الفصل الثامن والعشرين

3K 72 0
                                    

مرت عدة أيام على انتقال رابح إلى السجن التزم فيها بقواعد وضوابط السجن كما ينبغى فهو يسعى إلى الخلاص من هذا الكابوس ولا يرغب فى إثارة أى مشاكل يعود حتى تمر أيام السجن بسلام ويعود إلى حياته الهادئة وزوجته الحبيبة

أفضل أوقاته كانت التى يقضيها فى المسجد أو فى ساحة السجن حيث يقوم بالتمشية تحت أشعة الشمس المشرقة والقيام ببعض التمارين الرياضية كعلاج طبيعى بعد عملية تغير الركبة ليُعيد الحركة الطبيعية إلى ساقه من جديد كما يُدرب قدمه اليمنى ليُخفف من أثر العرج الذى أصابها من الحادث

كما أكد له الطبيب أن عليه ملازمة العلاج الطبيعى والتمارين

الخفيفة وسوف يلاحظ تحسن فى حالة قدمه مع الوقت

كان يقوم بهذا الروتين منذ دخل إلى السجن ولم ينتبه يوماً إلى العيون الغائرة ذات الهالات السوداء المتابعة له منذ ذلك الحين

عيون غائرة تحيطها هالات من السواد فى وجه هزيل شاحب يدل على ضعف صاحبها أو أصابته بمرض ما

أنهى رابح تمشيته اليومية فى ساحة السجن ثم جلس فى الظل يستنشق الهواء العليل ويجرفه الحنين إلى حياته الهادئة وزوجته الجميلة وعمله بالمصنع الذى أحبه وأتقنه

أغمض عينيه مستمتعاً بذكرياته ولم ينتبه إلى صاحب العيون الغائرة الذى تقدم نحوه وركع على ركبته اليمنى بينما اليسرى تشكل زاوية قائمة ومد أصابعه المرتجفة تلمس أصابع رابح السابح فى خيالاته

أجفل من اللمسة الغريبة لأصابعه وسحب يده سريعاً وفتح عينيه بدهشة مالبثت أن تحولت إلى صدمة ممزوجة بالغضب وهو يحملق بالوجه الماثل أمامه للحظات ثقيلة صامتة أصابه خلالها الجمود وكأنه يتأكد من الشخصية التى أمامه أو يتأكد من مكان تواجده

ولكن مالبث أن اندفعت قبضته بوجه الرجل الهزيل فسقط على

ظهره أرضاً بينما نهض رابح سريعاً لينحنى فوق الرجل ويمسك بتلابيبه ثم يرفعه قليلاً عن الأرض ويعاجله بلكمه أخرى هشمت أنفه وقبل أن يُكمل هجومه على الشخص المستسلم له تماماً تجمع حولهم بعض المساجين لفك الاشتباك مع بعض عبارات التهدئة

التى لم تصل لأذنى رابح من فرط انفعاله وغضبه فطوقه أحد

المساجين من الخلف ليبعده عن الرجل الممدد أرضاً

وصل شاويش مع اثنين من العساكر لأستطلاع ما يحدث ولكن

الرجل الهزيل الممدد أرضاً أتكأ على ذراعيه ونهض سريعاً وهو يمسح أثر الدماء النازفة من أنفه واعترف بثبات

: أنا وقعت على الأرض ورابح ساعدنى أقوم

حاول رابح التخلص من يد أحد المساجين القابضة على ذراعه وكاد ينفى هذا الكلام لولا صوت خفيض مس أذنه هامساً بنصح

نبــض خافتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن