العالم ما هو سوى محطاتٍ عدة ، يأتي بنا يومٌ نتهاوى ونضطر لأن ننتقل من محطة قد اذاقتنا اتراحها إلى اخرى بها الأمل في تجربة مسرتِها..هاهو وويونق الآن يواجه محطته ، لابد من دموع الشوق والفراق عند عناقات الوداع ، حيث كان هيونجين يضم وويونق بقوة كأنه يخشى هروبه
"سأفتقدك كثيراً وويو" هتف هيونجين بحرقة ، لم يكن الأمر هيناً عليه فمن منا لا يتألم عند لحظات الوداع!..هو لا يريد برحيله لكن ما باليد حيلة
فصل هذا العناق الذي طال ونظر بوجه وويونق ، يحرك عيناه على تفاصيله بلهفة حتى استقرت اعينه على بنيتيه الدامعة
اغمض عينيه متنهداً فتمردت دمعة كانت عالقة ، و سريعاً ازالها وويونق وتظاهر بالمرح قليلاً فأخذ ينقر انفه بإصبعة حتى نجح بسماع ضحكته..
على كل حال وويونق لم يكن ليرحل قبل سماعها رغم أنه يعلم ما بداخل هيونجين والذي لا يفصح عنه ، رسم هو الإبتسامة على وجهه ثم قال:"سنبقى على تواصل دائماً هيون..سأشتاق لك كثيراً"
"وانا سوف أنتظرك..سوف انتظر لقائنا بفارغ الصبر ، فقط دعنا نكن على تواصل دائماً كي اطمئن عليك ، اتفقنا؟"
ضحك وويونق لأوامر هيونجين ، بدى لطيفاً ، ربت على ذراعه بينما يردف بـ:"لا تقلق سأفعل كل شيء..الآن عليَ الذهاب"
عبس الآخر عند نهاية حديثه لكنه اومئ بتقبلٍ للأمر و لوح لوويونق بإبتسامته الصغيرة ، ادار وويونق ظهره و مشى ناحية القطار الذي بدأ يمتلئ بالمسافرين..
اوقفه عن السير صوتٍ ما يهتف:"وويونق..انتظر" استدار بسرعة عالماً لمن يعود هذا الصوت..جرى صاحبه ليحشره بين ذراعيه بعناقٍ ضيق
"هُوا..لقد اتيت!" همس وويونق بسعادة ، ابعده سونقهوا سريعاً وصرخ:"وكيف لي أن اتركك ترحل دون أن اودعك ايها الاحمق"
تنهد سونقهوا بعمق ثم تابع معيداً وويونق إلى عناقه لكن بشكلٍ الطف من سابقه:"سوف اشتاق إليك كثيراً وويو ، لا تحرم صديقك المفضل من التواصل معك ، امرٌ عليك أن تحادثني كل يوم وتخبرني عن حياتك ، هل فهمت؟"
"ما بكم يارفاق لا تجعلوني ابكي ارجوكم..سوف نبقى على تواصل انا اعدك" هتف وويونق موجهاً كلامه للإثنين امامه فسونقهوا كرر ما قيل من قبله
تكتف هيونجين أمامهم وهتف بإنزعاج:"لستُ آسفاً على التدخل لكن انا صديقه المفضل" الغيرة! ، حسناً وويونق انفجر ضاحكاً على حركاتهم
"اللعنة لقد افسدت لحظة الوداع ياهذا" صراخ طفيف من سونقهوا جعل الآخر يقلب مقلتاه..منذ ان آتى وهو يشعر بالغيرة منه..وبعض الغضب
"توقفا ايها الطفلان ، انا افضل كليكما فقط دعوني اذهب سيفوتني القطار" هتف وويونق فأستوعبا الاثنان أن وويونق سيرحل حتماً ، فقط رحيله محزناً لهم
ابتسم سونقهوا وربت على كتفه برفق ثم قال:"وداعاً وويو ، إنتبه لنفسك وحادثني عندما تصل" اومئ وويونق بقوة فسوف يمتلئ القطار وهو لم يركب بعد..
لوح لهم وويونق بعبوس لطيف يعانق شفتيه ، ثم اختفى عن ناظريهم بعد أن ضاعت هيئته بين الحشود داخل القطار..
ظل سونقهوا يلوح له حتى تحرك القطار فقد لمحه يجلس بجانب النافذة ، التفت لجانبه فرأى هيونجين الذي يرمقه بنظراتٍ حمقاء لم يفهم ما علتها
فكّ اشتباك اذرعه ليتقدم ويصبح امام سونقهوا ومازال يرمقه بنفس النظرات ، رفع حاجبيه بحيرة كان ينظر إلى نفسه بشك بعد أن لاحظ هيونجين يرمقه من الأسفل إلى الاعلى..
"الصراحة راحة..انا لا اطيقك" صارحه هيونجين وكان يبدو بنظر سونقهوا عدواني جداً ، ولا يعلم ما السبب حتى لكن هو ابتسم بإستفزاز واردف:"لأكون صريحاً وانا ايضاً..إذاً اصدقاء؟"
"اصدقاء" اتفق كلاً منهم فصافحا بعضيهما بتصالح ، بهذه السرعة؟ ، لا ولا احد سيفقه اي شيء عن هذان ، للتو كانا اعداء ثم بغمضة عين اصبحا اصدقاء!
عند مطرح وويونق الذي كان شارد الذهن ، بعيداً عن الواقع ، يراقب من النافذة بهدوء متجاهلاً ضجيج العالم من حوله..
ابتسم إبتسامة تفاؤل بحياته وقرر أنه سيتخطى الماضي وسيعيش في حاضره الذي هو سيصنعه بنفسه ، لا مزيد من الإتكاء ولا مزيد من ربط السعادة بأشخاصٍ آخرين..
شخصٌ واحد وهو من يشتاق إليه وويونق كثيراً حقاً ، صغيرته ريو ، تمر هيئتها الصغيرة وإبتسامتها وملامحها البريئة عند نومها بذهنه فتصبح الإبتسامة معانقة شفتيه ولا تفارقها ، إبتسامة ألم
اخذ شهيقاً من الهواء القوي الذي تدافع على بشرة وجهه ثم زفره لكي يصفي صدره من تلك الغمة التي داهتمه..
تسلقت البسمة وجهه مجدداً مراقباً المحطات التي يمر عليها القطار ، لا شيء يؤرق روحه بعد الآن سوى الفراق عن أحبته ، لكن القلب يريد السلام وهو سيحاول تحقيقه بعيداً عن من تأذى بسببه ، وبعيداً عن المدينة بأكملها..
"وداعاً يا منبع الخيبات.."