شرارَات وشكُوك

38.4K 2.3K 5.7K
                                    

𓆩𔓘𓆪

بقيتُ أسترقُ النّظر نحوهَا وهِي توجِّه نظراتِ القلقِ والتّخبط نحوَه هُو. وكأنّ عالمَها مائِل فقَط لكونِه مُحاط بالمُغذِّيات..
وقَد أبعدَ يدَها عَن ذراعِه مشيحًا ببصرِه عنهَا بكلِّ جفَاء، ليكتفِي بإخراجِ كلمةِ بخَير مِن تحتِ أنفاسِه التِي ثقُلت فَجأة.

ولكننِي..
فضّلت البقَاء صامتَة وكأننِي لستُ فِي الغرفَة لدرجةِ أنّ آريَا لَم تنتبِه إلَي، ورغمَ هذَا هِي لَم تتزَحزح مِن علَى سريرِه، بَل بقِيت تُلقي علَيه بكلماتِ العتَاب لكونِه يُهمل نفسَه و يزرعُ القلقَ فِي صدورِ الجمِيع.

بينمَا استمرَّ بتجاهلهَا ولأوّل مرّة أجِده يُولي إهتمامَه لإليُوت الذِي لَا يزالَ يحاوِل لفتَ إنتباهِ آيدِن لَه، ربمَا لكَي يحقِن آريَا باليَأس ويدعَها تستقِيم مِن أمامِه.

"حتّى شقيقُك الذِي تشاطَر معَك ذاتَ المعدَة والرّحم لَا تقلقِين علَيه كمَا تقلقِين علَى وتدِ الجلِيد ذَاك. ثمّ إنّه بخَير أيتُها البلهَاء، توقّفي عَن النّحيب فوقَ رأسنَا"
وجّهت حدقتَاي نحوَ لِيو حالمَا ولجَ للغرفَة، ومِن عادتِي أن أجارِيه فِي السُّخرية مِن آيدِن كلّما تتِيح الفرصَة. ولكِن لسانِي باتَ ثقيلًا فَجأة.

لَا أرِيد التحدَث لسببٍ مَا..

وقَد سقَطت مُقلتيه علَي ليصنعَ لِي ابتسامَة مُضيئة جعلَت مِن كومةِ القَش الذِي تجمّع داخِل صدرِي أن يتبدّد. لأجدَ نفسِي أبادِله بواحدَة أوسَع حتّى اندفعَ نحوِي يرمِي بنفسِه علَى الأريكَة يُعيرني كامِل حواسِه
"هَل حقًا أسنانُ القنادِس خاصَتك تعملُ علَى تفتيتِ القُضبان الحديديّة لتستطيعِي الهَرب أم ماذَا؟ كَيف خرجتِي مِن هنَاك وأبِي كانَ يستمرُّ بوضعِ كيسٍ ثلجِي فوقَ رأسِه طوالَ اليَوم بسببِ قضيتكِ العويصَة!"

"ألَا تريدُ رؤيةَ وجهِي يَا هَارت؟ هَل أعُود لهنَاك؟"

"بالطّبع لَا! كلُّ شيءٍ مِن بعدكِ أصبحَ مملًا وَ روتينيًا، علَى الأقَل وجودُك يُضفي صخبًا للمنزِل وكنتُ أجِد مَن يُشاركني أطباقَه بصدرٍ واسِع بخلافِ بعضِ النّاس"
اتّسعت ابتسامتِي للإحمرارِ الطّفيف الذِي كسَى أذنَيه وهُو يحاوِل قولَ مَا علَى طرفِ لسانِه. حتّى لِيو يستصعِب البَوح عمّا يُخالجه وخاصّةً عندمَا يتعلّق الأمر بالحدِيث مَع نقيضِ جنسِه، تُرى هَل هِي عدوَى ذلكَ البرّاد؟

إذ استَرقت النّظر إلَيه لأجِده يُحدِّق نحونَا بنظراتٍ مُبهمة، لكنّه سرعَان مَا أزاحَ حدقتَيه عنِّي يمنَع يدَ إليُوت مِن الوُصول لعلبةِ نظّارته علَى المنضدَة بجانبِه.

بينمَا آريَا نهضَت وهِي تنظُر لَه فِي ضيّاع تُرخي كتفيهَا فِي شيءٍ مِن الاستسلَام، وكأنّ أثقالًا غيرَ مرئيّة تتراكمُ فوقَ مَنكِبيها.
توجّه عسَليّتيها نحوِي دونَ التّفوه بكلمَة، لأديرَ رأسِي صوبَ البَاب حالمَا وصلنِي صوتٌ أنثوِي مُتذمِّر اشتقتُ إلَى سماعِه
"هَل سمعتَ مَا قالَه هارلِن عديمُ التربيّة لِي؟ كيفَ يجرُؤ وَ يخبرنِي أننِي نلتُ كفايتِي مِن الحيَاة وعليّ التزيُّن فِي قبرِي بعدَ اليَوم! شارُون هَل أنَا حقًا أبدُو كساحرَة بجلدٍ مُجعّد كمَا زعمَ هُو؟"

أتاراكسياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن