كن بقربي فإن الروح هائمةٌ
البارت ٣٠
لمحةٌ من الماضي ،قبل ساعه ...
دخلا المستشفى فنظرت لصقر بحيره :وين نروح؟
صقر :أصبري
أتصل على مصلح :وينكم؟
مصلح :بإنتظار العمليات
صقر :طيب
التفت لهيام :الحقيني
لحقته بصمتها فلما وصلا أستوعبت هيام أنه في العمليه لتتأفف ثم تقول بغصه:ليه تكذبون علي!
مصلح :ما بغيتك تخافين
جلست على كراسي الأنتظار :أنا خفت من كل شيء وشبعت ...
غطت وجهها بيديها وبدأت البكاء فجلس صقر بجانبها :لا تخوفيني
نظرت له لغرابة كلماته فأكمل :ما أبي أشوفك خايفه كذا وأخاف أكثر ...إن شاء الله يطلع بخير
مسحت دموعها وبلعت ريقها والتزمت الصمت لدقائق ثم قالت:علمني كل شيء
صقر :أيش؟
هيام وهي تقشر الدم الجاف على يديها :ابوي وابوك و...
لم تستطع وصفه بخالها فكيف يجرؤ الخال على فعل فعلته الشنيعه !
أخذ نفسًا عميقًا وبدأ يحكي لها مجرى الأحداث وكيف أن علاقة بندر وطارق وعبدالعزيز بدأت أجمل البدايات وأنتهت بذلك الشتات ...
...
بعد ساعه أنقضت تارة ذكره للأحداث وتارة توقفه لشدة بكاءها ،تنهد :ولقيناك بألمانيا
هيام :ليته ذبحني يومها ولا عشت لليوم
صقر :فال الله ولا فالك
هيام بتحشرج :ما تعرف قد أيش أمتلت طفولتي وحياتي بالهم والحزن
صقر :أعرف كل شيء ...شفته بعيون أبوي وتعبه عقبك
هيام :باقي شيء أبي أعرفه ...كيف أبوك يقول عني أني ثقيله عليه وبعدين يتعب ؟
صقر :ما تعرفين بندر آل محسن ؟ ما عمره شافك ثقيله لأنه شالك بمحبة أبوك مب بيدينه
هيام :طيب ليه يقول كذا يوم كلمته ويخليني أحس بثقلي ،قول أنك تدري وأني غلطانه...علمني!
صقر وهو يقوم:بعدين أقول لك
هيام ببكاء :باقي فيها أسرار!
التفت لها :الدكتور طلع
توقفت عن البكاء وقامت
الطبيب بشك:مين أنتم بالنسبه للمصاب؟
هيام :ليه وش فيه؟
صقر:أن...
قاطعه مصلح:أنا محاميه وهذا أخوه ...وهذي اللي دافع عنها ،قدمت الأفاده للشرطه قبل أجي
الطبيب :طيب دام كذا ...المصاب الحمدلله بخير وبحماية الله الأصابه كانت تبعد عن قلبه مسافه بسيطه وكتب له ربي النجاه، يحتاج وقت يقوم من المخدر بالسلامه إن شاء الله
صقر :متى يقوم؟
الطبيب :نص ساعه
جلست هيام تبكي :الحمدلله
تنهد صقر وجلس مرة أخرى وسكت قليلًا ثم قاطع بكاء هيام :تدرين وش بقى لك من أبوك؟
رفعت رأسها :وش؟
صقر :الصندوق الي عطى أبوي لك
هيام :ليه ماقد شفته؟
صقر :قد دخلتي غرفتي؟
بلعت ريقها :لا
صقر :هو هناك
هيام:طيب جيبه
صقر :بعدين
هيام :متى ؟
صقر :خلينا نتطمن على أوس ،ونعدي ذي الليله
هيام وهي تنظر للأمام بفراغ:مارح أقدر أنام ...بعد الي شفته
صقر :أوديك عند عمتك؟
هزت رأسها رفضًا :ما أبيها تعرف الحين ،بعلمها الصبح
نظر لوجهها طويلًا لتستغرب :شفيك؟
صقر :وجهك فيه دم
مسحته بيدها فكان جافًا ولم ينمسح لتقوم :بروح أغسله
دخلت الحمامات وغسلت وجهها ثم أنزلت الطرحه لتنكشف لها رقبتها المحمرة أثر خنقه لها ،وضعت يدها عليها وبكت ،لفراغ في جوفها وخوف في قلبها والأكبر من ذلك شوقها وقهرها على والدها ...قاطع بكاءها دق باب الحمامات وصراخ صقر :هيام
مسحت دموعها وأرتدت طرحتها ثم خرجت :نعم؟
صقر :بيدخلونا عليه
هيام :قام؟
صقر :لا بس كويس
هيام :وش دراك ؟
صقر :الدكتور ،يلا أمشي
دخلا على أوس لتنهار باكية فورًا ويهمس لها صقر :لا تزعجينه نايم ،ترا نومه خفيف
وقفت عند رأسه ونظرت له قليلًا وقلبها يدعو بألا تُفجع به ولا تكون سببًا في فقده ،أقترب منه صقر وأبعد شعره عن وجهه ثم رن هاتفه ليخرج
فبقيت هيام وحدها عنده تتأمل وجهه الشاحب المصفر بدموع:سامحني لأني وصلتك لذا الحال
في الممرات كان صقر يحدث امه التي اتصلت عليه بقلق :اخوك مدري مين دق عليه طلع ومعد رجع !
صقر في محاوله لتخفيف قلقها :وانا اقعد برا البيت أيام ما تسألين عني
أم ثنيان :صقر ! أوس غير ما قد قعد برا البيت يوم
صقر :هو ولدك وانا ماني ولدك
أم ثنيان وهي على حافة البكاء :تطمن لي عليه قلبي ينغزني
تنهد صقر :طيب لحظه عندي مكالمه ثانيه
أغلق قبل أن تقول شيئًا وأتصل على ثنيان الذي كان يسهر مع رتيل يراقبان طفلتيهما بسعادة كسعادة الأطفال باللعبة الجديده
ثنيان وهو ينظر لساعته :رتيل لهم ساعتين وثلاث دقايق ما بكوا !
رتيل :بسم الله شفيهم
وضعت يديها عند انوفهم لتحس بأنفاسهم :مافيهم شيء
رن هاتفه فرد عليه :الو
صقر :ثنيان صاحي ؟
ثنيان :ابو رغد وغلاها لو سمحت
صقر :صاحي ولا لا ؟
ثنيان :منهو الي يكلمك اجل ؟
صقر :طيب رح لأمي
ثنيان :شفيها؟
صقر :أوس ...بالمستشفى ،ما علمتها باقي بس روح عندها اذا علمتها وخلك معها
ثنيان :شفيه ؟
صقر :روح بس بعلمكم بعدين
قام ثنيان بعجل :طيب
رتيل :شفيك؟
ثنيان :يقول أوس بالمستشفى ،ما قال شيء
رتيل بقلق:ياربي ...علمني بعدين
...
قام بعد منتصف الليل ليشرب الماء فلم يراها بجانبه فخرج باحثًا عنها ،ليجدها تدور في الصاله بذعر وتمسك هاتفها
يزيد :شفيك؟
مهيار :للحين ما رجع أبوي ،وما يرد علي
يزيد :يمكن ...يمكن عند أحد يعرفه؟
مهيار وهي تستمر في الدوران:دقيت على هيام هي بعد ما ترد ...خايفه يزيد
تنهد يزيد وأجلسها :أجلسي شوي
مهيار بتحشرج :فيني شعور نفس ذيك الليله
يزيد :كله وهم من نفسك ذيك الليله عدت وراحت
نظر لها قليلًا فرن هاتفه ليقوم وتقوم خلفه مهيار :يمكن هو
يزيد :رقم
مهيار :رد
رد عليه فكان مصلح :الو السلام عليكم
يزيد :وعليكم السلام والرحمه
مصلح :يزيد فهد ؟
يزيد :هالله الله
مصلح:عسى ما أزعجتك هالحزه ،لكن أبسألك نسيبك طارق مسعود صح؟
يزيد :أي
مصلح :إذا بنته حولك لا تبين لها
نظر لمهيار التي كانت تترقب بقلق ولف ظهره :أي ؟
مصلح :الرجال ...راعي سوابق والليله عاد لعوايده وأخذوه للتوقيف ،أنا محامي وبمسك الموضوع الليله وبغطي عليه ولا تشيلون هم بس بعدين لازم تجون تستلمون أغراضه
يزيد :وش سوا؟
مصلح :الصبح إن جيتو بتدري ،مع السلامه
اغلق مصلح ولا يزال يزيد يزيف المحادثه:أي ...لزم إلا تسافرون ،طيب عطني أكلمه ...نايم ؟ نوم العوافي إن شاء الله يلا توصلون بالسلامه مع السلامه ...الله يسلمك
التفت لمهيار فقالت :وش ؟
يزيد :سافر مع خويه
مهيار :وين؟
سكت قليلًا ثم قال :الامارات
مهيار :ليه بيسافر ؟
يزيد :يمكن بيزور أحد معارفه ،لا تشيلين هم خلاص
عقدت حاجبيها مستفهمه :ووش عرف خويه برقمك ؟
يزيد:فتح جوال أبوك لقى رقمي ورقمك ورقم هيام ،أنا الرجال الوحيد دق علي
تنهدت مهيار :صح ...بس كان علمني
أخذ هاتفها من يدها ووضعه على الطاوله :يلا خلاص مهيار خلينا ننام والصبح خير
مهيار :فيه شيء بقلبي يزيد
حاوط كتفيها :تعوذي من أبليس وأقري أذكارك ونامي ماعاد صار نومك نوم
أبعد يده عن كتفيها لتجلس على السرير ويغطيها باللحاف ثم يلف ظهره ليذهب فقالت :وين بتروح ؟
يزيد :بشرب مويا
مهيار :طيب
ذهب للمطبخ وصب كوب الماء فحدق به طويلًا ،يفكر بما يحمله لزوجته من أخبار ...يؤسفه أن يكون بابًا لحزنها ، ويخيفه أن تعود لهجرها كما سابقًا أستند بيديه على الطاوله وتنهد :يارب أستر
شرب الماء دفعة واحده ووضع الكوب ثم عاد لها ليجدها تعاود الأتصال :خلاص مهيار!
مهيار :اخر مره بجرب
جلس بجانبها وأخذ الهاتف :من الصباح صاحيه ما جلستي ريحي شوي ،أبوك بيطلع بيشوف حياته
لمعت عينيها وهي تنظر له :يعني بيتركني مره ثانيه؟
أدرك ما قاله فتنهد :يعني ...بيسترجع ذكراياته ،ولا كيف يتركك نامي أحسن والصبح نشوف له
تنهدت وأستلقت معطيته ظهرها وتواجه زاوية أفكارها المتوحشه ،جلست فجأه وقالت بتحشرج :يزيد ...يمكن ،يعني هو قتل شخص قبل ...يمكن فيه أحد يكرهه ينتظره
جلس وأمسك يديها :مستحيل يصير ذا الشيء محد بيبقى بقلبه حقد كل ذي السنين...وحتى لو بقى مارح ينفذ حقده من أول ليله
مهيار :كل شيء متوقع
دمعت عينيها :ما أبي أسمع شيء سيء
مسح دموعها:بعدين مهيار بالعقل أول شيء أبوك قاله لك وش؟
مهيار :وش؟
يزيد :مو قالك عن قصته وطلبك تدورين هيام وتطلبين سماحها؟ أبوك يعرف الي ضده واللي معه
مهيار :يمكن الموضوع أكبر مني وما يبي يدخلني فيه وهيام بعد ما ترد مستحيل تكون صدفه
يزيد :نايمه البنت أكيد
أستلقى وأخذها بين أحضانه :نامي أنتِ الحين...تحتاجين طاقه بكره
مهيار :ليه؟
يزيد :الدوام
تنهدت مهيار :يارب يرد الصبح
...
في ذات الليله وفي أروقة المشفى ،دخلت أم ثنيان بخطوات عجله يخطوها القلق على أوس ،أبنها الوحيد الذي لا تراه قد كبر أبنها الذي توقف عمره عند التاسعه ولا يزال يحتاج لها في كل شأن :وينه وينه؟
وقف صقر أمامها:صلي عالنبي
أم ثنيان :صقر ...لا تقول لي صار له شيء ما أتحمل
صقر :مافيه إلا العافيه
أم ثنيان :طيب ليه ما تخليني أدخل !
صقر:الدكتور عنده يشوفه
جلست على الكراسي وأمسكت رأسها :يارب سترك
ثنيان لصقر:وش صار ؟
صقر :اصابة رصاصه
أنتبهت أم ثنيان لجلوس هيام مقابلها :وهذي وش تسوي هنا ؟
قامت واقتربت منها فرأت الدم على كمي سترتها البيضا :هذا دم ولدي ؟
غطت كمي الستره بعباءتها
فصرخت أم ثنيان :إلى متى وأنتِ بلا على روسنا
صقر :يمه
أم ثنيان :وش يمه ! كله بسببها كل مصيبه من تحت راسها الحيه ذي
سحبها صقر بعيدًا عنهم :ماهو وقت ذا الكلام
أم ثنيان :متى وقته ؟ ذا قتلتكم كلكم
صقر بحده :ترا لولا الله ثم هي كان الصبح الناس يعزونك بأثنين من عيالك مغير أحمدي ربك أنها كانت موجوده
أم ثنيان :ما أختلفنا سوت خير بس لا تنسى هي سبب موت ابوها وسبب موت ابوك والحين سبب اللي صار بأوس وأنت جايك الدور وكلنا جاينا هذي البنت بنت حرام كل بلا من تحت راسها
صقر :ماهي بنت حرام أبوها معروف وأمها معروفه
أم ثنيان :ياربي أنا وش سويت عشان ربي يبلاني فيها ويبلاني بولدين يدافعون عنها ! قول أنك تحبها بعد وتكمل المصيبه
أنفجر صقر بسره :نسيتي وش سويتي بسرعه !
أم ثنيان بغير إستيعاب :وش سويت؟
تلفت صقر حوله ثم أقترب منها وهمس :شفتك يوم دقيتي عليها وخليتيها تسمع كلام ماهو عنها ،من بعدك أبوي حاله بتدهور لين مات
أم ثنيان وفكها يرجف خوفًا :ماله دخل مال...
قاطعها صقر :كل شيء يصير الحين مردود لأفعالك وظلمك
أم ثنيان :صقر ! أنا أمك كيف تقول عني كذا
صقر وهو ذاهب :وهو زوجك وأبوي
عاد صقر لمنطقه الانتظار فلم تكن هيام هناك :وينها؟
ثنيان :وين أمي؟
صقر :وراي،وين هيام؟
ثنيان :طلعت
خرج ركضًا لعله يلحقها فوجدها تؤشر لتاكسي :هيام
لم تلتفت له فوقف أمامها وأشار للتاكسي بالذهاب :خلاص هي معاي
هيام :ليش!
صقر:وش تسوين ؟
هيام :بروح
صقر :عشان كلام أمي صح؟
هيام:لا
صقر :تراها ما تقصد ولا تعرف شيء و...
هيام :عارفه ،بس أم وعيالها مالي مكان بينكم
صقر :لك مكان فوقهم كلهم
بلعت ريقها لشُبهة ما قاله لكنها رقعها بقوله :بندر يشوف بنت عبدالعزيز فوق الكل
تنهدت هيام :وبندر ما يرضى اهله يتفرقون ،ما أبي أكون سبب هواشكم خصوصًا أمك لازم ترضيها
صقر :ما يعرفون شيء هم
هيام :أنا ماني شايله بخاطري على أحد لكن...تعبت أبي البيت
صقر :أنا بوديك
هيام :خلك عند أوس
صقر :ثنيان وأمي عنده
هيام :بروح مع تاكسي
صقر :بذا الليل ؟
مشى أمامها وقد قضى الأمر بقوله :أنا بوديك امشي
لم يكن منها سوى أنا تلحقه بصمت
في السياره كان يقود بصمت وهي تشاركه الصمت وكذلك الكلام الذي يدور في خلدها تشجعت وقالت :ودن...
قال صقر في ذات اللحظه :بيت...
صقر:أيش؟
هيام:قول
صقر :أقول بيتك ما يناسب تنامين فيه الليله
هيام :عشان كذا كنت بقول ودني لعمتي
صقر :تمام
بعد وقت عند بيت عمتها نزلت ودقت الباب ثم التفتت خلفها وإذ بصقر لا يزال ينتظر :ليه ما رحت؟
صقر :بنتظر يفتحون
عادت لدق الباب فقالت ورد :مين؟
هيام :أنا
فتحت الباب لها :خرعتيني بذا الليل
هيام :عمتي صاحيه؟
ورد :لا
تنهدت براحه :كويس
ورد :ليه وش فيه؟
هيام :مافيه شيء خلينا ندخل
أغلقت ورد الباب ومشت أمام هيام فأمسكت هيام يدها :أبي لبس للنوم وقصاصه أظافر
ورد :طيب تعالي
دخلت بها إلى غرفتها وفتحت الخزانه لتنتقي لها الملابس:تبين ذي؟
نظرت لها هيام قليلًا ثم قالت :أبي شيء يغطي رقبتي
ورد :فيه شيء؟
هيام :لا
أغلقت ورد الخزانه وأتكئت عليها :إلا فيه شيء ،للحين ما حطيتي عبايتك وطلباتك غريبه تبين قصاصه أظافر وبجامه تغطي رقبتك ووجهك أصلًا متغير ،وش صار ؟
هيام :ماهو شيء مهم
ورد :أدق على صقر أسأله؟
هيام :وش دخله؟
ورد :شفته عند الباب
تنهدت هيام ونزعت عباءتها لينكشف لورد الدم الذي على ملابسها ففتحت ورد فمها بصدمه :هذا ...دم ،دم أيش هذا؟
أغرورقت عيناها وسكتت قليلًا ثم بكت :أوس
جلست على السرير وبكت بشدة فجلست ورد بجانبها وقالت بتحشرج :بسم الله عليك
أنتبهت لرقبتها :ووش ذا برقبتك؟ وش صار؟
هيام :اللي قتل أبوي ...بغى يقتلني وبغى ...يقتل أوس
ورد :عرفتيه؟
هزت رأسها إيجابًا طلع ...خالي
ورد :خالك !
هيام :تعرفين؟
ورد :لا
تنهدت هيام وقامت :بغير وبقول لك كل شيء
قامت ورد وفتحت الخزانه ومدت لها بجامة :ذي كويسه؟
هيام وهي تأخذها :أي
...
أغمضت عينيها ليتكرر عليها ذات الحلم ،ولادتها ورؤيتها لطفلها وسعادتها مع يزيد عدا تغيرين فقط سمت طفلها غير محمد ولم يدخل والدها ليسرقه منها لكن الظلام الذي بالنهايه كان نفسه والصوت الذي يردد سورة البقره كان نفسه والفرق أنه يقول :التزمتي بالبقره وأنصرف الشر عنك ،لا تهجرين القرآن ،لا تهجرينه ،لا تهجرينه ...
حل الصباح أخيرًا ،أستيقظت بقلق حول والدها وكذلك تكرار الحلم ونهايته الغير متوقعه بحثت عن يزيد فلم تجده وخرجت فكان يجلس مرتديًا ثوبه لا زي العمل فبلعت ريقها :شفيك؟
يزيد :هاه؟
مهيار :ليه مو لابس لبس الدوام؟
يزيد :تبين تفطرين؟ روحي صلي أول وخلينا نفطر
تنهدت بإستسلام وذهبت لتصلي ثم عادت بعد الصلاه :يزيد فيك شيء قول لي
يزيد :لا مافيني شيء ،خلينا نفطر ونطلع
مهيار :وين؟
يزيد :للدوام
مهيار :طيب ليه مو لابس؟
يزيد :لبسي بالمغسله بجيبه بالطريق
مهيار :كذاب ...أنا غسلته لك
يزيد :الثاني
مهيار :كلهم الأثنين غسلتهم أمس
يزيد :تعالي أفطري
جلست على الطاوله ونظرت لما حضره فقال :ماني مسوي شيء محروق جمعت الأشياء الي بالثلاجه وحطيتها ،تبين لبنه ولا جبنه؟
مهيار :أي شيء
بعد الأفطار والذي كان صامتًا لقلق مهيار ولترتيب يزيد كلامه سحب كرسيه ولاصقه في كرسيها فقالت بغصه :أكره جلسة المطبخ ذي
أمسك يديها وتنهد :صدقيني ما كنت بخبي ذا الشي بس مجبور
مهيار :وش؟
يزيد :البارح ذاك الي دق علي ماهو صديق أبوك
أنفجرت باكيه :كنت عارفه
مسح على شعرها:أسمعيني مهيار أصبري
مهيار :وينه أجل؟
يزيد :شر وأنصرف عنا
فز قلبها لنفس ما رأته في المنام :كيف شر؟
يزيد :أبوك بالتوقيف
مهيار :وش مسوي؟
يزيد :مدري ،يبونا نروح نستلم أغراضه وينقلونه السجن
تنهدت مهيار وقالت :الحمدلله على كل حال
أستغرب يزيد عدم بكاءها:شفيك؟
مهيار :تذكر الحلم الي قلت لك حلمته وصرت أقرا سورة البقره؟
يزيد :أي
مهيار :البارح حلمت نفسه ...
بلعت ريقها وأكملت :بس الفرق أنه أبوي ما أخذ ولدي وأني سميته غير محمد ،وكان ولد ثاني غير اللي أخذه أول حتى عنده شامه بوجهه...بس الظلام نفسه والصوت نفسه قال لي التزمتي بالبقره وصرفنا عنك الشر
نظرت لعينيه وأكملت بغصه :إن شاء الله ربي يعوضني بولد عن أبوي مثل ما عوضني فيك
قبل يزيد جبينها وحضنها :تستاهلين كل العوض
أبتعدت عنه ومسحت دموعها :خلنا نروح
بعد وقت في التوقيف أخذت مهيار أغراض والدها وعرفت ما فعله من مصلح الذي ظن أنها عندما تعرف لن تطلب رؤيته ولكنها أرادت ذلك رغم كل شيء ولم تسمح حتى ليزيد بأن يكون معها
دخل ويداه مقيدتان وجلس :كنت عارف أنك بتجين ،تراهم ظلموني أنا مو هنا مكاني...
قاطعته مهيار :أنت ظلمتني يوم أخذتني سبيل عشان مصالحك
طارق :أنا ؟ كيف بظلمك أنتِ بنتي
مهيار :أبوي مات قبل ١٦ سنه
طارق :مهيار أنا أبوك أنا !
مهيار بتحشرج:طول عمري كنت أقول للناس أني مدري عنك حي ولا ميت ،بس الحين أنا بسمح لهم يعزوني فيك
بلع طارق ريقه :علموك أنهم ...بيحاكموني ،يمكن ...يقصون فيني؟
مهيار :أي ...ما بخليهم يعزوني فيك ميت اليوم ،أنت ميت من ١٦ سنه
قامت وتركته يصرخ خلفها بهستيريه :مهيار ! أنا آسف مهيار ،ما أقوى على زعلك
خرجت ولم تذرف عنده دمعة واحده :يلا نروح
يزيد :وش صار؟
مهيار :يلا يزيد ،ودني لهيام
خرجا إلى السياره وهي لا تزال بصمتها حتى منتصف الطريق أنفجرت باكيه ،فتوقف يزيد جانبًا لتعاتبه مهيار ببكاء :شفيك وقفت كمل أمش!
يزيد وهو يمسح دموعها :دموعك نقطه ضعفي
أرتمت في حضنه وقالت ببكاء :عزني فيه ...له ١٦ سنه ميت ...وأنا توني دريت
يزيد :مهيا...
قاطعته :أبيك تكون أول من يعزيني
تنهد وقال رغمًا عنه :عظم الله أجرك
بكت على كتفه قليلًا ثم رن هاتفها لتبتعد عنه وتنظر للأسم :هيام !
غطت عينيها وقالت بغصه :مدري وش أقول لها ...
يزيد :ماهو غلطك ،بس خليك معاها
مهيار :لا غلطي أنا حسنت سمعته بعينها
يزيد :حتى أنتِ ما كنتِ تدرين
أمسك يدها وأكمل :لا تحملين نفسك فوق طاقتها
تنهدت وردت عليها :الو
...
أستيقظ وجسمه مثقل،فتح تلك الجفون بصعوبه ولف رأسه يمينًا ليجدها تجلس عنده ،وقفت فور ألتفاته لها :صحيت ...تسمعني أوس؟
هز رأسه بصعوبه وفتح فاه ليجمع الكلمات ثم قال بصوت مبحوح :وش جابك؟
توق :سمعت باللي صار فيك ...بس ماني مصدقه
أوس بإستذكار :اللي صار ...
نظر للأعلى وعقد حاجبيه ثم فز رغم تعبه :هيام !
توق :أوس أجلس
أوس :هيام وش صار لها ؟
توق :بخير
أوس :وش دراك؟
توق :شفتها وهي طالعه مع صقر الفجر
أوس :متأكده؟
توق :أي
سكت قليلًا ثم قال :وش جابك؟
توق :صديقتي تشتغل هنا ،قالت لي أنه واحد من آل محسن جاهم أنصاب برصاص
بلعت ريقها وأكملت :سألتها عن الأسم قالت أنه أنت وجيت
أوس :الحين ...الساعه كم؟
توق :سته ...وش صار لك كذا؟
أوس :مدري ...فجأه صقر دق علي وقال لي رح لبيت هيام ،فتحت الباب وبعدها ...ما أذكر شيء
توق :هيام سوت كذا؟
أوس :لا ...رجال
توق :يعني صار لك كذا عشانها ...ترا الدكتور يقول لو الرصاصه نزلت كم سانتي بس كان صابت قلبك
وضع يده على مكان الأصابه وقال :فداها
توق : وينها عنك الحين ؟ أنصبت وبغيت تموت وتقول فداها وهي طالعه مع صقر وتشوفه هو البطل
أوس :أكيد تعبانه وأن شاء الله أنها بخير
توق :أنا ما أقول كذا لأني ...كنت أحبك بس...وسع منظورك أوس شوف محيط هيام ،منت الأول بحياتها ولا توصل للي تسويه عشانها
بلع ريقه :توق ماهو وقت كلامك
توق :وقته ونص ،أنت تهلك روحك على وحده ماهي حولك
أوس :وأنتِ تهلكين نفسك وراي
قامت توق :أنا عارفه أنك ما تبيني وأحاول أنساك بس أنت عايش بوهم...كأنك ترسم على الهوا
خرجت وتركته يحتار في الحقيقه ،يشعر بصدقها ولا يود تصديقها ...ليس معقولًا أنه يحارب ويناضل لأجلها وأخيرًا تُسرق منه والسارق أخوه !
غطى عينيه وتنهد بتعب ففُتح الباب لينظر إلى الداخل فكانت هيام ،وقد جاءت لتنفي ما سمعه من توق بخوفها الواضح عليه :صحيت !
أوس وهو يحاول الجلوس :شلونك؟
هيام :أرتاح
إستلقى ونظر لوجهها :ما صار لك شيء صح؟
هيام :لا بس...
أكملت بتحشرج :خفت عليك
أوس ويقصد في كلامه مقصدين :لولا الله ثم أنتِ ماني حي
هيام :لولا الله ثم صقر ...أنا نسيت كل شيء وهو ذكرني أدق عالاسعاف
بدا ما طرحته توق من شكوك يتوارى له ،ترا البطوله لصقر وتجحد نفسها ،تنهد وقال :وش اللي كان يصير ومين ذاك؟
هيام :هذاك ...هو اللي قتل أبوي
أوس :حاقد؟
هيام :أي
أوس :الحين وش صار؟
هيام :مدري ...الشرطه جو وأخذوه
سكتت قليلًا ثم قالت بتحشرج :تدري أنه ...خالي؟
أوس :خالك قت...
سكت قبل أن يكمل لظنه أنه سجرحها فأكملت هي :قتل أبوي ...وبكلمتين سامحته ودخلته بيتي وسوا اللي سواه فيك
دفنت وجهها بكفيها :طول عمري الي يقرب مني يتأذى
أوس :تقصديني؟
هيام :أنت وكل اللي حولي
جلس أوس رغم تألمه وأخذ نفسًا عميقًا :أنا بخير ما جاني شيء
هيام :ترا لو الرصاصه ...
أكمل قبلها :نزلت كم سانتي كان مت
هيام ببكاء:شفت ...كان شخص ثاني رح يموت بسببي ،ما كنت رح أتحمل لو فقدتك بعد
أوس :أنا بخير هيام بس ...بكاك يضايقني
مسحت دموعها وأخذت نفسًا عميقًا فقال :أهلي ما يدرون؟
هيام بإستغراب :أي ...من البارح وهم عندك وصحيت وشفتهم
أوس :ما أذكر
بلعت ريقها :أقول للدكتور؟
دخل الطبيب قبل أن تقوم :صحيت
أوس :أي
هيام :ما يذكر أنه صحى الفجر
الطبيب :لمى صحى كان تحت تأثير المخدر وكانت دقائق معدوده ما مداه يستوعب عشان يذكر
هيام :طيب وش يعني؟
الطبيب :حالة تشبه الحالات الي نشوفها بمخدر غاز الضحك ناقشتها مع دكتور التخدير قال طبيعي
تنهدت هيام :تمام
كشف الطبيب على أوس ثم قال:بكره إن شاء الله خروج
أوس :يعطيك العافيه
الطبيب :الله يعافيك
جلست هيام حالما خرج فقال أوس :لا تقولين لأحد أني ما اذكر
هيام :تمام
دخل صقر :أنتِ هنا ...مين جابك ؟
هيام :ورد
أخر هاتفها من جيبه :هذا جوالك؟
هيام وهي تأخذه:أي
سحب كرسي أخر وجلس عليه:لقيته بالبيت
أوس :بيت مين؟
صقر :بيتها
قامت هيام :أنا بروح
صقر وأوس بنفس الوقت :وين ؟
هيام :عند نجد
أوس :أنتبهي لنفسك
صقر :أنت اللي لازم ينتبه لنفسه
أوس :وش قصة خالها؟
صقر وهو يقوم:قصه طويله تعافى وبعلمك بعدين
أوس :وين؟
صقر :شغل ،بيجونك اهلي بعد شوي
خرج صقر فأغمض أوس عينيه لينام قليلًا متجاهلًا تقلبات الأمور في عالمه
...
في الحديقه وعلى الأراجيح
نجد بعد أن حكت لها هيام كل شيء :وعمتك باقي ما علمتيها؟
هيام :لا
نجد :ياحبيبة قلبي
هيام :مقدر أخبي وقت طويل ولا أقدر أقول لها
سكتت نجد قليلًا ثم قالت :ومهيار ! ما قابلتيها؟
هيام بتحشرج :ولا قابلتها ،مدري كيف أقول لها أبوك راح للسجن بسببي ...يعني حتى مو المصحه لا السجن
نجد :بغى يذبحك وتقولين بسببك!
هيام :أكيد مهيار بتشوف أنه بسببي
نجد:طيب وش بتسوين؟
هيام :مدري
سكتت قليلًا ثم رفعت هاتفها وأتصلت على مهيار :الو
هيام :مين؟
أشارت لها نجد بالسكوت :أي ،أبي أقابلك ...لا لحالي بجي يلا مع السلامه
هيام :تقابلين مين
قامت نجد :مهيار
هيام :نجد !
نجد :أنا بحل موضوع مهيار وأنتِ عمتك خلينا نعيش أحرار مره وحده!
هيام :طيب تكفين لو ما تدري لا تعلمينها خليني أنا أقول لها
نجد :يلا روحي لعمتك
هيام :بس...
نجد :يلا هيام!
تنهدت وقامت لتركب سيارتها فرن هاتفها وكان صقر :الو
صقر :وينك؟
هيام :بالبيت
صقر :بيتك؟
هيام :بيت عمتي ،وش تبي؟
تنحنح :بس اسأل ...
هيام :طيب بقفل
صقر :أنتبهي لنفسك
هيام :طيب
أغلقت هاتفها وبلعت ريقها ثم قادت السياره حتى منزل عمتها ودخلت :عمه
أم ورد :هلا يا روح عمتها ...غريبه جيتي بدري
هيام وقد أغرورقت عينيها :أبي أقول لك شيء
أم ورد :تعالي
جلست بجانبها فحاوطت كتفيها بعطف :وش مبكي عيون نجلاء؟
أخذت نفسًا عميقًا ثم قالت :بس قبل ...متأكده ما تعرفين مين اللي قتل أبوي؟
أم ورد :لا والله يا روح روحي ما أدري
أمالت هيام شفتيها ثم قالت :أنا أدري
أم ورد بضيق:مين؟
نظرت هيام لوجهها :خالي ...طارق
بلعت ريقها :مين قال لك؟
هيام :تعرفين؟
أم ورد :لا ...توني أعرف منك ،مين قال لك ذا الكلام؟
هيام :تذكرين مهيار الي كلمتك عنها ...طلعت بنته وقايلته وقال لي كل شيء ،كان بمصحه لأنه ...قتل أبوي
أم ورد :يمكن كذب هيام ...خالك دكتور وأقرب الناس لأبوك
هيام وصوتها يرتجف :يا ليته كذب... وأنا يوم دريت سامحته وأمس...
بلعت ريقها وأستجمعت كل قواها:جاني البيت و...
كشفت عن رقبتها لعمتها وقالت بتحشرج:بغى يقتلني
شهقت وقالت برجفه :ياروح روحي ليه ما تقولين لي !
هيام :كنت خايفه
عانقتها ومسحت على شعرها :لو صار لك شيء ما كنت بسامح نفسي
ابتعدت عنها هيام وقالت ببكاء :أنا المفروض ما أسامح نفسي ...كيف سامحت الشخص الي قتل أبوي
أمسكت أم ورد يديها :لا تلومين نفسك،أنا أدري بك فاقده الحنان ،وأنا ما جيتك وعطيتك حاجتك آسفه لأني تأخرت
عانقتها هيام :أهم شيء خليك معاي
أم ورد :طبعًا أنا معاك ،وأنتِ عندي أحب لي من ورد وناصر
...
في مكان أخر وهو بيت مهيار كانت نجد لها زائره:شلونك؟
مهيار :شلون هيام؟
نجد :كويسه الحمدلله
مهيار :منجد؟
نجد :والله
تنهدت مهيار :أحس نفسي متفشله منها
نجد :هي تبي تكلمك بس ماكانت متأكده أنك ...
مهيار :أعرف
نجد :أجل تشجعي وقابليها
مهيار :ما أقدر
نجد :طيب أخليها هي تقابلك؟
مهيار :لا ...أحتاج وقت أرتب كلامي
نجد :مو لازم ترتيب كلام
مهيار :خليه يمر وقت
نجد :وبتجلسون كذا سنين
مهيار :توه ما مر يوم
نجد :طيب أحسن من أول يوم حلوها
مهيار :ما أدري أحس الوضع ماهو مفهوم
قامت نجد :يومين لو ما حليتو المشكله أنا بتدخل ،كلكم صديقاتي وفوق ذا بنات خال ولا أرضى تنتهون كذا كل وحده قاعده بزاويه تتحسف وسرى الليل وحنا ما سرينا
مهيار :عطينا وقت
نجد :لا يهجر المسلم أخاه المسلم أكثر من ثلاثه أيام اليوم مر يوم باقي يومين
مهيار :بس أحنا مو هاجرين بعض
نجد :ما تكلمون بعض ما تتقابلون هذا وش؟
تنهدت مهيار :تمام
نجد :يلا أنا طالعه تبين شيء؟
مهيار:حياك
...
دخل صقر للمنزل فأستغربت والدته مجيئه المبكر :عسى ما شر جاي بدري؟
تجاهلها ودخل غرفته وأخذ الصندوق المأمون عنده والذي هو بكل بساطة يضعه على طاولته لعدم تجرئ أحد على دخول غرفته تقدم نحو الباب ثم توقف حيرة ونظر للصندوق وفتحه ...
ثم أغلقه كأن لم يكن وخرج به ليرد الأمانه إلى صاحبتها ؛هيام
أتصل عليها فأستغربت إتصاله المتكرر :شفيك؟
صقر :فاضيه؟
هيام :أي
صقر :تبين صندوق أبوك ؟
فزت من مكانها :أي أبيه وينك؟
صقر :برا
هيام :عند بيت عمتي؟
صقر :أي
هيام :جايتك
أرتدت نعليها وعباءتها وخرجت إليه على عجل :وينه؟
صقر :شلونك؟
هيام :مو مهم أبي الصندوق
تنهد وأخذه من الكرسي المجاور ومده لها :هنا أنتهى دوري بالقصه
هيام وهي تنظر للصندوق بيت يديها :القصه الي أنتهت
نظرت له نظرة سريعه ثم ذهبت وتركته يتفكر في ما قالت ،أهي تعني أنه لم ينتهي عندها أم أن لها مقصدًا أخر غير الذي يريد قلبه
بلع ريقه وأستجمع شتاته ثم حرك السياره ذاهبًا لا يدري أي تقوده نفسه
في الداخل دخلت الغرفه التي هي معدة لها في منزل عمتها وجلست على الأرض مستندة على السرير تفتش الصندوق فكان به صندوق صغير أحمر وهو أول ما لفت إنتباهها فتحته فكان عقدًا من الذهب لم تعرف هو يعود لمن لكن قلبها أخبرها بأنه لأمها ،تأملته قليلًا وفي بالها صور عن مدى جمال العقد على جيد والدتها ،بلعت غصتها ووضعته جانبًا ثم نظرت للصندوق لتقع عينها على حزمة من الظروف مربوطة بشريط ،أخذتها وفتحت الشريط ليظهر لها عنوان أول ظرف :من عبدالعزيز إلى ابنتي هيام .
أنهمرت دموعها كالمطر ،كلمات بخط والدها إليها خصيصًا فتحت الظرف ويداها ترتجف لتقرأ المكتوب بعينيها المغرورقه :
بسم الله الرحمن الرحيم
يا حبيبة والدها ؛
لسبب ما أعتقد أن عمري معك لن يطول ،وأن يومي قبل يومك بأمد طويل وأنني لن أستطيع أن أقص لأحفادي ما جرى بيني وبين أمك وبعد ذلك معك من الحوادث .ولذلك بدأً من اليوم من يوم ميلادك أكتب لك ما يمر بنا فإن أطال الله في عمري أعطيتك أنا وكانت لكِ مذكرات من يدي ،وإن لم يطل عمري فلتكن ذكرىً حلوة لأبنتي ومواساة لها بخط يدي ،فهذه حكايات لك منك وإليك فعسى أن تقرأيها وأنت تتوهجين فرحًا يا هيام قلبي .
أنت تقرأ
كُن بقربي فإن الروح هائمة
Romanceبعد سنوات من الغربه وسنوات ضاعت في الهروب من الأحزان،نعود لنفس الديار ظنًا منا أننا سنبدأ بدايه جديده ،أمل جديد،حياة جديده،أحباب جدد...ولكن ! يالعثرات الماضي تلاحقنا بكل درب ،وتهزمنا في كل كرب ،وتخيفنا مما هو مجهول ... ٢٠٢٣/٢/٢٦