"آيلان...؟"
كانت النيران تتراقص بجنون، تعكس ظلالا مشوهة على الأرض المحترقة، تصرخ بصوت اللهب المتطاير، تحذر وتتوعد، تحيط بآريان من كل الجهات، تحجب الرؤية، وتزيد من حرارة المشهد المتصاعد
وقف آريان وسط هذه الدوامة من الدمار، بثيابه الممزقة، وقلبه ينبض بعنف، عيناه لم تفارقا شقيقه المحاصر في قلب العاصفة النارية
هل.. هل لا يزال هناك؟ هل لا يزال شقيقه موجودا تحت كل هذا الغضب؟
حاول أن يبحث عن علامة، أي دليل على أن آيلان لم يفقد نفسه بالكامل، لكنه لم يجد سوى ألسنة اللهب التي تلتهم الأرض وتزحف كوحش جائع، تدمر كل ما في طريقها، ارتعش جسده، كان هذا... مألوفا، مألوفا جدا
استطاع الشعور بحرارة النيران على جلده، تماما كما شعر بها في ذلك اليوم، ذلك اليوم الذي اختفى أثره من جسده لكن ليس من ذاكرته، هل سيحترق مرة أخرى؟ هل سيحرقه آيلان هذه المرة أيضا؟
ترددت هذه الأفكار في رأسه، ولكنها لم تستطع أن توقفه، زفر نفسا مرتجفا، محاولا طرد الخوف بعيدا
لا، آيلان لن يؤذيه، ليس لديه سبب لذلك، ليس بعد
بخطوات عاجلة، اقترب أكثر، محاولا تجاوز الجدار الناري الفاصل بينهما، لكن صوت بارد أوقفه
"التقدم اكثر من هذا سيكون خطيرا، لا تجبرني على اعادتك"
كان الصوت باردا، ثابتا، مجردا من المشاعر، التفت آريان ليجد شبيهه يقف هناك، بذات تعبيره المعتاد، وجه خالٍ من أي انفعال، كأن ما يجري أمامهما مجرد مسرحية لا تستحق اهتمامه
حدّق آريان به بحدقة مرتجفة، سواء كان جسده أو تفكيره، لم يستطع الحفاظ على نفسه هادئا، لم يكن يمثل، لقد كان خائفا حقا، ربما خائف من نيران شقيقه، او ربما من الدفء الغريب الصادر منه، من ناحية اخرى كان خائفا من خسارته
أو ربما مما سيحدث بعد ذلك..
لم يكن يعرف، لكنه شعر وكأن أنفاسه أصبحت أثقل، وكأن الزمن قد تباطأ من حوله، على عكس شبيهه، الذي وقف هناك بثبات، لا يكترث، لا يتأثر، كأن شيئا لم يكن
الى مدى يستطيع مساعدته؟
كان الشبيه قد خطط لكل شيء حتى الآن، قتل شين دون أي تعقيدات، حرص على إبقاء آريان على قيد الحياة بالحد الأدنى من الإصابات، لكنه كان واضحا منذ البداية
آيلان لم يكن ضمن خططه.
"اخبرتك، انه مجرد عبأ"
"اصمت، لا باس ان اتخلى عن نفسي، لكن لا تخبرني ان اتخلى عن اخي"
"الى متى يجب ان نخوض هذا النقاش؟ لا افهم لماذا تعارضني، وانت تعلم انني على حق"
ثبت آريان في مكانه، أجبر نفسه على الهدوء رغم العاصفة داخله، ثم سأل ببطء، كأنه ينتزع الكلمات من داخله بالقوة

أنت تقرأ
الشر النبيل
Paranormalبعد أن عاش نهاية العالم وحيدا، يتراجع آريان إلى نقطة البداية، يجد نفسه محاطا بعائلته التي ظنها مفقودة للأبد بينما ماضيه وحاضره يهددانه بخسارة كل شيء مجددا، وبينما يعلم ان السلام المزيف للبشرية سيؤدي لنهايتها يقرر آريان أن يشعل شرارة الحرب بنفسه، يصب...