السابع والعشرون

44 5 0
                                    

جاب غرفة مكتبه كذئب حبيس تقيده أغلال يستعصي عليه تحطيمها، القبض على سالم أحد أهم رجاله وخمسة آخرين،ضربة زلزلت استقرار هيمنته وسطوته على سوق السلاح، ويجب أن يضرب ضربة قاضية تعيد هيمنته وسطوته إلى محلها، إلا أن هذا ليس فقط ما يثقل كاهليه بل ذلك الشعور بإثم التقصير الذي ينخر عظامه ويقبض على صدره بقبضة من سعير،الإنتظار لمن مثله عذاب مستطير فهو لم يعتاده، ضربت يده على سطح المكتب الخشبي المصقول،حائرًا، قلقًا، عقله يصارع قلبه، ينهره، يلومه على حماقته، رنين هاتف الثريا قاطع صراعه فإلتقطه على الفور مستمعًا إلى نبرة باردة ورسالة مقتضبة:

"النقل في الخامسة صباحًا"

انتهى الإتصال ومع انتهائه هتف مستدعيًا محروس الذي دلف إلى الغرفة مهرولًا دلائل القلق والأسى تفسد محياه الأسمر الوسيم :"أوامرك يا حاج"

"أخبرهم أن سالم والرجال سيتم نقلهم إلى نيابة سوهاج في الخامسة صباحًا يجب الإنتهاء من الأمر قبل أن يصلوا، لو وصلوا إلى هناك الحراسة ستكون مشددة للغاية ولن يعودوا إلى مركز الشرطة بل سيتم احتجازهم في سجن سوهاج الجديد لحين الإنتهاء من التحقيقات، هذه فرصتنا الوحيدة"

تردد محروس للحظات، لكنه يدرك أنه أبدًا لم يكن خادمًا لهذا الرجل أو حتى فقط رجل من رجاله بل هو الأقرب له وأمين أسراره،فبادر قائلًا:

"يا حاج، يمكننا تدبر أمر الأوراق ونجد ثغرة يستغلها المحامين، سالم والرجال لن يتفوهوا بكلمة..انهم رجالك،و يدركون أنهم ناجون بلا شك، ما الفائدة التي تعود علينا في معاداة الأمن ونحن على وفاق معهم منذ عشرات السنين، إننا بهذا نرفع راية العداوة بيننا وبينهم"

طرق رشوان أرضية غرفة مكتبه بعصاه مدركًا لكل ما تفوه به محروس إلا أنه لن يقبل أن يخسر رجاله، ويدع مجموعة من اللواءات يملون شروطهم عليه ويعيدوا وضع ميزان اللعبة على هواهم، ستكون له الغلبة ليعيد هو وضع القواعد.

"انطلق السهم يا محروس ولا راد له، اذهب وافعل ما أخبرتك به"

لم يجرؤ محروس على طرح السؤال الذي راوده وتردد داخل عقله، ماذا لو فشل المطاريد في مهمتهم ولم يحرروا الرجال؟ ومنذ متى يأمنون لجانب المطاريد؟ غلظة قلوبهم كغلظة الحجارة التي يسكونونها،أيديهم مخضبة بالدماء وازهاق روح أسهل عليهم من نحر الشاه،ستكون هناك عداوة مع الأمن لا ريب وإذا فشلوا ستصعب للغاية أي مهمة للطعن في أي أوراق أو إجراءات قد تساعد في الدفاع عنهم.

أومأ محروس قبل أن يغادر الغرفة متجهًا لتنفيذ أوامر سيده بالرغم من المخاوف التي تنهش عقله بدون توقف، دلف عامر في ذات اللحظة إلى غرفة مكتب والده وتمتم لمحروس بالتحية، رفع رشوان عينيه نحو ولده ورأى اللوم في عينيه ولكن الأخير لم يجرؤ على البوح به فبادر رشوان :

توبة بلا خطيئة الجزء الثالث من سلسلة حواء بقلمي نورسين (دعاء أبو العلا)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن