حلقة خاصة 2

13.8K 1.1K 131
                                    

حلقة خاصة 2
للعشق قيوده الخاصة
الجزء الرابع
     من
أسير عينيها
¤¤¤¤¤¤¤¤¤
- لينا اعتذري لرضوى حالا
توسعت حدقتيها ذهولا تنظر إليه مصعوقة ، يبدو أنه يهذي لم تفعلها قبلا ولن تفعلها الآن ، لن تدع الحية تنتصر ، نظرت إليهما قبل أن تبسط يدها على بطنها وتصرخ من الألم هنا انتفض زيدان يهرع إليها يسألها فزعا :
- لينا ، مالك يا حبيبتي ، تعالي اقعدي تعالي
حملها سريعا يتحرك بها هنا نظرت لرضوى الواقفة خلف زيدان ترمقها بنظرة إقتحار وسخرية ، أجلسها زيدان على الأريكة يمد قدميها أمامها يسألها قلقا :
- مالك صرختي فجاءة ليه ، أنا هطلبلك الدكتورة ، ولا أكلم حسام
ارتسمت ابتسامة خبيثة على شفتيها سرعان ما أخفتها وجود حسام هنا لربما يساعدها كثيرا ، اومأت برأسها تحادثه بنبرة ضعيفة واهنة :
- ايوة كلم حسام ، خليه يجي أكيد هو هيخاف عليا ويحس بيا أكتر من اللي حبيته في يوم
تنهد بعمق يمسح وجهه بكف يده ، اومأ برأسه متضايقا قام من جوارها يتصل بحسام يخبره أن يأتي سريعا ، أغلق معه الخط وحين التفت ليعود سمع رضوى تهمس باسمها ورآها تقترب منه ، اخفضت رأسها تفرك يديها تعتذر منه :
- أنا آسفة على اللي حصل ، بس لينا عندها حق ، يعني أنا ضيفة مش من حقي أعمل اللي عملته ، أنا اللي المفروض اعتذرلها ، وأنا فعلا هعمل كدة
وتحركت تتوجه إلى لينا التي تتمدد على الأريكة ، نظرت لبطنها المنتفخ تشعر بالغيظ ، فهي متزوجة منذ سنوات ولم تحمل إلى الآن ولا لمرة واحدة حتى ، اقتربت منها ترسم إبتسامة صغيرة على شفتيها تعتذر لها :
- لينا أنا اللي آسفة بجد ، دا بيتك وأنا مش من حقي اتصرف بالشكل دا ، بس أنتِ جرحتيني بكلامك أوي يا لينا ، مش معنى أن والدتي غلطت في حقك أن أنا كمان هبقى زيها ، أنا كنت بحاول أساعد بس أنتِ فهمتي دا بشكل مختلف ، أنا آسفة
لم تقتنع ،  رغم كل التبريرات التي قدمتها ولكنها لم تقتنع ، هي خير من تعرف إلهام من المستحيل أن تكن ابنتها تختلف عنها ، ولكنها ابتسمت في وجهها تومأ برأسها موافقة ، لاحظت لينا نظرات إلهام التي تختلسها من حين وآخر صوب بطنها المنتفخ تارة تشعر بأنها تنظر إليها غيظا وتارة شوقا ، وتارة وكأنها تشعر بالحرمان ، تنهدت شعرت لعدة لحظات بالشفقة عليها ولكنها نفضت هذا الشعور سريعا ، مرت عدة دقائق وسمعت صوت دقات حسام المميزة فابتسمت رغما عنها ، أما رضوى فقطبت جبينها مستنكرة ما تسمع ، تحرك زيدان يفتح الباب لحسام الذي دخل يُحدث صخبا كالعادة :
- هي فين الولية الحامل اللي جيباني على ملا وشي
دخل إلى الغرفة نظر لشقيقته يبتسم ، قبل أن يحول رأسه إلى الجالسة هناك عرفها منذ أن رآها ولأنه لا يحبها أراد أن يضايقها :
- أنتوا جبتوا شغالة أخيرا ، انجري يا بت هاتيلي كوباية ماية
اقترب زيدان منه يلكزه في ذراعه يحادثه خفية :
- يا حمار دي رضوى بنت عمتي
توسعت حدقتي حسام يغمغم بصوت عالي مستنكرا ما يسمع :
- بنت إلهام الصفرا !! ، قصدي بنت عمتك إلهام
قلبت رضوى عينيها ساخرة ذلك السخيف حسام رأته قبلا بصحبة زيدان عدة مرات ، زيدان لا يتحرك بدونه ولكنها لم تكن تعرف أنه شقيق لينا ، تحرك حسام يجلس جوار لينا الذي أسرعت تعانقه فقطب حسام جبينه قلقا ، عانقها بخفة يسألها قلقا :
- مالك يا لينا حصل إيه
أخفت رأسها بين أحضانه تتحدث بصوت خفيض حتى لا يسمعه غيره :
- البت اللي اسمها رضوى دي جاية تاخد زيدان مني ، وبتعمل حركات كهن يهود ، وبسببها زيدان زعقلي ، ساعدني نطفشها
ومن ثم رفعت رأسها تعانقه كأنها لم تقل شيئا طرفت عينيها الدموع تتحدث حزينة بصوت مسموع :
- زيدان زعقلي يا حسام ، هو خلاص ما بقاش بيحبني ، خدني معاك أنا مش عاوزة أفضل هنا

رفعت رضوى حاجبيها تقلب عينيها ساخرة ما بالها تلك الصغيرة تتدلل بشكل سخيف ، أما حسام فابعد لينا عنه برفق وقف أمامها ينظر لزيدان غاضبا قبل أن يحادثه محتدًا :
- أنت بتزعق للينا يا زيدان ، ما فيش أي حاجة في الدنيا تستاهل وركزلي في كلمة تستاهل أنك تزعق لأختي عشانها ، وخصوصا أنها حامل ، و بابا قالك بدل المرة ألف أنها تيجي عندنا لحد ما تقوم بالسلامة وأنت رفضت وقولت هخلي بالي منها ، يبقى ما تزعقلهاش أبدا
تحركت عيني زيدان بين حسام ولينا ؛ ليراها تتحاشى النظر لعينيه ، اقترب زيدان خطوة وأخرى من حسام كتف ذراعيه أمامه يتحدث بهدوء :
- أنت مش هتخاف على لينا قدي يا حسام ، وأظن أنت عارف كدة كويس ، فياريت الموضوع يخلص عند هنا عشان أنت عارف غلاوتك عندي وأنا مش حابب نشد مع بعض ، المهم شوف أختك صرخت فجاءة وهي واقفة
تنهد حسام يومأ برأسه جلس جوار لينا يسألها عما حدث وهي تجيب تختلس النظرات صوب حسام ، مرت عدة دقائق قبل أن يخرج حسام السماعة من حقيبته ، يطلب من رضوى الخروج :
- لو سمحتي اتفضلي عشان لينا بتتكسف
حمحمت رضوى محرجة تومأ برأسها ، خرجت من الغرفة وبدأ حسام فحصه بعد عدة دقائق
انتهى يضع السماعة في حقيبته يفتش عن شيء ما يحادثها :
- لا تمام ، كله تمام ، أنتِ بس شكلك اتعصبتي زيادة وأنا قايل نهبط لحد ما تولدي ، هديكِ حقنة تظبط الدنيا كلها ، شمري دراعك
تنهدت متوترة تنظر صوب زيدان الذي لا يزال يقف مكانه يتابع ما يقول حسام بإنصات شديد ولكنه لم يقترب خطوة ، ابتلعت لعابها تبتسم متوترة تحاول أن تقول شيئا :
- عارف يا حسام لما بترفع راسك لفوق ونور اللمبة بينعكس على النضارة بتاعتك بتبقى شبه الدكتور الشرير في أفلام الرعب
ضحك حسام عاليا يحرك رأسه لأعلى وأسفل ليضايقها :
- أيوة صح ، أنا الشرير في كل الروايات ، بردوا مش هتخلعي شمري دراعك ، دا أنتِ أختي وحافظك صم
نظرت لزيدان لمرة أخيرة أن لم يتحرك ويأتي إليها لن تسامحه أبدا ، رأت يزفر أنفاسه بعنف يبدو أن قلبه انتصر عليه كما يفعل دائما رأته يقترب منها ، جلس جوارها يمسك بكف يدها يشدها برفق لتعتدل جالسة ، وضعت رأسها على صدره تغمض عينيها متألمة حين شعرت بوخز مؤلم يضرب ذراعها ، شعرت بيده تمسح على رأسها برفق ، حين رفعت عينيها له رأته يقطب جبينه ينظر لحسام غاضبا حرك شفتيه دون أن يتكلم ولكنها فهمت ما يقوله لحسام :
- غبي
انتهى الأمر في لحظات معدودة ، سمعت صوت حسام يحادثها ضاحكا :
- زيدان هيقوم يولع فيا عشان حقنة ، اومال لما يجي يوم الولادة هيعمل فيا ايه
أحمر وجهها لا تتخيل أن حسام هو من سيفعل ذلك ، رفعت رأسها تحرك رأسها للجانبين رافضة :
- مش أنت اللي هتولدني أصلا
ضحك حسام ساخرا يحرك رأسه للجانبين يتهكم منها :
- يا شيخة ياريت ، دا أنا شايل هم ولادتك أكتر منك ، أبوك مرة خدت منه عينة دم كان هيولع فيا ، وأهو جوزك شكة حقنة هيقوم يولع فيا بردوا ، الاثنين هيطلعوا عين أهلي ، ما انتوا ما بتلاقوش حد تسحلوه في عيلتكوا غيري ، بكشف على كل الأمراض
ضحكت لينا أثر ما يقول لا يمكن أن تنكر أن زيدان محق ، رفع حسام يده يحسس على معدته يتحدث :
- بقولكوا إيه أنا جعان ، عندكوا طبيخ إيه ؟
هنا تذكرت لينا ما حدث قبل قليل نظرت صوب زيدان حانقة تبتعد عنه ، قبل أن تقم واقفة توجه حديثها لحسام :
- أنا طالعة أوضتي أرتاح ، الست رضوى عاملة لزيدان بيه المكرونة بالباشميل اللي بيحبها ابقى اتعشى معاه عن إذنكوا ؟
تحركت تخرج من الغرفة ،زفر زيدان بعنف يمسح وجهه بكف يده ، قام حسام يجلس جواره يلكزه بذراعه :
- مكرونة بشاميل يا زوز ، إيه اللي جاب بنت إلهام هنا ؟ من أمتى والحداية بتحدف كتاكيت
لف زيدان رأسه صوب حسام جز على أسنانه يتحدث حانقا:
- شوفت أختك المجنونة ، من شوية تقولي كلم حسام أصل ما حدش هيخاف عليا ويحبني قده ، ولما تيجي تقولك زيدان بيزعقلي وما بقاش بيحبني ، أنا عارف إن رضوى مش ناوية على خير أنا مش عيل صغير ، بس دي بنت عمتي هطردها يعني ، أختك محسساني أن أنا هخونك مع أي حاجة بتتحرك اومال لو ما كنتش طلعان عين أمي عشان اتجوزها

ضحك حسام يضرب كفا فوق آخر ، ظل قبل أن تهدأ ضحكاته شيئا فشيء يتحدث بعقلانية مفاجأة :
- بس ما تنساش بردوا يا شبيه خالك ، أن أبويا كان بيحب الدكتورة لينا جداا وإلى الآن بيموت في التراب اللي بتمشي عليه حرفيا ، ومع ذلك اتجوز عليها ، وما اتجوزش حب اتجوز بسبب ظروف قهرية اضطرته لكدة ، فممكن تكون لينا قلقانة ليتكرر اللي حصل معاكوا
شردت عيني زيدان يفكر ما قال حسام هو أقرب تفسير لما فعلت ، تنهد يومأ برأسه انتبه على صوت حسام يسأله :
- وبعدين ما قولتليش بردوا هي رضوى بتعمل ايه هنا ؟
قص عليه زيدان سريعا ما قالت رضوى ، قطب حسام جبينه لم يقتنع بما سمع ، وقف عن مكانه يمط ذراعيه في الهواء يغمغم ناعسا :
- طب أنا جعان وشكلي هبات عندكوا النهاردة ، كدة كدة البت سارة عند أبوها
تركه وتحرك إلى المطبخ ، في حين دق هاتف زيدان فتح الخط سريعا بجيب:
- وصلت ولا لسه؟
أستمع إلى الطرف الآخر لعدة لحظات قبل أن يردف يقول:
- طيب مستنيك ، مع السلامة
أغلق الخط يضع الهاتف في جيبه ، وقف مكانه يضيق حدقتيه قليلا عازما على أمر ما ، تحرك لخارج الغرفة توجه إلى المطبخ وجد حسام يجلس هناك ورضوى تقف أمامه تضع الطعام في صحنه ، قبل أن تجذب لنفسها مقعدًا وتجلس هي الأخرى تأكل ، دخل إلى المطبخ يتوجه صوب المبرد يُخرج عدة بيضات وعلبة جُبن وبعض الخضراوات ، تعجبت رضوى تسأله عما يفعل :
- أنت بتعمل ايه يا زيدان ؟ معقول مش عاجبك الأكل ؟ طب دوقه الأول
لف رأسه إليها وابتسم يتحدث في هدوء :
- دا مش ليا يا رضوى ، دا للوليا ، معدتها بتوجعها لو كلت أكل تقيل بليل
قبضت رضوى كف يدها بعنف تشعر بالغيظ الشديد يأكل نفسها ، لا تفهم ما المميز في تلك اللينا لتحصل على كل شيء في الدنيا ، رأته وهو يقطع الخضراوات بحجم صغير ، يقلي البيض بقطرات قليلة من الزيت ، يضع الكثير من زيت الزيتون فوق الجُبن تفاصيل يقوم بها بكل دقة ، انتهى فابتسم يضع الطعام على صينية صغيرة يتحرك به  لأعلى ، راقبت حركته إلى أن اختفى من أمامها ، وراقبها حسام وهي تراقبه ، تلاقت عينيها بعيني حسام لترتبك تُبعد عينيها سريعا
أما حسام فابتسم لها يردف
-بتعملي أكل حلو أوي يا رضوى ، جربتي مثلا تبدأي مشروع صغير لأكل بيتي ، ولا خراب البيوت واخد كل وقتك

أصفر وجه رضوى أثر ما قال شعرت بالغضب الشديد لتهب واقفة تحادثه منفعلة :
- إيه اللي أنت بتقوله دا ، أنت قليل الأدب زي أختك فعلا ، واضح أنها وراثة في العيلة

ضحك حسام بخفة يحرك رأسه لأعلى وأسفل يؤيد ما تقول :
- دي حقيقة وراثة من الحج ، الحج لسانه طويل وأيده أطول ، ومسدسه أطول وأطول ، ولا عمي ، عمي دا معدي ليفل الوحش في الجحود ، اقعدي أنتِ مش غريبة ، أحكيلك إنجازات العيلة قليلة الأدب
قطبت رضوى جبينها مستنكرة ما يقول ، هل ذلك الرجل مجنون أم ماذا ؟! أرادت أن تصرخ في وجهه من جديد ولكنه وجه إليها نظرة حادة كثيرا جعلتها ترتبك للغاية ، حمحمت تعود لمقعدها تنظر لحسام متوترة أما هو فابتسم وبدأ يتحدث بفخر شديد :
- بصي يا ستي عمي حمزة السويسي دا عتيد في الإجرام ، ما بيسيبش وراه دليل ، بيقدر يعرف اللي قدامه هيعمله من قبل ما يعمله ،  وعنده دقة ملاحظة جبارة ، مشكلته بس حاجتين أفكاره ما تخطرش على بال إبليس فبنترعب منه كلنا ، وأنه على طول مصدع وعايز قهوة وما بيخليش حد يعملهاله غير درة حمزة السويسي ، لاء خدي بالك هو رغم كدة عاطفي جداا ، يعني مستحيل يقتل قدام مراته عشان مشاعرها وعشان ما تخافش منه

أصفر وجه رضوى فزعا تشعر بالدماء فرت هاربة منها ، أما حسام فأكمل بنفس نبرة الاعتزاز والفخر :
- الحج أبويا بقى ، الشهادة لله راجل طيب وحنين وكريم وما يسيبش حد محتاجله لو هيسافرله الصين
ما كادت رضوى تتنفس الصعداء أكمل حسام يزيدها ذعرا :
- بس مشكلته أن دراعه سابقه ولما بتربس معاه خلاص شكرا ، تخيلي لو حد حاول يأذي حد مننا من العيلة مثلا ووقع تحت أيد أبويا ، يا نهاره أزرق ، بيوصل بيه الحال أنه بيتحايل عليه عشان يموته ، بس طيب والله

أرادت رضوى في تلك اللحظة أن تصعد لأعلى وتأخذ حقيبة ثيابها وتهرب ، أو تترك حقيبة ثيابها وتلوذ بنفسها ، أما حسام فكان يبتسم مستمتعا وكأنه يقص عليها طرفة ظريفة قبل أن يُكمل :
- عندك حسن دا مش من العيلة بس معانا من زمان ، دراع الحج اليمين ، يعني تخيلي مثلا أنتِ عملتي حاجة أذت لينا ، أنا بقولك مثلا أنتي طيبة ما تعمليش والحج عرف وقال يا حسن ، شكرا مش هنشوفك تاني

هنا هبت رضوى واقفة ترتجف كل ذرة بها تشعر بدقات قلبها على وشك أن تخرج من مكانها من شدة الذعر ، أما حسام فأكمل :
- والباقي بقى الجيل الجديد اللي لسه على قده ، زيدان بس ما يغركيش طيبة زيدان دا كسر لمعتز دراعته الاتنين ورجله عشان فكر يحط أيده على لينا ، ونائل كل ما يبقى زهقان بيروح يلعب في وشه البخت ، لينا بردوا عصبية جداا زي بابا ابقي أسألي والدتك ومرتات خيلانك عملت فيهم ايه ولا نائل دي هرست صوابعه بكعب جزمتها ، أنا بقى والعياذ بالله من كلمة أنا ، أطيب واحد في العيلة دي ، يعني لما حد يأذيني هعمل فيه ايه ، كبيري أوي حقنة هوا ، مش بقولك طيب طيب أوي كمان
نظرت لرضوى لحسام يكاد يغشى عليها خاصة حين رأته يقف عن مقعده يتحرك إليها وقف أمامها بعدة خطوات كتف ذراعيه أمامه يبتسم يقول :
- بس اعرفي حاجة مهمة ، عيلة السويسي ما بتأذيش حد ، عمرنا ما ابتدينا بالأذية ، دا أحنا دايما اللي بنتأذي ، أنا بس بنرد ، عشان كدة يا رضوى نصيحة أخوية ، لو جاية وناوية على أذى ، امشي ، وتسلم أيدك الأكل حلو أوي وفكري في المشروع اللي قولتلك عليه ، تصبحي على خير

وتركها وخرج من المطبخ تتجرع شعور من الذعر لم تشعر به قبلا ، تهاوت على مقعد خلفها شردت عينيها في الفراغ ، ربما تسرعت ،ربما أخذها الغرور بنفسها ، ربما لم تعد تحب أحمد فأرادت أن تتخلص منه ، أحمد طيب حاد الطباع ولكنه يتحملها ، ربما لأنه ليس بغنى زيدان ، أرادت زيدان ؟
وربما لأنه لم يدللها قط كما رأت زيدان يفعل مع زوجته ؟!
خطتها هي ووالدتها من البداية أن تأتي لهنا وتجعل لينا تُجهض جنينها عقابا لزيدان على ما فعل ، ربما عليها أن تعود لخطة والدتها الأصلية وتكدر صفو حياة زيدان وللينا وترحل ، ولكن ما قاله حسام الآن عليها أن تُفكر ألف مرة قبل أن تقدم على إيذاء لينا

أما بالأعلى
دخل زيدان إلى الحجرة رأى لينا تجلس على فراشها تستند إلى عارضة الفراش ، ما أن رأته رفعت يديها سريعا تمسح الدموع عن وجهها ، تنهد حزينا جلس جوارها يضع الطعام ،نظرت لصينية الطعام ابتسمت ساخرة تتهكم :
- ودا الست رضوى اللي عملته بردوا
حرك رأسه للجانبين ابتسم يقول :
- وهو في حد غيري بيقطعلك الخضار صغير كدة بردوا على البيض
أشاحت بوجهها بعيدا رافضة الحديث معه ، تنهد ربع ساقيه مد يده يضعها على ذراعها لتزيح يده بعنف رافضة الحديث معه ، أو النظر إليه حتى ،ولكنه رفض رفضها ، قام من مكانه يجلس أمامها أمسك بذقنها برفق يدير وجهها إليه مرة بعد أخرى وهي تبعد وجهها إلى أن كوب وجهها بين كفيه رافضا أن تبتعد بوجهها عنه يتحدث سريعا :
- والله أبدا ، بصيلي بقى رقبتك هتوجعك
أغمضت عينيها رافضة النظر لوجهه تنهد يقول متعبا :
- متجوز أكتر إنسانة عنيدة في الكون كله ، لينا فتحي عينك وبصيلي ، يا هبوسك وانادي على أخوكِ يشوفنا وأنا ببوسك
شهقت بعنف تجحظ ملقتيها ، الوقح الوغد ماذا يقول ؟! أما هو فابتسم يعاتبها :
- كدة يا لوليا كل دا عشان تبصيلي مين اللي كانت بتفضل تقول أنا هبصلك ليل نهار عشان اللي في بطني يطلع شبهك ، بتشتكيني لحسام يا لينا ، خلاص زيدان بقى وحش
حركت رأسها بالإيجاب تؤيد جملته الأخيرة ليضحك بخفة يحرك رأسه يائسا :
- أنا وحش ، زيزو حبيبك اللي مستعد يجيبلك نجمة من السما وحش ، أنا عملت إيه زعلك أوي كدة ، عشان قولتلك إعتذري لرضوى ، طب أنتِ مش شايفة أنك أهنتيها جامد ، ولو حتى زي ما بتقولي هي نيتها مش سليمة إنتِ كدة بتخليها تنتصر عليكِ وهي شيفاكِ متعصبة وعمالة تزعقي أوي كدة ، وبعدين اعرفي حاجة مهمة يا لينا ، لو صحيح عندك هاجس إني ممكن أتجوز في يوم زي خالي شيليه من دماغك تماما ، أنا عيشت سنين بحلم إني اتجوزك مش هروح لواحدة تانية لو بتنور في الضلمة
هدأت كثيرا عن ذي قبل ، أبعد كفيه عن وجهها يشيح هو بوجهه بعيدا عنها يتحدث متضايقا :
- أنا بقى اللي زعلان ، بقى تترمي في حضن حسام وتشتكيله مني ، وتخلي الواد الجزمة دا يزعق فيا، دا أنا لما أفضاله هنفخه ، وتقوليلي بيحبني وبيخاف عليا أكتر من واحد حبيته في يوم والواحد دا كرهتيه خلاص ، تماام أوي

أمسك صينية الطعام يضعها على قدميه يطلب منها بنبرة جافة :
- كُلي يلا عشان ننام
تضايقت من نبرة صوته ولكنها لم تعقب فقط أخذت عدة لقيمات من طبق الجُبن وأخبرته أنها شبعت ، حمل زيدان الطعام يضعه في الثلاجة الصغيرة في الغرفة وتوجه يغسل يديه ، عاد إلى الفراش تسطح جوارها على ظهره يعقد ذراعيه تحت رأسه ينظر للسقف ، نظرت إليه لعدة لحظات قبل أن توليه ظهرها متضايقة حانقة عليه ، هو المخطئ وهو المتضايق إيضا ، أغمضت عينيها تحاول النوم لوقت طويل لم تستطع ، غفت لبضع الوقت ، ولكنها استيقظت فجأة على صوت الباب ولمحت في انعكاس المرآة زيدان وهو يتسلل للخارج ، صرت أسنانها غاضبة الوغد يدعي الغضب وها هو يتسلل لخارج غرفتها ، قامت سريعا فتحت الباب جزء صغير قرأته يقف هناك عند باب رضوى يدق الباب بهدوء شديد ،الوغد المحترم صاحب الأخلاق العليا !!
يخونها في الصباح الباكر ويطرق باب معشوقته أولا ، فتحت له رضوى الباب ويبدو أنها تفاجئت من وجوده ، دخل إلى الغرفة يغلق الباب عليهم ، في تلك اللحظة كانت بين حلين أما أن تطرق الباب بكل عنف تصرخ فيه وتطلب الطلاق وإما أن تعرف ما الذي يفعله زيدان في غرفتها ، تحركت بخفة تُلصق أذنها من الداخل سمعت زيدان وهو يتحدث مع رضوى ويبدو غاضبا :
- أنتِ إيه اللي جابك هنا يا رضوى ،أحمد ما خانكيش ولا حاجة ، الراجل مسافر وطلعان عينه في الشغل ، يوم ما جيتي أنا اتصلت بيه ، وطلع فاكر أنك عند والدتك وما فيش بينكوا أي خلفات فقولت أمشي معاكِ اشوفك عاوزة توصلي لأية بالظبط ، ولما نزلت ولاقيتك متقمصة دور الزوجة التانية فهمت دماغك يا رضوى ، رضوى لو فاكرة أن أنا ممكن أطلقك من أحمد واتجوزك على لينا تبقي عايشة في كدبة سخيفة ، أنا واثق أن إلهام هي اللي بعتاكِ ، زي ما قولتلك أنا مش أهبل ، أنا بعمل أهبل بمزاجي ، آخر حاجة هقولهالك جوزك جاي زمانه قرب يوصل ، أنا قولتله أن حصل خلاف كبير بينك وبين والدتك فجيتي قعدتي عندي أنا والمدام كام يوم ، الست اللي تفكر في راجل وهي على ذمة راجل تاني ، تبقى ست خاينة يا رضوى ، عن إذنك
تحركت لينا سريعا تعود إلى غرفتها أغلقت الباب واندست تحت الغطاء تتنفس بعنف تحاول أن تهدأ ، تشكر ذكائها أنها لم تصرخ فيهم وإنما هدأت واستمعت لما قال ، سمعت صوب الباب يُفتح دخل زيدان وتسطح خلفها يضمها لأحضانه ، دفن وجهه في حضلات شعرها وابتسم يهمس بخبث :
- مش قولنا ما تجريش وأنتِ حامل ، بس بصراحة فاجئتيني أنا قولت هتسمع بينا الدنيا  ، من ساعة ما حملتي وأنتِ بقيتي عصبية أوي
فتحت عينيها التفتت تنظر لوجهه تزم شفتيها متضايقة :
- أعمل ايه يعني مش بمزاجي هو الحمل اللي مخليني كدة ، وبعدين إزاي ما تقوليش أنك عارف كل حاجة كدة
ضحك زيدان بخفة يقرص أرنبة أنفها برفق يتحدث ضاحكا :
- أنتِ بتدي حد فرصة يتكلم ، إنتِ بتندفعي زي القطر ، ومن غير قمص على قلبي زي العسل ، أنا أصلا اللي المفروض أكون زعلان
ارتسمت ابتسامة كبيرة على شفتيها احتضنته تقبل ذقنه ، فتوسعت ابتسامته يقول في اللحظة التالية:
- خلاص مش زعلان ، شوفتي الموضوع بسيط إزاي
ضحكا معا ، بعد مرور بعض الوقت كانت تجلس جواره على الأريكة بالأسفل تنظر  للباب بين لحظة وأخرى متى سيأتي زوجها ويأخذها ويغادر ، رأتها تنزل من أعلى تحمل حقيبتها وقف زيدان من جوارها أقترب منها أما هي فأنزلت رأسها تشعر بالحرج منه حمحمت تتحدث متوترة :
- شكرا يا زيدان أنك ما قولتش لأحمد حاجة
أعطاها ابتسامة صغيرة يتحدث بهدوء :
- كل إنسان بيغلط يا رضوى المهم أنه يتعلم وما يكررش الغلط تاني

هنا قامت لينا من مكانها وقفت أمامها ابتسمت في وجهها تقول بنبرة ودودة :
- أنا دلوقتي اللي عايزة نبقى صحاب ممكن
نظرت رضوى لها تحديدا لبطنها المنتفخ ، وداخلها شعور يدفعها أن تباغتها وترفع حقيبتها  وتصدمها في بطنها بكل عنف ، وفعلا عزمت على فعل ذلك شددت كفيها على الحقيبة وقبل أن تفعل توقفت ، شيء بداخلها أوقفها ، شيء منعها من فعل ذلك ، ربما هو ما تبقى من ضميرها وربما هو عرفان زيدان الذي قدمه حين أخفى الحقيقة عن زوجها ، نظرت لبطن لينا للمرة الأخيرة قبل أن تقول بهدوء :
- ما افتكرش أننا هينفع نكون صحاب ، ربنا يقومك بالسلامة
قطبت لينا جبينها مستنكرة ولكنها حركت رأسها وابتسمت في وجهها ، بعد عدة دقائق دُق جرس الباب وتحرك زيدان يفتح ، رأت لينا أحمد زوج رضوى وتعجبت كيف لرضوى أن تفكر في تركه ، الرجل أمامها طويل القامة جسده رياضى ملامح وجهه وسيمة بقدر معقول أصلع يمتلك شارب ولحية صغيرة ، ابتسم يصافح زيدان يشكره :
- متشكر يا زيدان ، واشكرلي المدام ، انكوا خليتوا بالكوا من رضوى
نظر إليها يبتسم في وجهها يقول :
- مش يلا يا رضوى نروح
تنهدت تومأ برأسها ، ما أن اقتربت منه لف ذراعه حولها يهمس جوار أذنها :
- زيدان قالي أنك كل شوية تقوليله كلم أحمد خليه يجي بقى ، مش فاهم ما كلمتنيش ليه مكسوفة
نظرت إليه ودمعت عينيها ،وضعت رأسها على صدره وبكت بحرقة تعتذر منه :
- أنا آسفة ، سامحني أنا آسفة
قطب أحمد جبينه متعجبا مما حدث يسألها قلقا :
- آسفة على إيه يا رضوى ، عشان روحتي لأمك يعني من غير رضايا أكيد نكدت عليكي أنا عارفها ست تعشق النكد ، ما فيش مرواح ليها تاني عشان تكوني عارفة
اومأت برأسها توافق سريعا على ما يقول تغمغم بحرقة من بين بكائها العنيف :
- أنا عمري ما هخرج من البيت تاني ، عمري أبدا
تعجب زوجها من حالتها و لكنه ظنها بسبب والدتها ، تحرك معها عدة خطوات قبل أن تشعر بدوار شديد وتهاوت بين ذراعيه فاقدة للوعي ، صرخ باسمها ، وصاح زيدان باسم حسام في نفس الوقت
مر الكثير من الوقت قبل أن تفتح عينيها رأت أمامها زوجها وذلك الطبيب ولينا ، ابتسمت لينا في وجهها تقول :
- حمد لله على السلامة
نظرت ناحية أحمد رأت الدموع تُغرق عينيه ، فشعرت بالذعر الشديد من أن يكن عرف بما فعلت ولكنها رأته يتحرك إليها يحتضنها بقوة يتحدث سعيدا :
- أنتِ حامل يا رضوى
شخصت عينيها ذهولا تنظر لهم جميعا فابتسمت لينا في وجهها تومأ برأسها تخبرها :
- لما أغمي عليكِ وحسام كشف عليكِ شك أنك حامل ، وحسام عنده عادة لازم يعمل تحليل دم الأول فخد منك عينة وبعتها معمل قريب مننا ولسه الكتور مبلغنا الخبر من دقايق ألف مبروك
أدمعت عينيها فرحا الآن فقط فهمت لما لم تؤذي لينا ؟ ومن الذي منعها من فعل ذلك ؟ انتصفت جالسة وعانقتها بكل قوة انهمرت الدموع من عينيها تعتذر منها :
- أنا آسفة سامحيني ، أنا آسفة
ابتسمت لينا في هدوء تحرك يدها على رأس رضوى برفق تحادثها بصوت خفيض :
- مسمحاكِ يا رضوى ، عشان فوقتي وعرفتي غلطك وقررتي تبعدي ، عارفة لو كنتي قربتي أكتر من زيدان أنا كنت نهشت لحمك
ومن ثم ابتعدت عنها تبتسم في وجهها تحادثها :
- مبروك ألف مبروك ، حسام كاتبلك كل الأدوية وأدى الروشتة لأحمد ، هسيبك ترتاحي البيت بيتك عن إذنكوا يلا يا حُس
تحرك حسام يلحق بشقيقته يلوح لرضوى بالوداع ، خرجت لينا تبحث عن زيدان ، فرأته بالأسفل مع والدها ، ارتسمت ابتسامة سعيدة على شفتيها تحركت ناحيتها سريعا تعانقه :
- بابا وحشتني أوي ، إنت جيت امتى

أبعدها خالد عنه برفق يقرص وجنتها بخفة :
- لسه جاي يا حبيبي ، قولت أسأل طالما منفضين وما بتسألوش وفجاءة لقيت البيت فضي وما فيهوش صداع حسام بيه ، تعالا يا بيه قدامي على المطبخ اعملي كوباية قهوة
ضحكت لينا حين تحرك أبيها صوب حسام يجذبه من تلابيب ثيابه يتحرك به للداخل ، سمعت صوت رنين هاتف نظرت صوب الصوت رأت هاتف والدها يدق بنغمة خاصة لوالدتها وعلى الشاشة ظهرت صورتها واسم
( حبيبة العمر )يضئ أمامها ، في اللحظة رأت أبيها يخرج بخطى واسعة من المطبخ ألتقط هاتفه يجيب سريعا قبل أن يتركهم ويبتعد آخر ما سمعته كان صوت أبيها وهو يغازل والدتها :
- حبيبة العمر وبسبوسة قلبي ، آه أنا عند لينا أهو
ابتسمت لينا سعيدة قبل أن يقترب زيدان منها طوق كتفها بذراعيه لتستند برأسها إلى صدره تسأله :
- أنا هبقى حبيية العمر يا زيدان ؟
حرك رأسه للجانبين يبتسم لها قبل أن يقبل جبينها يتمتم بنبرة تذوب عشقا :
- أنتِ العمر كله يا قلب زيدان

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jun 19 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

الجزء الثالث + الرابع من رواية أسير عينيهاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن