الفصل السابع

44 3 0
                                    

خطت بخطوات ثابتة واثقة أكثر مما تشعر بداخلها حقًا،متجنبة عديد من التساؤلات ونظرات الشفقة التي حملتها أعين فريق العمل،لو عادت بها سنوات العمر ووضعت بذات الموقف لإستسلمت للإنهيار كما فعلت من قبل فبباطن عقلها آمنت حينها أنها ليس لديها ما تخسره،بيد أنها الآن أكثر نضجًا وحرصًا ولديها عملها وكبريائها الذي لم ولن تخسره في سبيل أي شيء،لربما المفاجأة باغتتها وأفقدتها توازنها فما أقسى القهر والحزن حينما يأتي في خضم نشوة السعادة.

هتفت بإتجاه مساعدتها بثبات انفعالي غبطت نبرة صوتها عليه:"أريد الانتهاء قبل الفجر يا ياسمين،إذا بزغت الشمس سنضطر للتأجيل لمساء الغد"

هتفت مساعدتها وهي تهرول نحوها تعيقها إلى حد ما رمال الشاطئ:"لا تقلقي درة سننتهي قبل شروق الشمس"

"هل تريدين رؤية الفتيات اللائي سيرقصن بالخلفية؟"

"لا،لطالما أجدتِ اختيار الوجوه التي تجذب الكاميرا،هيا أريد أن أبدأ،أخبري عمرو أنني على وشك البدء"

بدأ التوتر والتردد على ملامح الفتاة الأصغر عمرًا قبل أن تلملم شجاعتها:"درة....أردتُ..حسنًا..أردتُ الإطمئنان عليكِ"

إلتفتت درة نحو الفتاة التي تصغرها بخمسة أعوام وتنهدت بعمق:"أنا بخير ياسمين،أقسم أنني بخير لا تقلقي"

"أنتِ أقوى إمرأة رأيتها بحياتي درة، واستمعي لي جيدًا لأنني استجمعت كل ما أوتيت من شجاعة لأخبرك بذلك،إياكِ والشعور بالنقص فإعتدادك بنفسك سينعكس أثره في نظرة من حولك نحوك،تعلمت هذا منكِ وتكيفت مع عاهتي لذا لا تهدمي المرأة التي كانت ولازالت قدوتي من فضلك"

ترقرقت الدموع بعين درة وحاولت كبحها فإندفعت الدمعة من عين ياسمين بدلًا منها واقتربت تعانق رئيستها بالعمل وهي تربت على كتفها مؤازرة فهمست درة:

"جففي دموعك تلك،إذا لمح هؤلاء الرجال أي طيف لضعف سيلتهموننا أحياء"

تراجعت درة عن انحنائها لعناق ياسمين فبادرت الفتاة:"أنتِ الأفضل،المخرجة العربية الوحيدة الحاصلة على تلك الجائزة فلا تدعي نذل يسرق سعادتك"

"لن يفعل،أعدك"

راقبت درة الفتاة وهي تبتعد بجسدها الرشيق وشعرها الأسود الذي ترفعه على هيئة ذيل فرس لتبدو سماعتي أذنيها جلية للنظر فلاحت إبتسامة طفيفة على وجه درة فقد اكتسبت ياسمين ثقة بالنفس ولم تعد تخفي سماعتي أذنيها بشعرها المنسدل كما كانت تفعل من قبل،تقبلت الصمم الذي أصابها منذ مراهقتها بسبب إلتهاب السحايا وأصبحت السماعات لا تمثل لها أي خزى أو حرج.

منذ اليوم الأول الذي عملت ياسمين معها وهي تبذل جهد مضاعف عن أي مساعد حظت به قبلها لتتحدى إعاقتها وتثبت لها أنها جديرة بمكانتها وعملها،ثلاثة سنوات لم تندم يومًا أنها منحتها فرصة العمل رغم معارضة عمرو ونادين وإصرارهما أنها لن تكون قادرة مع عاهتها من مجابهة كل ضروريات مهنتهم.

توبة بلا خطيئة الجزء الثالث من سلسلة حواء بقلمي نورسين (دعاء أبو العلا)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن