القشّة الأولَى

28.4K 2.5K 2.7K
                                    

𓆩𔓘𓆪


"إذًا، أراكِ فِي الجِوار" 

أومَأت بشبحِ ابتسامَة، وَ قَد ابتعدَ عَن مرأَى عينَاي حالمَا رافقنِي للمنزِل. 

بقيتُ كالخرسَاء أمامَه وَ هُو يترقَّب ردِّي، لكِن يبدُو أنَّه تفهّم أننِي مندهِشة وَ لَا أجدُ ردًا لكلامِه. اكتفَى بايصالِي لهنَا حالمَا هدَأت الشوارِع وَ تفرَّق النَّاس.

أطلقتُ تنهيدَة خافتَة لأستديرَ أطالِع بوابةَ منزلِي فِي شُرود. 

وَ كأننِي مثلُ آيدِن الآن.. 

لَا أستطِيع الدخُول للمنزِل، بَل البَقاء كالتمثَال أمامَ البَاب وَ كأننِي غريبَة عَن المكَان.. 

ربمَا مِن الأفضلِ أَن أعودَ للمنزِل، لَا تزالُ الشوارِع غيرُ آمنَة. 

عانقتُ نفسِي أثناءَ سيرِي علَى جانبِ الطَّريق، وَ قَد استوحَشت مدَى هدوءِ الأرجَاء، كمَا لَو أننِي أسيرُ داخِل مدينَة مهجورَة لَا روحَ فيهَا. 

لكننِي أوجستُ شرًا لرجلَان يقفانِ بينَ مبنَيين، يدخنانِ فِي نَهم وَ ملامحهمَا قَد أجَّجت فِي داخلِي القَلق. 

بسببِ محاربتنَا نحنُ النِّساء لنيلِ حقوقنَا المسلوبَة، أصبَح بعضُ الذُّكور ينظرونَ إلينَا علَى أننَا سببُ ضجيجِ المدينَة وَ أننَا نزهِق السَّلام وَ الأمَان. 

بعضُهم يريدُون تهديدنَا لنتوقَّف كَي لَا نصبحَ متساويِين فِي توازنِ الكفَّة معَهم، يريدونَ البقَاء فِي الأعلَى وَ نحنُ فِي الأسفَل. 

تمامًا كمَا يريدُ كارتَر مِن أمارِي أَن تكونَ أسفلَ قدمَيه لينهضَ هُو.. 

غمرتنِي الرَّاحَة حالمَا وصلتُ للمنزِل، وَ قَد لاحظتُ نظراتِ تشستِر نحوِي بمجردِ اقترابِي مِن البوابَة. ملامِحه كَانت مكفهرَة، أحدَث شيءٌ مَّا؟ 

تركتُ حيرتِي جانبًا لأقرعَ البَاب وَ حالمَا فُتح فرَّت شهقةٌ منِّي لذراعَين التفّتا حولِي 

"م مِن الجيدِ أنكِ بخَير، لَقد أقلقتنَا عليكِ! لماذَا تصرفتِي بهذَا التَّهور وَ خرجتِي؟ ألَا تعينَ خطورةَ الأَمر؟" 

"م مارِي أنَا.."

"ماريَّا الفتَاة تكادُ تختنِق، اتركِي لَها الفرصَة لتلتقطَ شتاتَ نفسِها" 

هِي أومَأت لآنسِل لتفصلَ عناقَها لِي، وَ قَد لاحظتُ تجمَّع بعضِهم فِي الصالَة. أمارِي وَ لِيو، دافينَا وَ خالِي جوليَان وَ حتَّى آروهِي، بينمَا آريَا وَ ريهانَا تقفانِ فِي الأعلَى وَ قَد غادرتَا حالَ رؤيتِي لهمَا. 

هَل تسببتُ بإقلاقهِم؟ 

"أكلُّ شيءٍ بخَير يَا حلوتِي؟ كنتِ شاحبَة للغايَة وَ خرجتِي راكضَة وَ لَم يَكن باستطاعتنَا سِوى تصوُّر الأسوَأ.." 

أتاراكسياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن