لمحةٌ من الماضي
طُرق باب بيتها في منتصف الليل ففزعت وقامت لتفتح :مين؟
عبدالعزيز :أخوك
فتحت وتنهدت:الله يهداك وش جايبك هالحزه ؟
عبدالعزيز :بقول لك شي
عزيزه (أم ورد ) :ادخل
دخل معها فجلسا ليقول :وين زوجك؟
عزيزه :طالع عزيمه
عبدالعزيز :ماني مطول سوي لي قهوه من حقتكم ذيك وبقول الي عندي وبمشي
عزيزه :سوريه ؟
عبدالعزيز :أي
ذهبت إلى المطبخ وحضرت القهوه ثم عادت بها له :وين بنتك؟
عبدالعزيز :عند بندر
عزيزه :توديها عنده أكثر من عندي ،ما كني عمتها وبحطها بعيوني
أرتشف من القهوه وتنهد :تلعب مع بناته بسنها كلهم ،أنتِ ما عندك إلا ناصر ماهو على جوها
عزيزه :أهم شي أنها بخير
عبدالعزيز :الحمدلله
وضع الفنجان بعد أن أنهاه على رشفتين :مدري وشلون أبدا ...بس أحس أني متضايق غير عن كل مره
...
هزت رأسها موافقة بصمت وأستمر صمتها فوصلها صوت يردد أبياتًا قد أدفئت أذنها قبل أعوام ! طيف زارها لوالدها يردد الأبيات ذاتها ويقودها إلى المصدر الصوت أثناء تغني قلبها الحزين بالقصيده دخلت إلى المطبخ لترى والدها متشكلًا أمامها يغسل الأطباق :أحبه ولا ابغضته على شيءٍ يسويه
ولا زالت أرقاب الرجا فيه منعاجهعسى منزلٍ ضمه حقوق الوسم تسقيه
وتضحك له الدنيا وهو يضحك أحجاجهتمرد قلبها ليعلو صوتها المبحوح بأخر بيتين وقالتها رغم مقاطعه الغصات لها مرارًا:
فقد خاطري ...شيٍ من الضيقه... مسليه
وغدت روحي ...من الناس... والليل هجاجهالتفتت عمتها وأسقطت الأطباق بصدمه شديده وهمست:عبدالعزيز ...
تخدرت قدما هيام فخرّت على ركبتيها ترجف بشده ونفسها مضرب ،بينما أم ورد تمعنت بها :أنتِ شلون ... أنتِ...
أستجمعت هيام قوتها وقالت :هيام
غطت فمها بصدمه :بنته ! بنته ! بنت عبدالعزيز
بلمح البصر اقتربت منها وعانقتها وبكت بصوت عالٍ :يا روح عبدالعزيز يا روحه
شدت هيام عليها العناق كما لو أنها تعانق والدها وأنهارت باكية بشده
دخلت ورد عليهما بذعر :يمه...
فتصنمت أمام ذلك المشهد وأنهمرت دموعها غصبًا عنها
أبتعدت أم ورد عن هيام وتمعنت في وجهها بينما تمسح على شعرها :خلقة نجلاء وروح عبدالعزيز
أمسكت هيام يديها :أبي أعرف كل شي
قامت أم ورد وساندت هيام لتقوم :أول قومي ،غسلي وجهك وأنا ... وأنا عمتك
قادتها إلى الحمام :أدخلي وغسلي
دخلت ونظرت لنفسها بالمرآه وجهها المتورم والمحمر من البكاء كثيرًا ما كانت تراه لكن هذه المره يختلف ،هي لا تبكي من الوحده بل تبكي لأنها أخيرًا أغلقت صفحات الوحده ،أخذت نفسًا عميقًا وغسلت وجهها ثم جففته بالمناديل فرن هاتفها :الو نجد
نجد :شفيك دقيتي؟
هيام :أنا ...عند عمتي
نجد :عمتك ! تأكدتي خلاص؟
هيام :أي
نجد :شلون؟
هيام :بعدين بقول لك ،الحين بعرف كل شي
نجد :طيب ،مهما صار أنا موجوده معاك تمام ؟
هيام :تمام
في الخارج كان الحوار بين ورد وأمها
أم ورد :شلون لقيتيها ؟
ورد :هي الي أشتغل عندها
أم ورد :وكيف يوم ... يوم جيت الحفل ما كانت موجوده
ورد :ما أعرف ،أكثر من مره كنت أرتب لكم تتقابلون بس ما يحالفني الحظ
أمسكت أمها يديها :آسفه أني شكيت فيك
ورد :عادي أهم شي سعادتك
عانقتها أمها :أسعدتيني سعاده ...لو أموت الحين عادي
إبتعدت عنها ومسحت دموعها:بسم الله عليك من الموت الله يطول بعمرك
أم ورد :أجلسي مع هيام بروح أسوي لها قهوه نفس الي ...كان أبوها يحبها
ورد :تمام
خرجت هيام من الحمام :وينها ؟ ...لا يكون خيال
ورد :راحت تسوي قهوه أجلسي
جلست بجانب ورد والتزمت الصمت حتى حضرت عمتها بالقهوه السوريه ووضعت الفنجان أمامها :أبوك الله يرحمه ...كان ما يحب القهوه السوريه إلا ...من يدي
أرتشفت من القهوه بكل إستشعار لمشاعر والدها عندما كان يشربها ثم وضعت الفنجان والتفتت لعمتها :أبي أعرف ...شلون مات
أم ورد :أول أشربي قهوتك
شربتها بعجل على رشفتين ثم وضعت الفنجان فكان المشهد لأم ورد كما لو أن عبدالعزيز أمامها لتمسح عينيها وتتنهد
هيام :خلصتها
أم ورد :بليله ...كان عمرك وقتها ثمان مدري تسع سنين ،جاني أبوك بالليل وقال بعلمك شي وبروح دخلته وطلب قهوه وسويت وشربها ...يا جعلها عافيه على قلبه ،قال لي أحس أني متضايق غير عن كل مره ...
(لنكمل ما تبقى من اللمحه )
عزيزه :كيف؟
عبدالعزيز :ما أدري ما أظن أني مطول على نجلاء
عزيزه :بسم الله عليك وش فيك؟
عبدالعزيز:مدري ...الواحد ما يدري بأي أرض يموت وكيف يموت ،لكن يدري وش يوصي
عزيزه بغصه :وش ذا الكلام عبدالعزيز
أمسك يدها بين يديه :ذا الحق وأنا أخوك إن مت أنا موصي هيام لبندر
عزيزه :بس...
قاطعها :عارف أنك عمتها لكن ما بغيت أثقل عليك
عزيزه :وش ثقله عبدالعزيز ؟ والله أن زوجي أثقل بنفسي من بنتك
عبدالعزيز :أنا مدري عن ظروفكم لكن أعرف ظروفي أنا مخلي حقي لبندر يتصرف فيه ويصرفه لهيام ولك وأنا خابره كفو ،بس بغيت أعلمك لا تزعلين إن جاء الحق
ضمها إلى صدره:أنا والله أعزك وأغليك وإن غلطت عليك بشيء سامحيني
بكت عزيزه على صدره :وش هالكلام عبدالعزيز ،ما غلطت علي بعمري وإن غلطت تراني سامحتك من لحظتها ونسيت بس أسكت ما أحب ذا الكلام...
أنت تقرأ
كُن بقربي فإن الروح هائمة
Romanceبعد سنوات من الغربه وسنوات ضاعت في الهروب من الأحزان،نعود لنفس الديار ظنًا منا أننا سنبدأ بدايه جديده ،أمل جديد،حياة جديده،أحباب جدد...ولكن ! يالعثرات الماضي تلاحقنا بكل درب ،وتهزمنا في كل كرب ،وتخيفنا مما هو مجهول ... ٢٠٢٣/٢/٢٦