chapitre 36

21 2 1
                                    

مع مرور الأيام، تساقطت ذكريات دين من ذاكرة إيثان كما تتساقط أوراق الخريف. وجد إيثان نفسه مغمضًا للماضي المأساوي، مستعدًا لبداية جديدة.

قابل إيثان فتاة جميلة تُدعى ليلى، كانت ضوءًا براقًا في حياته الجديدة. انغمست قلوبهم في سحر اللحظات الجديدة، حيث ازدهرت علاقتهما ببطء. ليلى كانت الأمل الذي أحيا في قلب إيثان، مسحت ألم الماضي الذي كان يكبته.

فيما يعيش إيثان حياته بفرح وحب، يغلق باب الماضي برفق، ويشعر بأنه قد نسي دين إلى الأبد. ورغم أن الجحيم لا يزال يحتجز دين في أسره، فإن قلب إيثان يحمل الأمل والحياة الجديدة.

مع مرور الوقت، ازداد إيثان تعلقًا بحياته الجديدة إلى حد كبير. اندمج في العلاقة مع ليلى، وكل لحظة بقضائهما سوياً كانت لحظة من السعادة والهدوء. انبعثت حيوية جديدة في حياته، ملء كل زاوية بالأمل والحنان.

وفي الأثناء، بقي دين عالقًا في الجحيم، حيث تتواصل معاناته. شياطين لا تتوانى عن تعذيبه بوحشية، تجلب له الألم المستمر وتحطم أمله بالهروب. يواجه تحديات صعبة يوماً بعد يوم، وكل لحظة في الجحيم تزيد من عبء ألمه.

في عالمين متناقضين، يتمازج الفرح والحزن. تستمر حياة إيثان في الارتسام باللون الزاهي، بينما يكمل دين صراعه في داخل ظلمة لا نهاية لها.

في قلب الجحيم، تستمر مأساة دين بصورة مروعة. شياطين لا تمانع في تصاعد وحشيتها، تتسلل إلى زنزانته المظلمة وتستنزف آخر قطرة من الأمل في قلبه.

تبدأ الشياطين بإحكام قيودها على دين، وترفعه لتبدأ وجبة العذاب. ينكشف جلده عن لحمه الضعيف، وتتسلل مخالب الشياطين إلى لحمه المتألم، مستنزفة حيويته بلا رحمة. يتعرض لمعاناة لا يمكن وصفها، حيث يجترؤ الظلام على ابتلاع نور أمله الأخير.

تتحول صرخاته إلى نداء يائس، ولكن الصمت الذي يلف الجحيم يرد بسخرية على محنته. تستمر الشياطين في تناول لحمه وحياته، محوًا أي أثر من البقاء في قلب الظلام.

في قلب الظلام، كان دين يتألم بكل نبضة من جسده. الشياطين تتناوب على التهام جسده المتوهج بالألم، والدماء ترقرق في الهواء المشحون بالفزع. كان صراخه يخترق الهمس المرعب للجحيم، وكأن الظلام نفسه يتألم معه.

تمزقت الأوقات في غرفته المظلمة، حيث يبدو أن اللحظات تمتد إلى مليء الأزمنة. كانت كل لحظة تحمل وحشة العذاب، وكل ثانية تحولت إلى ساعات من الجحيم. الألم كان مستمرًا، لا هوادة فيه، والأمل كان يتبخر مع كل نفس يتنفسها.

في تلك اللحظات الحاسمة، عندما كان يبدو أن الظلام سيبتلع كل شيء، أحست الشياطين بشيء غريب. كان هناك وجود آخر في الجحيم، شيء لا ينبغي أن يكون هنا. أفقت عيونهم إلى وجود غير مرئي، وعلموا أن هناك قوة غير مألوفة في تلك الزنزانة المظلمة.

تبدأ الشياطين في الانحسار، تاركة دين يتألم وحيدًا. وفيما يبدو أن النهاية قد اقتربت، يأتي الرحم إلى دين. قد يكون الضوء الخافت في بقايا الجحيم هو نجاة غير متوقعة، أو ربما هي بداية نهاية جديدة لصاحب الروح المنكسرة.

الظلام ينحسر ببطء، وبين أضلع الظلال يظهر شخص غامض. لا ملامح واضحة في وجهه، فقط هالة غامضة تحيط به. يمسك بسلاحه اللامع بين يديه ويرمي به نظرة قاطعة للشياطين، فتنكسر قوى الظلام أمامه.

"من أنت؟" تسأل دين بخوف، لكن الغريب يظل صامتاً، لا يكشف سرَّه.

يمتد الغموض في الجو، والغريب يتجه نحو دين دون كلمة واحدة. يضع يده على كتفه برفق، وكأنه يشير إلى الأمان في قلب الظلام.

"الجحيم لا يحتوي على أسرار أكثر من ذلك، ولن أخبرك سوى ما يجب عليك معرفته."

دون قول المزيد، يشير برأسه إلى الاتجاه الذي ينبغي عليهم الذهاب. دين يلتفت مرة أخرى إلى الشياطين المنكسرة ويتبع الغامض إلى أعماق الظلام، حيث تتفتح أمامهم رحلة طويلة من التحديات والألغاز.

فصل الظلام يطوى أمام دين والغريب الغامض، كلما اتسعت طيات الليل، زادت الأمور غموضًا. يمشون في الممرات المظلمة، حيث تتلاشى الصور والأصوات في أرجاء الجحيم. الضوء المتسرب من النيران المتلألئة يلقي ظلاله الطويلة على الجدران المتشققة، ويفصل الظلام إلى مشاهد مزعجة.

توقفوا أمام بوابة عتيقة، تبدو كأنها تحمل أسرار العالمين. الغريب يلتفت نحو دين بعيون لا تعكس إلا الغموض، ثم يلتفت نحو البوابة ويبدأ في ترتيب كلماته بصوت هادئ ومهيب:

"ها هو المصير أمامك، دين. لن يكون الطريق سهلاً، ولكن إذا أردت الحرية، يجب أن تمضي بهذا الطريق."

يمتد الجسر الذي يعبر البوابة إلى أفق لا نهاية له. تمتد الطريق أمامهم كالممر المظلم في نهاية الرؤية، وعلى جوانبه يظهر الهاوية المظلمة. دين يتأمل المشهد بخوف وتوتر، لكن الرغبة في الحرية تدفعه للمضي قدمًا.

"أعلم أنك تشعر بالرهبة، لكن عليك أن تواجه مخاوفك لتجد الخلاص"، يقول الغريب بصوته الهادئ الذي يرتسم في أذهان الساكنين بالجحيم.

ينطلقون نحو اللامنتهية، حيث تتراقص الأمواج اللهبية وتتلاطم الظلال. تبدأ رحلتهم في عالم الغموض والتحديات، ودين يدرك أنه لا يمكن التراجع الآن، إذ تتسع البوابة وتغلق وراءهم، تاركة الجحيم وراءها.

دين يفتح عينيه ببطء، وهو مستلقٍ على سريره المتهالك. يجد نفسه وحيدًا في منزله الفارغ، الذي أصبح ملكًا للهدوء القاتل. يحاول الجلوس ولكن يشعر بألم حاد في كل جزء من جسده.

الغرفة تظل هادئة، ولا يسمع سوى خفقان قلبه الذي يرافقه في هذه اللحظة الحالكة. يحاول التحرك، ولكن يجد نفسه عاجزًا أمام قسوة الجروح التي تلتف حوله كأشباح تذكره باللحظات الصعبة التي مر بها.

يتذكر النضوج الذي خيم على علاقته مع إيثان، اللحظات الجميلة والتحديات التي تخطواها سويًا. يغمض عينيه لتأخذه ذاكرته في رحلة إلى لحظات الفرح والألم.

مع مرور الوقت، يدرك دين أنه لا يوجد أحد حوله. يتأمل في الغرفة الفارغة ويفكر في كيف وصل إلى هنا، كيف أصبح هذا المنزل مكانًا هادئًا ومهجورًا.

في لحظة من الصمت، يسمع صوتًا هادئًا يتسلل من خلف الباب. يتساءل إن كانت هذه الزيارة الأمل الذي يحتاجه أم هي مجرد خيبة أخرى في رحلته.

الصياد/ The Hunterحيث تعيش القصص. اكتشف الآن