26

1.1K 38 17
                                    

لمحةٌ من الماضي ،قبل سنوات وفي أوج سعادتها حين كان والدها يشاركها الأنفاس ،كانت مريضه طريحة الفراش فقامت لشعورها بالغثيان بالبحث عنه وكانت تسمع دندنته وترديده لقصيده دخلت إلى المطبخ حيث مصدر صوته  ووقفت تتأمله وتطرب مسامعها بصوته وهو يغسل الأطباق ويردد :

أحبه ولا ابغضته على شيءٍ يسويه
‏ولا زالت أرقاب الرجا فيه منعاجه

‏عسى منزلٍ ضمه حقوق الوسم تسقيه
‏وتضحك له الدنيا وهو يضحك أحجاجه

‏فقد خاطري شيٍ من الضيقه مسليه
‏وغدت روحي من الناس والليل هجاجه

هيام :يبه
عبدالعزيز : سمي ،شلونك؟
هيام :بطني يوجعني وأحس ...
لم تكمل كلامها حتى تحسس حرارتها :خلينا نروح المستشفى
ذهب لغرفتها وأخرج من خزانتها أثقل اللباس :ألبسي ذي
هيام :بس مو برد
عبدالعزيز :بتبردين
خرج ولم يترك لها فرصه للنقاش فأرتدتها وخرجت لتجده قد أرتدى ثوبه وبيده ربطه شعر ومشط :تعالي أرتب شعرك
هيام :راسي يوجعني
عبدالعزيز :بس بمشطه خفيف
جلست بحضنه فمشط شعرها ولم تكن يد أحن من يده عليها :خلصنا
قامت وأرتدت حذاءها ثم خرجا إلى المستشفى فورده إتصال عند الإستقبال يبدو أنه من بندر :أي أنا دقيت ،مغير كنت بقولك أني بودي هيام المستشفى
بندر :عسى ما شر ؟
عبدالعزيز :مسخنه شوي
نادت الممرضه :هيام عبدالعزيز
عبدالعزيز :يلا بكلمك بعدين ينادون
قام بها إلى غرفة الطبيب فأجرى الفحص عليها ثم قال :الأعراض أشتبهت علي أحتاج تحليل دم ،أسأل الاستقبال ويدلونك على قسم التحاليل
عبدالعزيز :إن شاء الله
خرج إلى الاستقبال :وين قسم التحاليل
الممرضه :تعالوا معاي أنا رايحه له
ذهبا خلفها وفي طريقهم أستوقف عبدالعزيز أحد الأطباء :عبدالعزيز
تجاهله عبدالعزيز وضم هيام إليه أكثر فاستغربت :هذا يناديك
عبدالعزيز :يقصد أحد ثاني
...
مهيار :يزيد ،يزيد
يزيد بنعاس شديد :هاه؟
مهيار :أنا بطلع بدري الدوام
يزيد :مع مين؟
مهيار :مع عمر
يزيد :طيب ،أنا نص ساعه وأقوم
بعد وقت أستيقظ وتجهز ثم ذهب إلى العمل أيضًا وفي طريقه أتصل عليها فلم يكن منها رد فظن أنها مشغوله ،مرت الساعات حتى جاء وقت الإستراحه والتي أصبح يقابلها بها فأرسل لها وأتصل عليها أيضًا ولم ترد بدأ القلق يأكله لذلك أتصل على عمر  فلم يرد هو أيضًا إلى أن وصلته رساله منها :أنا عند أمي لعد تتصل
ارسل لها :ليه شفيك؟
تأخرت بالرد وليتها لم ترد :أبي الطلاق
جُن جنونه من طلبها الغريب وأتصل عليها مرارًا فلم ترد ليسجل لها صوته :وش فيك مهيار وش بلاك ؟ وش طلاق فسري 
لم يتحمل برودها فأتصل على أمها أيضًا وكانت لا ترد لكنه أكثر الإتصال فردت :الو
يزيد :وينكم ؟ شفيها مهيار ؟
أم مهيار :مب بالبيت حنا لا تتعب نفسك
يزيد :طيب وين ؟ تدرين ببنتك أنها تبي الطلاق ولا بس علي هذا الكلام
أم مهيار :بالهداوه يا وليدي
يزيد :وينكم يا عمه تكفين طلبتك علميني
تنهدت وقالت بإستسلام :بالمستشفى
يزيد :أي مستشفى؟
أم مهيار :***
عادت لمهيار بعد أن أغلقت :قلت له
مهيار بتحشرج :ليه؟
أم مهيار :زوجك يا يمه ما يصير ما يعرف
مسحت عينيها حبيبه الدمع :بيجي؟
أم مهيار :ما قلت له كل شي قلت له حنا بالمستشفى أنتِ علميه إذا جا
أغلق هاتفه وقام على عجل واستئذن بالخروج فخرج إلى المستشفى التي هي فيه ويالطول الطريق ويالكثرة الأفكار وجنون الذعر الذي تملكه حتى وصل للأستقبال يستفسر عنها :مهيار بسرعه بسرعه
:مهيار وش؟
يزيد :مافيه أحد أسمه مهيار غيرها
:عندنا مهيار غيرها
يزيد :مهيار طارق
:غرفه أثنين الدور الثاني
ركض للمصعد وضغط الزر أكثر من مرة وكأنه سيُسرع بفعله فكان المصعد في الدور السادس ليغير طريقه ويصعد من الدرج على عجل من يراه يحسبه يسابق ملك الموت في أروقة ذلك المستشفى وصل أخيرًا للغرفة وفتح الباب بقوه :مهيار
نظرت أم مهيار لمهيار ومسحت على فخذها ثم قامت :بترككم وحدكم
ألتزم الصمت حتى خرجت أمها فقال بحده :شفيك؟ وش صاير من الصباح تداومين بدري ما تردين فجأه بالمستشفى وتبين طلاق جننتيني مليون فكره وفكره جتني عنك
التزمت الصمت ولم يتحدث سوى دمعها
أنتبه لبكاءها فمسح وجهه :أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
جلس بجانبها وقال بهدوء وهو يمسح على شعرها :وش بلاك قمرة ليلي؟ خوفتيني عليك معد بقى فيني عقل
مهيار ببكاء شديد وأظافرها مغروسة ببطنها :ما قدرت أصير أم
بقدر ما صُدم وحزن حاول عدم إظهار ذلك لها ومواساتها فحضنها وسكت قليلًا ثم تحدث فهزمته غصته ليقول لها بغصه :البقاء لله ...الله يجعله شفيع لنا ويعوضنا خير
تشعر بفراغ رحمها بعدما كان يحمل دفئًا وحبًا ...وهو كذلك يشعر بفراغ قلبه الذي كان ينتظر دون صبر ،لكنه عاد بأمل جديد كما وعدها :الله يعوضنا بغيره واللي أخير منه
ابتعدت عنه وهي تهز رأسها رفضًا:لا ...ما أبي ما أستاهل أكون سعيده ما أستاهل أكون أم ما قدرت أحافظ عليه خسرته ...خسرته ما قدرت
يزيد :مهيار ماهو بيدك الموضوع هذا تقدير من الله
مهيار :طلقني يزيد
يزيد :علميني ليه مصره عالطلاق؟
مهيار :قلت لك مو مقدر لي أكون سعيده بشيء ، أنا أحبك ما أبيك تشيل همي أنا خلاص ميئوس مني مالي فرح بذي الدنيا
يزيد :طيب أنتِ فرحتي ...بتكسرينها ؟
مهيار :متأكده بتكون سعيد مع غيري مثلًا ...حنين
يزيد :سيبيك من حنين وغيرها ،فيه سبب غير ذا للطلاق صح؟
مهيار :لا
يزيد :طيب ماهو سبب ذا ! زعلانه لأنه ربي ما كتب الحمل الأول يتم عادي عندنا مليون محاوله لو تبين كل سنه أحملي وأشبعي بزران
مهيار ببكاء :ما تفهمني ...
أمسك يديها وسيطر على غضبه قبل أن يثور أكثر :صار لك شي ما تقدرين تحملين؟
مهيار:لا ...بس مقدر أكون سعيده
يزيد :ذي اللحظه بالذات ما بلومك حتى أنا مستحيل أفرح الحين ومستحيل أطلقك ،لأنك بيوم قلتِ لي أبيك تحبني وتبقى معي وأنا على كلمتي
تشبثت بقميصه:يزيد تكفى...
قاطعها وهو يقوم:ترجي من هنا لبكره الطلاق والله ما أنطق به لو تنشق الأرض وتطبق عليها السماء ،وإذا فيك نيه أخلعيني
خرج وتركها في إنهيارها لتدخل أمها :وش صار؟
مهيار ببكاء:ما يبي يطلقني
أم مهيار :حقه يا يمه العصمه بيده يطلق وقت ما يبي
في جهه أخرى خرج من المستشفى دون وعي ضائع كثيرًا ومشتت لا يعرف شيئًا سوى أنه لا يريد التخلي عنها ذهب لأمه لعلها تحل ما فيه من عقد ودخل منزلها بوجه شاحب
أم خلف :شفيك ؟
جلس بجانبها ومسح على رأسه ثم تنهد وقال بصعوبه :مهيار...سقطت
أم خلف :إنا لله وإنا إليه راجعون ،وينها الحين؟
نظر لها وعينيه محمرة من ضيق حاله :مو ذي المشكله ...
وضع رأسه بحجرها وأكمل :تبيني أطلقها
أم خلف :هي سقطت لأنها تبي الطلاق؟
يزيد :تبي الطلاق لأنها سقطت ،مدري ليه رابطه كل حزنها فيني أنا السبب بكل شي وبتكون سعيده إذا طلقتها
أم خلف وهي تلعب بشعره :لا تلومها يا وليدي ولا تشيل هم ،هذي مشاعر اللحظه هي الحين قلبها حزين على ولدها ولا تدري وش تسوي وتغير حالها
يزيد :سهله ...تبقى معاي أنا بسعدها وبغير حالها
أم خلف :طيب وش قلت لها أنت ؟
يزيد :قلت لها لو تنشق الأرض وتنطبق عليها السماء ما بطلقك
أم خلف :إنا لله وإنا إليه راجعون ،كلمها الحين وقل لها أنا داري باللي تحسين فيه وفكرت بكلامك وقته غلط خلينا لين نهدا شوي ونتكلم
يزيد :بتصر على رأيها أعرفها مهيار ،بلحظه كسر تجحد كل النعم الي كانت فيها
أم خلف :أنا وش قلت ؟ قلت أهدوا وتكلموا الحين هي تبكي وأنت زعلان ولا تفكرون إلا بعواطفكم أهدوا وبعدين حلوا الموضوع متأكده نهايته بتقول لك كنت غلطانه لا تطلقني
رفعت رأسه :يلا الحين قم ودني لها
يزيد :بتكلمينها ؟
أم خلف :لا بعزيها ،قم يالله
قام فرن هاتفه وكانت مهيار :مهيار
أم خلف :أفتحه سبيكر
رد عليها :الو
مهيار :بروح بيت أمي
سكت ونظر لأمه فهزت رأسها موافقه ليجيب :طيب
أم خلف بهمس :قول لها تبين شي
يزيد :تبين شي؟
مهيار بتحشرج :لا
يزيد :طيب
أغلق هاتفه ونظر لأمه :شفتي كيف يوم قلت لها تبين شي بكت تبيني أطلقها والله ما أطلقها
أم خلف :ما قالت شي بتروح عند أمها بالعكس أحسن تبعدون عن بعض وتفكرون
أتصلت عليه مرة أخرى فأجاب :الو
مهيار :تعال ...يبونك توقع أوراق الخروج و...
أكملت بغصه :الدفن
يزيد :أبشري
مهيار :ليتك تقول لي أبشري على الطلاق
يزيد :بعدين نتكلم إذا هدينا
أغلق قبل أن يسمح لها بالكلام وقام :يمه باقي من ثيابي عندكم؟
أم مهيار :مدري والله شف غرفتك
دخل لغرفته التي لم يدخلها منذ زواجه بمهيار كانت مرتبة بعناية كأنه يسكنها ورائحة البخور تفوح منها ،تنهد لما تذكره من بساطة حياته و يسرها قبل أن تسرقه مهيار لعالم مجنون البساطه فيه ليس لها لون ،ورغم ذلك هو يحبها وأخر ما يتمناه هو العوده للحياه البسيطه الخاليه من "قمر ليله".
فتح الخزانه ووجد ثوبًا من ثيابه فأرتداه ثم خرج لوالدته :جاهزه؟
أم خلف :أي يلا
يزيد :بعدين قولي لعبير تغسل بدلتي
أم خلف :أبشر
ركبا السياره متجهين إلى المستشفى وكان الصمت حاكم الموقف وملامحهم هي الضيق والذبول ،كانت أم خلف تنظر لإبنها وتود لو أنها لا تزال تسطيع إسعاده بقطعة حلوى كما في طفولته لكنه كُبر كما أحلامه وكبرت معه همومه ،رن منبه هاتفها فالتفت يزيد مستفهمًا :وش ذا ؟
أم خلف :وقت علاجي ،أخذته لكن نسيت أخذ مويا
يزيد :قدام محطه بوقف أعبي بنزين وأشتري لك
أم خلف :طيب
توقف في المحطه ونزل ليشتري الماء بينما هي تراقبه بدموع حنونه ثم خرج بيده صندوق ماء ووضعه في حقيبه السياره فعرفت أنه يقصد أن يتصدق به لتهمس بدعوات أم مستجابه بإذن الله :يارب أنا راضيه عليه فأرضى عليه وتقبل منه وفرج كربته
ركب السياره وفتح علبة الماء ثم مدها لها :سمي بالله
أنتظرها حتى تأخذ دواءها ثم حرك السياره إلى المستشفى وهذه المره دخله بحال أخر بهدوء معاكس لذعره السابق وبحزن يشابه خوفه قبلًا ،وضع الماء عند الأستقبال :ذي صدقه من عبد من عباد الله ،عادي أخليها هنا ؟
:أي عادي الله يتقبل
أخذ بيد أمه إلى المصعد ثم إلى غرفة مهيار فدق الباب ثم فتحه لتدخل أمه قبله :السلام عليكم
أم مهيار:وعليكم السلام والرحمه
استعدلت مهيار بجلستها :وعليكم السلام
أم خلف :أرتاحي وأنا أمك
اقتربت منها وقبلت جبينها ففز قلب مهيار لها وعرفت أن هذه عادة أكتسبها يزيد من أمه ،عاده حاكها قلب أم حنون فأصبحت تحمل الدفء والموده ...ولكنها تريد الفراق الآن ولا مجال لتغيير رأيها
جلست أم خلف على الكرسي :سلامتك يابنيتي ولا قدامك إلا العافيه إن شاء الله ...والضنا غالي أنا داريه لكنه تقدير من ربي إذا شاء أعطى وإذا شاء أخذ ،هو الذي بث فيك هذي الروح وهو الي أخذها منك وهو الي بيبث فيك غيرها إن شاء الله .أنا مثل أمك والله هذي أمك سميه أنا أشوفك بنفس شوفها ولا أبي لك الضيق ولا أبي أشوف منك إلا الصبر هذي هي الحياه مافيه سعاده أبديه إلا بجنات النعيم بإذن الله
كانت مهيار مخفضةً رأسها تداري دمعها طوال حديثها ثم أخيرًا نظرت ليزيد الذي كان ينظر لها ويذوق حزنها كيّات في قلبه ثم قالت بخفوت :إن شاء الله
أم مهيار :تعال أجلس
يزيد :بروح أخلص الأوراق ،تجهزوا على بال ما أجي
أم مهيار :إن شاء الله
خرج ليوقع الأوراق فقامت أم مهيار لتجلب عباءتها :يلا قومي بسم الله يمه البسك
مهيار :ما أبي
أم مهيار :وشلون بتطلعين يمه ،البسي خلينا نروح بيتنا نرتاح أحسن من هالمستشفيات
مهيار بكل فقدان طعم للحياه :ودي اطلع بالكفن
أم مهيار :أعوذ بالله من الشيطان الرجيم الله لا يقولها
أم خلف :بسم الله عليك لو يسمعك يزيد والله أن يزعل
مهيار ببكاء :تكفين أنتِ أمه خليه يطلقني معد أبيه ...قولي له أني عفته ،ما أطيقه ولا أطيق شوفه
نظرت أم خلف لإم مهيار بصمت فبادلتها نفس النظرات ثم تنهدت :البسي عباتك يا يمه وبيصير خير بكلمه وما بيصير إلا الي يسرك
جلست بغية القيام لترتدي عباءتها ثم دخلت الممرضه وفكت المغذي :الف سلامه عليك
التزمت مهيار الصمت فدخل يزيد :خلصت الأوراق
أم مهيار :أجل تعال خلك عندها أنا وأمك بنطلع شوي بنتكلم
خرجتا فاقترب يزيد من مهيار وأمسك بكتفها لكي يساعدها فسحبت نفسها من يده :دامك ما تبي تطلقني مابخليك تلمسني ،بتمل مني وبتطلقني وقتها
يزيد :أني ما المسك هين عندي أنا قلت لو تنشق الأرض وتنطبق عليها السماء وأزيد عليها لو يجتمعون أهل السماء والأرض ويقولون طلقها ما نطقت بالطلاق
مهيار ببكاء:دامني هينه عندك طلقني وش تبي بي تعذبني
حاول إمساك كتفها مرة أخرى:بعدين نتكلم
تجنبته بكل إصرار :قلت لك مارح تلمسني !
قرب الكرسي المتحرك منها فقاومت بصعوبه وجلست عليه ،ليضع يديه على مساند اليد ويهبط لمستواها وينظر لعينيها فلفت وجهها عنه لكنه قال بكل ثقه وتحدي :مردك لحضني ،ومردي أدعيك قمرة ليلي وتجيبين لبيه
في الخارج كان يدور الحوار بين أمهاتهم
أم مهيار :أنا أعرفها بنتي والله أن الي قالته كذب ولافيه أحب لقلبها من يزيد ،أنا ضد طلاقهم
أم خلف :ويزيد مايبي الطلاق أبد ،أنا مثلك والله حتى لو تشادوا بالكلام ويزيد نوى يطلقها أنا ضد هالطلاق ،دامها بتقعد عندك ليني قلبها كلميها منه منه لين ترضى وإن شاء الله يرجعون ويجيبون الي يبونه من العيال سالمين غانمين لكن أهم شي هالفتره ما تصير بينهم مشاحنات البعد بينفعهم شوي
أم مهيار :مره معليك ماني ساكته لذا الموضوع ،وأنتِ شجعي ولدك يراضيها ورد هدايا كذا لين يلين قلبها إن شاء الله وأهم شي بلا مشاحنات
أم خلف :أبشري على خشمي يزيد ماني مخليته يمر يوم إلا وهو مرسل ورد
خرج يزيد يدفع مهيار التي قالت :أمي دفيني أنتِ
دقتها أم خلف لتتعذر فورًا :رقبتي توجعني
خرجوا إلى السياره ليركبن أمهاتهم في الخلف فقالت مهيار :بركب معهم
فتح الباب الأمامي لها :ماني سواق كلكم ورا
حاولت النهوض والركوب بالسياره لكنها لم تستطع فأعاد محاولته لمساعدتها وأعادت هي رفضها :لا تلمسني
نظرت أم مهيار لأم خلف ثم خرجت لتساعدها فقالت :مو كانت رقبتك توجعك ؟
أم مهيار :تهون لجلك يا يايمه
مهيار :أجل ركبيني ورا معكم
ام خلف :رجولي توجعني بمددها ما يكفيك معنا
إبتسم يزيد وهو يعيد الكرسي المتحرك إلى باب المشفى لكل ما يفعلونه من أجلهم ثم عاد إليهم وحرك السياره :وين تبون الحين؟
أم خلف :ود مهيار وأمها لبيت أمها وأنا راجعه البيت عشاكم الليله علي
أم مهيار :لا تكلفين على روحك حنا بنسوي العشا معليك
أم خلف :حنا نسايب ما بيننا
أم مهيار :الله يكرمك يأم خلف
كانت مهيار تشيح بوجهها عن يزيد بكل ما أستطاعت من قوه بينما هو كان مركزًا بالطريق لا يبدي أي إهتمام بما تفعله ،لكن خطر بباله سؤال كان من المفترض أن يكون أول ما سأله لولا أنها لم تعترض بطلبها الطلاق :شلون مات ؟
أم خلف :مين؟
يزيد بغصه:ولدي
أنهارت مهيار تشهق من شدة البكاء لقسوة كلماته على مسامعها ،الموت يُذكر لما كانت بالأمس تحمله بين أحشائها حبًا ومن سمعت نبضه فلم يكن سوى ربيعًا لقلبها وسرعان ما جاء الخريف ليعصف بها ولم تستطع البوح له بالسبب
أم مهيار :طاحت بالدرج
يزيد :أي درج ؟
أم مهيار :درج بيتنا
يزيد :عمر كان معها صح؟
أم خلف :خلاص يا يمه خلاص
يزيد :والله لو أدري أنه هو السبب...
أم خلف بحده :يزيد قلت لك خلاص !
سكت يزيد ومسح عينيه :أعوذ بالله من إبليس
بعد وقت وصلوا إلى البيت فنزلت أم مهيار وساعدت مهيار في النزول
أم خلف :أنزل معهم أفتح لهم الباب
نزل معهم وفتح الباب لتلفت أم مهيار :العلاج نسيته بالسياره
دخلتا قبله فأستقبلهن أبو عمر بقوله :أرحبي يالفاشله حتى ورع ما تعرف تحمل فيه زي الناس ،قدرك الحزام
كان يزيد قد جلب الدواء وسمع ما قاله ليدخل بإندفاع شديد ويقول بكل حقد دفين سكت به عن أبو عمر :خير من ربي أنه حرمنا هالولد لعله كان بيجي شبهك
ثم وضع الأدويه على الطاوله وأقترب منه خطوه وهمس :لو أسمع أنك بس مديت لسانك بس لسانك تمده على زوجتي ما يصير لك خير
أبو عمر :شكلك تبي تاكل عدس
يزيد :أنا الليله ملعون براسي شيطان يبي ياكل عدس وأبيك تذوق أكل المستشفى
هم ليخرج وأكمل :هذا إن ما أنكتب لي أكفنك
خرج يزيد فبلع ريقه ثم التفت لأم مهيار :طلعت له شخصيه هالبريعصي
أم مهيار بحده لأول مره :محنا ناقصينك أنت بعد !
أبو عمر وهو خارج:أنهبلتوا والله
أم مهيار :تبين شي ؟
مهيار وهي ذاهبة لغرفتها :بنام
أم مهيار :طيب
دخلت غرفتها وأغمضت عينيها لتدخل الممرضه تحمل بيدها طفلًا جميلًا ومدته لها :جعله من مواليد السعاده
أخذته بيدها بإستغراب ثم أبتسمت :أنا ولدت ما سقطت !
أنغمرت في الضحك وهي تنظر لطفلها فدخل يزيد مبتسمًا :شلون محمد وأمه
نظرت للطفل قليلًا :محمد !
لتجد السوار بيده مكتوب به محمد فأمسكت يده الصغيره وقبلتها:ولدنا
أخذه يزيد منها وقبل جبينه ثم بدأ يأذن بأذنه فدمعت عينيها وهمست بسعاده :الحمدلله حلم
فدخل والدها وأخذ الطفل من يزيد قسرًا لتصرخ مهيار أثناء محاولتها لحاقه :لا ...ولدي جيبه ...لا تاخذونه ،لا تاخذونه ما مات ! ماهو مثلك ما مات !
تشبثت بيزيد لتقوم وهي تبكي :جيبه ...
تحول كل شي حولها للسواد ولم ترى سوى نورًا صغيرًا كانت تسمع منه : الم (1) ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5).
فتحت عينيها ثم جلست قليلًا و ضمت قدميها وعادت للبكاء ،حتى أحلامها تعاديها وتذكرها بحزنها حتى نومها حرام عليها ،لكن فجأه تذكرت نهاية الحلم وتوقفت عن البكاء كأنها وجدت ضالتها :سورة البقره !
بحثت حولها حتى رأت هاتفها على طاوله بعيده وحاولت النهوض لجلبه فدخلت والدتها :صحيتي
مهيار :جيبي لي الجوال
أم مهيار :أم يزيد جت
مهيار :ما بطلع
أم مهيار :جيتهم عشانك ما بتطلعين ! بيشرهون عليك
مهيار :مالي خلق يمه ،ولا وحده فيهم مرت باللي أمر فيه يشرهون لين يشبعون ماني طالعه
أم مهيار :بس هم يقدرون الي تمرين فيه وجو يشوفونك
مهيار :لو يقدرونه بيعرفون أني ما أبي أحد خصوصًا ولدهم
تنهدت أم مهيار :براحتك
مهيار :جيبي لي الجوال بس
مدت لها الهاتف وخرجت إليهم :نايمه تعبت من تأثير الأدويه حبيبتي هي
أم خلف :نوم العوافي
رن هاتف عبير فردت عليه :الو
يزيد :شفتوها ؟
قامت وأبتعدت عنهم :نايمه
يزيد :كذابه
عبير :وليه أكذب يعني أنا أول وحده دعمت ذا الزواج حتى قبلكم
يزيد :هي كذابه شفتها من الشباك مشغله النور
شهقت عبير :يزيد ! وش موصلك لهالحاله أوفر ،أهجد وأضمن لك ترجع لك عروس نزفها زف
يزيد :ما أبيها عروس أبيها مهيار
عبير :خلاص بس رح أرقد تفشلنا
أغلقت بوجهه فتنهد :وين أروح
أتصل على راجح لعله يجد عنده الحل وبدأ بسرد مشكلته له
...
أستيقظ ولم يجدها بجانبه لأول مره فقام ليبحث عنها وعندما أمسك مقبض الباب للخروج أنفتح الباب ليُصدم كل منهم بالأخر :بسم الله !
تراجعت خطوة للخلف :بسم الله !
روّاف :شفيك؟
غاده بإرتباك :كنت بقومك ،سويت فطور ...
قاطعها بإبتسامه :تسلم يدك
غاده :بس أنحرق خلنا نهرب قبل يشب البيت فينا
روّاف وهو ذاهب للمطبخ:يشب البيت مره وحده !
لحقته :أنتبه !
وجد المطبخ في فوضى عارمة :وش كنتِ بتسوين فطور ؟
غاده :كنت بسوي بان كيك بس لصق بالقدر
روّاف :قدر وبان كيك؟ وينه
أشارت على المغسله :هنا
نظر للقدر :قدر ضغط مره وحده !
غاده :أي أمي تقول كل شي بقدر الضغط ينطبخ أسرع
روّاف :ليه البان كيك كم يحتاج يابعد قلبي؟
غاده :مكتوب بالوصفه ربع ساعه ، بغيت أخلصه قبل تصحى
روّاف :صبيتي الخليط كله هنا ؟
غاده :لا باقي منه
ذهب نحو الفرن وشغله :جيبيه
مدت له حصن الخليط :جيبي زيت
غاده :الزيت مو صحي
روّاف :أهم خطوه هنا الزيت
بحثت في الفوضى التي أفتعلتها حتى وجدته :أنكب نصه
وضع نقطة في المقلاه ووزعها ثم قرب يده ليتحسس الحراره :بتحترق !
روّاف :تبينها صغيره ولا كبيره؟
غاده :أنت كيف تحبها ؟
روّاف :على ذوقك
غاده :أنا مسويه عشانك
صب الخليط بشكل دوائر صغيره :وش تبين نحط عليها ؟
غاده :سويت ذي
إخرجت صحنًا من الثلاجه مقسمًا لأربع مربعات كان فيه مربى و قشطة وعسل وجبنه
روّاف وهو يقلب البان كيك :تسلم يدك
غاده :مره تعبتني
مدت يدها لتريه الجرح :حتى جرحت يدي وأنا أقطع الجبنه
أخذ يدها وقبل جرحها :لا بارك الله بها من جبنه
غاده :يعني مو حلوه ؟
روّاف :لا بالعكس هي ما أحلوت إلا من يدك ،بس لو أنها بتجرحك لا تسوينها
غاده :كنت أبي أفرحك ،كذا تقوم على فطور حلو بس...
نظرت حولها وتنهدت :صار العكس
حضنها روّاف :يا حبيبتي ،أنتِ فرحتي وأنك فكرتي فيني والله أنه يعني لي الدنيا كلها
غاده :وكنت بعد أبي أقول ...
أبتعدت عنه وقامت بداخلها الروح الشاعره التي تشترك فيها مع جهاد لتقول هذه الأبيات :
عرفتك صدفةٍ بيوم من بين الأغراب
وغديت بكل يوم أدور عنك وأحاتي
قربت منك وقلبي من الحب مرتاب
بسبّة بقايا شين التجارب بذكرياتي
لكني فتحت للمحبه بصدري الباب
ولقيت فيك جميع أوصافي ورغباتي

كُن بقربي فإن الروح هائمةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن