موقِد مشاعِر

33.8K 2.3K 5.3K
                                    

𓆩𔓘𓆪

سحقًا..
إننِي مُتصنِّمة فِي مكانِي بمجردِ أن أطلقَ رصاصةَ عينَيه علَي، إِذ قبضتُ علَى يدَاي داخِل جيوبِ المعطَف أحاوِل تهدِئة تسارُع خفقاتِي.

مِن المُحال أن يتعرّف علَي!
ولَستُ أفهَم لماذَا أقُوم بكتمِ أنفاسِي بهذهِ الطّريقة كالحمقَاء..

لكننِي سرعَان مَا زفرتُ فِي استرخَاء حالمَا أنزلَ حدقتَيه عنِّي ليقلبَ الصّفحة يعيرُها حواسَه.
هذَا يعنِي أنّه لَم يتعرّف علَي.. وهذَا أفضَل. لأننِي لَا أعلَم كيفَ سأبدَأ الحدِيث مَعه بصفتِي أورورَا.

تظاهرتُ بكونِي أرغَب بتفقدِ الكِيس المغذِّي أعلَاه، لتسقطَ عينَاي علَى الكِتاب الذِي يقومُ بمطالعتِه، إنّه ذلكَ الكِتاب الألمانِي. لماذَا لَا يزالُ يقومُ بتدنيسِ خلايَا دماغِه بقراءةِ أحرفٍ تفوحُ منهَا رائحَة السَّقمِ والأجَل؟

الجَو مربكٌ هنَا ولَا أستطِيع التّحركَ كأيِّ إنسانٍ طبيعِي..
إذ سارعتُ بأخذِ صينيّة الطّعام لكونِه قَد برَد أوجِّه خطواتِي نحوَ البَاب.

"مكانَك"
تجمَّدت فِي مكانِي لصوتِه الذِي خرجَ فَجأة بنبرَة هادِئة علَى عكسِ الهيجَان فِي داخلِي. لأشدَّ علَى أطرافِ الصِّينية دونَ الإستدارَة إلَيه.

هَل اكتشفَ أمرِي؟ ل لكِن كيفَ ذلِك؟ يستحِيل أن..

"قولِي لآنسِل أننِي لَن أبقَى لساعةٍ واحدَة هنَا، وكمَا أخذتِ الصِّينية لَا تفكِّري بجلبِ غيرهَا. وشيءٌ أخِير، لَا فائدَة مِن إعطائِي تلكَ الأدوِية لأننِي.."

"اصمُت!"
قلتُها دونَ شعورٍ منِّي بعدمَا وضعتُ الصِّينية علَى المنضدَة بجانبِي، لأتصنّم حالَ إدراكِي أننِي كشفتُ عَن هُويتي للتّو..

إذ استدرتُ أوجِّه نحوَه نظراتٍ مُتردِّدة حتّى أدرَكت أنّه يُطالعنِي وكأنّه.. لَم يتصوّر أن أكونَ أنَا مَن تقفُ أمامَه بالفِعل. لكِن سُرعان مَا تجمّدت ملامِحه كمَا عينَيه، لألمَح يدَه التِي اشتدّت علَى المُلائة حتّى تجعّدت يصنَع لِي ابتسامَة ساخِرة
"هَل حقًا ظننتِ ولَو لوهلَة أنّكِ أصبحتِ شخصًا آخَر أمامِي؟ لستُ أنَا مَن تقومِين بمراوغتِه والتّواري عَنه يَا أورورَا، أنتِ تنفجرِين بسرعَة عندمَا يتعلّق الأمر بصحِّة أحدِهم"

م مهلًا..
أعَرفَ أنّها أنَا منذُ لحظةِ دخولِي؟ لكِن كَيف والشّيء الوحِيد الظّاهر منِّي هُو عينَاي؟ ليسَ وكأننِي الفتَاة الانجليزيّة الوحيدَة التِي تمتلكُ عينَان زرقاوَان! إننِي حتّى لَا أضعُ عطرًا ليُميِّزني..
لهذَا السّبب قامَ بمحاولةِ إستفزازِي وهُو يخبرنِي أنّه يرغَب بالخُروج؟ كَي أكشفَ عَن نفسِي بنفسِي..
ومِن الواضِح أنّه قرَأ علاماتِ الإستفهَام التِي تتراقصُ فوقَ رأسِي.

أتاراكسياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن