الفصل العاشر

60 2 0
                                    

وقفت أمام المرآة تمشط شعرها بعد أن عزفت عن إستخدام مستحضر تجعيد الشعر فانساب ناعمًا على كتفيها بلونه الأشقر الداكن،أعادت هندام ثوبها المقلم باللون الأبيض والأسود منسدلًا حتى أعلى ركبتيها بقليل بدون أكمام،ملتصقًا بجسدها بارزًا مفاتنها،تنهدت قليلًا فهي لا تميل لهذا الطابع الكلاسيكي من الملابس وتهوى الملابس العملية لكنها أرادت التغيير،وجدت نفسها رغمًا عنها تتساءل هل سيروق له الطابع الكلاسيكي فهي ترى بعينيه دائمًا النفور من ملابسها!

إلتفتت يمينًا ويسارًا محدقة لجسدها ووجهها بالمرآة،لطالما وثقت من جمالها و أدركت منذ كانت طفلة أنها جميلة بل فاتنة..ملامحها الأوروبية الموروثة عن جدتها جعلتها مميزة بيد أنها الآن وفي حضرته لم تَعُد واثقة من جمالها هذا فهو بالكاد ينظر لها وحتى حينما يفعل ما هي إلا لحظات ويشيح بوجهه وكأنه يتجنبها،بخفقة واجفة وقلب عاصي آبى سوى أن ينبض إلا له،ابتهلت أن يراها جميلة فما أهمية أن يراها سواه فاتنة بينما عينيه تعزف عن النظر نحوها ولو للحظة.

انتعلت حذاء أسود ذو كعب عالي ثم غادرت غرفتها متجهة للأسفل فالساعة تجاوزت السابعة وبالتأكيد الجميع استيقظوا،ما كادت تهبط درجتين من الدرج الخشبي المصقول حتى إلتقت بمالك قلبها وساكن أفكارها وعلى الفور تخضب وجهها بحمرة غير مبررة و انتفضت خفقات قلبها حتى خشت أن يستمع لها ذلك المتجهم العابس الذي رفع رأسه نحوها بعد أن شملها بنظرة..فقط نظرة واحدة لم تستطع أن تتبين هل راقت له؟هل يراها جميلة بعيدًا عن السراويل الجينز؟

"هل تعتقدين أنك ذاهبة لحفل في الأوبرا؟ ما هذه المبالغة؟يا آنسة أنتِ في بلدة صغيرة بالصعيد ولستِ في أوروبا،ثم ألا تستحين؟كيف لكِ ان تتجولي في منزل به رجال بتلك الملابس الفاضحة"

تدفقت كلماته بنبرة صارمة حازمة لم تكن أقل وطأة عن تجهم وجهه الحانق وسهام نظراته النارية حتى أنه عقد لسانها من مباغتته لها فقد تحولت مشاعرها للتو ما بين اضطراب وارتباك من رؤيته لغضب وشعور بالإهانة،كل هذا في أقل من دقيقة واحدة جعل لسانها وكأنه إلتصق بحلقها غير قادر على مواجهة سيل هجومه بيد أنها ابتلعت غصتها وزفرت بقوة لتقوى على تحرير مكابح لسانها وأجابته مواجهة عبوسه بعبوس وتجهمه بتجهم:

"لا أعرف من منحك الحق أن تنتقد ما أرتديه!على حد معرفتي أنت لست المكلف بنشر الفضيلة في هذا المنزل!ما أرتديه أو لا أرتديه هو حريتي الشخصية التي لن أسمح لك بأن تتخطى حدودها يا صعيدي الهوية،يمكنك فرض سطوتك على فتاة خانعة تهاب تجهمك أو تخشى عبوسك،لكن أنا لا..أنا نسيم شوقي الشافعي،لست جارية ستخفض عينيها خزيًا في مواجهة غضبك،أتدري ربما عليك البحث عن فتاة أخرى سواي تصب غضبك وعقدك عليها"

باغتته كما باغتها وطعنته بكلماتها ربما أكثر مما تتخيل وللمرة الأولى يطيل لها النظر كما فعل بيد أن النظرة بعينيه لم تحمل عشقًا كما تحلم بل صدمة وخزي وارتباك،لكنها لم تآبه لحاله في هذه اللحظة فالغضب استعر في أحشائها،عقدت ذراعيها أمام صدرها متخذة وضع دفاعي:

توبة بلا خطيئة الجزء الثالث من سلسلة حواء بقلمي نورسين (دعاء أبو العلا)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن