' يا بُني هذه الحياة تشبه الارجوحة ، علينا المرور بمرحلةٍ ما مخيفة لكي نحظى بالمتعة بنهاية المطاف ، عليك الصبر على مُر الحياة وتواجه خوفك من الظروف.. '
' صدقني لا شيء يبقى على حاله ، ستُكافئك الحياة قريباً وستحصل على السعادة يوماً ما وحينها ستتذكر ذلك العجوز الذي إستاء لرؤية هذا العبوس '
تنهيدة خفيفة صُدرت من اعماق قلبه ، حتى مرور التنهيدة لا تكفي لضيق صدره المهمش ، جرّ قدماه خارج الحافلة حينما وصل الى محطته
كلمات ذلك العجوز لازالت عالقة بذهنه مثل العلكة ، اطلق ابتسامة ساخرة على حاله البائس ، حتى الغريب قد لاحظ هالته الكئيبة
ملامحه التي تقيم بأنحائها الحزن ، الاكتئاب ، فقدان الشغف..
والاكثر سوءاً تبلد المشاعر التي تجبره على مواجهة الامور بسطحية دون ترك اهمية لها ، لقد نسيَ ما يُسمى بالمشاعر..
انهكته حياته بشدة كفاية لعدم الاكتراث لما حوله ، كان ينظر الى نفسه كنقطة سوداء وسط بياض ناصع ، شخصية دون اي فائدة تُذكر
مجرد جسد اتى الى الحياة ليستهلك الاكسجين ليس إلا ، انطباعه الوحيد عن نفسه هو مجرد بقعة سوداء على قماشة بيضاء نظيفة..
السخرية من النفس ، كان هذا ما يجيد بناية شخصيته عليها ، لدرجة انه يأخذ انطباع عن نفسه هو ويسخر منها بالنهاية..
هو لا يروق له ما هو عليه الآن لكن لا يمكنه التحكم بالمشاعر ، كان ومازال هو مجرد ضحية لسجن المشاعر السامة..
"باقي على انتهاء المحاضرة ثلث ساعة فقط ، متأخر جداً كالعادة جونق وويونق"
كان توبيخ المعلم اول ما قابله وويونق فور دخوله الى قاعة المحاضرات ، طبعاً كالعادة كما قال..
قلب وويونق مقلتاه بتملل من محاضرته المملة عن التأخير ، تجاهل ثرثرته كما يسميها ثم اردف ببرود:"هل محاضرتك عن التأخير اهم من محاضرتك الاساسية؟"
جميع من بالقاعة كانوا في حالة من الصمت ، لقد اعتادوا على وقاحة الطالب جونق وويونق ذو الشخصية الغريبة كما يرونه..
تنهد المعلم بقهر ، ثم اشار له بالدخول بينما يهسهس بغضب:"سأتجاهل وقاحتك هذه المرة جونق ، المحاضرة اهم من مناقشتك"
قلب وويونق عيناه للمرة الثانية ، بينما يهمس تحت انفاسه:"اياً يكن..ثرثار" ثم تحرك بخطوات ثابتة الى احد المقاعد العشوائية متجاهلاً نظرات احدهم