الرّاية البيضَاء

28.3K 2.3K 2.7K
                                    

𓆩𔓘𓆪

هَل كَتبتُ اسمِي كختمِ مُلكِية علَى طبقِ الحلوَى خاصتِي أَم لَا؟ تناولتُ نِصفه حسبَ التَّعليمَات وَ أبقيتُ نِصفَه للغَد، وَ لكننِي لَا أستطِيع التَّذكر إِذا مَا وضعتُ بصمتِي قبلَ صعودِي لهنَا.. 

ماذَا لَو تناولهَا أحَد! 

لَن يحتمِل قلبِي رؤيةَ طبقِي الفارِغ وَ بقايَا الحلوَى عالقَة فِيه فِي المغسلَة! 

أبعدتُ الغطَاء عنِّي لأنهضَ علَى عجَل، لَن يُغمض لِي جِفن حتّى أطمَئن علَى فلذةِ كبدِي. 

إِذ نزلتُ الدَّرجات بخطواتٍ همجِية حتّى هبطَ قلبِي لمعدتِي لرؤيتِي للمطبَخ وَ هُو مُضاء، غيرَ أنّ كتفَاي قَد ارتختَا حالمَا رأيتُ آروهِي وَ هِي تنظِّف الفُرن. 

لكنَّها انتبَهت إلَي وَ أنَا أتفقَّد صغيرِي داخِل البرّاد، لتبتسمَ تجففُ يدَيها بمئزرِها

"لِيو، لماذَا لازلتَ مستيقظًا حتّى الآن؟ لَا أحَد سيأكُل حقكَ كمَا تَظن، أنتَ الوحِيد الذِي يرتكِب جريمةً نكرَاء كهذِه فِي المنزِل" 

"أعلَم يَا آروهِي، لهذَا السَّبب أعدائِي كُثر، قَد يفكِّر أحدُهم بالإنتقامِ منِّي وَ يسرِق كنوزِي المُخبَّأة هنَا لتكونَ رهينةً لَه! علَينا بالحِيطة وَالأخذُ بالإحتياطَات" 

هِي هزَّت برأسِها وَ كأنّها تأسفُ علَى حالِي، بينمَا سقطَ بصرِي علَى أطباقٍ مُغلّفة موضوعَة فوقَ الطّاولَة.

"لمَن تلكَ الوليمَة الصغِيرة؟ آروهِي! هَل لديكِ عشِيق تنتظرينَه وَ لَم تخبرينِي؟ ماذَا عَن مشاعرِي؟" 

"لَا تقفِز بخيالكَ كثيرًا، ليسَ لدَي الوَقت لأشُدَّ رِحالِي بحثًا عَن نصفِي الآخَر. إنَّها لأورورَا" 

أورورَا؟ 

صحِيح.. 

هِي قَد عادَت فِي وقتٍ متأخرٍ للمنزِل وَ لَم تحظَ بالعشاءِ معنَا، ظننتُها قَد تناولَت حصتَها لاحقًا. 

يستحِيل أَن تفوِّت أورورَا وجبةَ العشَاء! 

آروهِي أخرَجت زفيرًا ثقيلًا وَ هِي تتكِئ علَى خزانةِ الأطبَاق، ليتملكنِي شيءٌ مِن القَلق إثرَ ذبولِ ملامِحها 

"آرُو، مَا بِك؟" 

"لَا أعلَم يَا لِيو. منذُ أَن دخَلت أورورَا للمنزِل كَانت تنظُر للأمَام فقَط وَ كأنهَا لَا ترَى أَو تسمَع شيئًا، تجرُّ جسدَها جرَّا حتّى حبسَت نفسهَا داخِل غرفتِها فِي الطّابق الثانِي. السيدَة ماريّا كَانت مَن رآهَا وَ ذهَبت لتطرقَ علَى بابِها وَ لكِنها لَم تُجب، وَ كأنَّ أورورَا غائبَة عَن العالَم.. فِي الحقيقَة لَم يسبِق لِي رؤيتُها علَى هذهِ الحَال، هِي كدُمية تمَّ إيقافُ تشغيلهَا. حتّى أنَّ تشستِر أخبرنِي أنَّه وجدَها تقفُ فِي منتصفِ الشَّارع تعانِق نفسهَا، تمتمُ مَع ذاتِها فاضطُّر لسحبِها رغمًا عنهَا ليجلبِها إلينَا" 

أتاراكسياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن