وصل لهذا الاستنتاج ولكنه عاد بعد دقائق يحدث نفسه بلامبالاة بعد أن تبدلت مشاعره كثيراً نحو خطيبته بعد أن اقترب منها وتعرف أكثر على شخصيتها وحبها للمال

لذا حدث نفسه ساخراً "وماذا لو علمت خطيبته بحقيقة عمله ربما تشجعه أكثر لتحقيق أحلامها المادية"

ضحك ساخراً ووبخ نفسه على استمراره معها فى هذه العلاقة رغم معرفته الكاملة بأنها إنسانة مادية وانتهازية أو ربما يكون يظلمها وهى مجرد إنسانة عملية أكثر مما ينبغى ولا مكان للمشاعر عندها وهو يحتاج إلى مشاعر قوية، يحتاج إلى حب وحنان ودفء لم يحظى بهم فى حياته قط

فقد توفت والدته وهو فى الرابعة و زوجة والده كانت امرأة حنونة ولكنها لم تسطع الحياة مع والده المدمن كثيراً وفرت بعد أن وضعت شقيقه ولم يراه بعد ذلك أبداً

زاد اختناقه وهو يجتر ذكرياته البائسة وتملكته الحيرة من مشاعره المختلطة التى تتقافز برأسه وقلبه فتزيده ضيقاً واختناقاً

زاد من سرعه سيارته بجنون يرغب فى الإيواء إلى المنزل لعله يريح أعصابه قليلاً ويستطيع التفكير بهدوء وحده

عند وصوله إلى البناية التى يقطن بها وجد دعاء تقف أمامها فى انتظاره فزفر بحنق متبرماً بخفوت : مش وقتك خالص

ترجل من السيارة وتقدم نحوها قائلاً بضيق واضح

: خير يا دودو فى إيه؟

نبــض خافتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن