عبرت بوابة دار العجزة الزجاجية بخطوات بطيئة مثقلة بالفزع والرجفة التي تسللت لتستوطن ليس فقط خطواتها بل تقبض بأغلال من القسوة على روحها،تعرق غزير شعرت به بالرغم من التكييفات المركزية التي تحافظ على درجة حرارة ملائمة للمكان،قبضت بقوة بدون وعي منها على يد رابحة التي تمسك بيدها بينما تتقدم خطوة تلو الأخرى غافلة عن عيني مصطفى التي راقبت شحوب وجهها ورجفة شفتيها وذلك الألم والذعر الذي صرخ في عينيها فدوى صداه في صدره زلزله، صمتها وأنفاسها اللاهثة صرخا معًا وتردد صداهما في أذنيه بصخب أقوى من أي صخب ألمه في حياته،أكثر صخبًا حتى من الموج الهادر الذي ضربه لساعات وهو في خضم البحر بزورق يترنح بقوة حاملًا أرواح تفوق سعته بعشرات الأضعاف،أراد أن يقبض على يدها التي تتمسك بيد رابحة ويجذبها مغادرًا هذا المكان الذي بدا وكأنها تشعر بأن جدرانه وحوشًا ضارية تتربص بها إلا أن عقله أدرك أن في مواجهة ذلك الحقير تَحَرُر لروحها الحبيسة داخل هواجسها،قبض على كلتا يديه حتى تطيعا عقله مراقبًا خطواتها وترددها يينما امتدت يد هاشم في بادرة تخالف عاداتهم وتقاليدهم وأمسك باليد الأخرى لإبنة عمه داعمًا لها فيبدو أنه لم يغفل ايضًا عن شحوب وجهها ورجفتها...
أجلى مصطفى حلقه مجبرًا نفسه على البقاء في إستراحة الزائرين :"سأنتظركما هنا في الخارج"
تقدمتهم أحد العاملات توجههم نحو جناح عبد الرحيم قبل أن تشير إليه :"إنه في انتظاركم،لقد بلغناه بوجود ضيوف يرغبون في زيارته"
إلتفت هاشم نحو صبا :"إذا كنتِ لا تريدين مقابلته فيمكنك التراجع لن يجبرك أحد على شيئ مرة أخرى ابدًا يا إبنة عمي طالما ظل في صدري نفس يتردد"
أغمضت عينيها للحظة وتنفست بعمق :" بل سأقابله ليس من أجله بل من أجلي، من أجل مواجهة خوفي والتخلص منه"
طرقت العاملة الباب ثم دلفت نحو الداخل لتتأكد من استعداده للقائهم قبل أن تشير إليهم نحو داخل الجناح متمتمة :" تفضلوا "
غادرت العاملة مغلقة الباب من خلفها بينما وقعت عيني صبا على الرجل الذي يجلس فوق مقعده المتحرك بجانب النافذة التي تحتل الجدار بأكمله في غرفة المعيشة الملحقة بجناحه،لم يلتفت نحوهما وبقى صامتًا يحدق عبر النافذة بدون أن يؤتي أية رد فعل وفي المقابل وقفت صبا على الطرف الآخر من الغرفة بجوار الباب..الصمت حل ثقيلًا كثيفًا حتى أنها استطاعت سماع ضخ قلبها للدم في داخل أذنيها وكأنها حرب أعصاب من المبادر ومن له كلمة النهاية،ازدردت صبا لعابها لترطب حلقها الجاف وضغطت بقوة على يد هاشم الذي تقدم عن جسدها خطوة يحجبها خلفه وكأنه استشعر ذعرها..اتقد في صدره جمرات من غضب وسخط انتفضت كالعنقاء من بين الرماد فها هو الرجل الذي انتهك وأهان وعذب إبنة عمه و سلب عروس شقيقه حقها في الحزن عليه،ها هو الرجل الذي ذل إبنة عمه وجار عليها فقط لأنه لم يجد لها عونًا أو سند إلا أنه تذكر كلمات الدكتور علي التي ترددت في عقله مرارًا :"أنت هناك من أجل صبا وليس لتصفية ثأر بينكما، اكظم غضبك يا هاشم بكل ما أوتيت من قوة من أجل صبا لا من أجله ولا تورط نفسك في مشكلات تجعل الدار تطلب لكم الشرطة"
أنت تقرأ
توبة بلا خطيئة الجزء الثالث من سلسلة حواء بقلمي نورسين (دعاء أبو العلا)
Lãng mạnمِن ضِلْعَك خُلِقت..لا شيء مني يخلو مِنْك..فلا تدّعي أنك بإغوائي من الجنة خرجت.. فكيف للكل أن يتبع الجزء؟! أولست أقوم؟! أولست أقوى؟! أولست أذكى؟! وأنا ناقصة عقلٍ ودين؟!فكيف للكل أن يتبع الجزء ويكن له تابع آمين!! صه واستمع للحقيقة لعل عقلك من غروره...