مرت خمس سنوات على عيد ميلادي، اصبحت بالخامسة عشرة، اقتربت من النافذة وانا ارتشف من الشاي الدافئ، رائحة الازهار تشعرني بالارتياح، ابتسمت وانا ارى ازهار التوليب الحمراء في الحديقة، كانت جميلة ومشعة كالعادة، اوراقها الخضراء زاهية..
كان هنالك بعض الخدم يأتون ويذهبون، يعملون بجد، لشخص مثلي كانت نعمة رؤية هذا المنظر، اشخاص يعيشون حياتهم من دون قلق، اصبحت عادة لي الى حد ما ان اتامل الهدوء والسلام من الشرفة
فجأة يد ما اغلقت بصري، تنهدت وابعدت اصابعه من وجهي بينما اقول"آيلان، في يدي شاي ساخن، هذا خطير"
تقدم آيلان ليجلس فوق الطاولة امامي، يميل راسه بلطف، هنالك تلك الابتسامة الكبيرة على وجهه"هاه وما الخطير اصلا؟ انت لم تتفاجأ ري، اتساءل احيانا ما الذي علي فعله لجعلك مرتبكا" ضاقت عينا العنقاء الجميلتان قليلا، كانت لهجته ايقاعية، وصوته لطيفا وناعما، يريد منه المستمع ان يتحدث الى الابد..
لدى آيلان نفس مظهر اخيه الاكبر آريان بالضبط، فارق السن بينهما سنتين فقط لذلك يبدو كنسخة اصغر فقط، لكن بمجرد ان تجلس معهما لخمس دقائق وتتحدث معهما يمكن ان ترى اختلاف الارض والسماء بينهما..
آيلان طفولي وصاخب، لديه هالة نشطة وروح مرحة، عيناه العسلية تصخ بالحياة، كان بطبيعته محبوبا للغاية بين الجميع حتى انه كان يمنع الخدم بالتحدث برسمية معه وكان يساعدهم في اعمالهم عندما يكون لديه وقت فراغ
على الجانب الآخر، آريان كان ناضجا لدرجة مخيفة، مهذب ولبق ولا تجد في تصرفاته اي خطا، حركاته واسلوب حديثه رسمي وهادئ، كالآلة دون مشاعر، حتى ابتسامته كانت نادرة وبالكاد ترى، لم يكن لديه اصدقاء، ليس لانه مزعج او مغرور، لكن عندما تجلس معه، حتى لو فتحت النقاش ستتلقى ردود باردة وتلقائية، في النهاية ستحدق به بصمت لأن ليس هناك شيء ليقال، كان لديه جدران عدة ولم يستطع سوى عائلته كسر هذه الحواجز، كانوا يتقبلونه
كالعادة تحدث آيلان لساعات مع آريان، يخبره عن تفاصيل يومه بالأكاديمية ويشتكي من اخته، ضرب قبضته على الطاولة، ينفخ خديه بغضب "ان آيفي مزعجة للغاية، لا تفهمني، تخيل لقد تاخرت عن الحصة قليلا وكنت اعلم ان الاستاذ لن يدخلني، فلم ادخل، بعدها امي اتصلت وانا معقاب الان! كله بسبب تلك الغيبة آيفي، انها تشي بي دائما، الا يمكن لري ان يوبخها من اجلي؟"
رمشت عدة مرات، فسرت بهدوء "امي لم تعاقبك لهذا فقط، انت تشاجرت مع ثلاثة طلاب واوسعتهم ضربا، درجاتك تنخفض، والاستاذة يشتكون منك لانك تتحدث خلال الحصة وتشتت الدرس كما انك..."
"ما ماذا؟! لا تقلها هكذا وكانه خطأني! كانوا متنمرين، اخبرتهم بالتوقف لكنهم لم يصغوا الي واستمروا بازعاج صديقي، هل هو خطأي اني حاولت انقاذ صديق؟!" تجاهلت انه قاطعني، كان منفعلا للغاية، يحاول اظهار نفسه بريئا لي، لكنه لا يعلم انه سواء كان محقا او مخطئا، ساقف في جانبه على اية حال

أنت تقرأ
الشر النبيل
Paranormalبعد أن عاش نهاية العالم وحيدا، يتراجع آريان إلى نقطة البداية، يجد نفسه محاطا بعائلته التي ظنها مفقودة للأبد بينما ماضيه وحاضره يهددانه بخسارة كل شيء مجددا، وبينما يعلم ان السلام المزيف للبشرية سيؤدي لنهايتها يقرر آريان أن يشعل شرارة الحرب بنفسه، يصب...