الفصل التاسع عشر

48 4 0
                                    

وقف عامر أمام المرآة يعقد رابطة عنقه بوجه متجهم غارق في التفكير يتمنى لو انتهى من أمرها في حينها بدلًا من الانتظار حتى يرسلها للخارج ويتخلص منها بَيد أنه خشى من عِلم والده بالأمر وها هو ما خشى منه حدث على أية حال وعلم والده بأنها على قيد الحياة فقد رأى بعينيه حزنه الذي لم يستطع والده إخفائه وراوده الأمل أن تخفت جذوة الحزن رويدًا رويداً ويعود والده إلى سابق عهده الذي طالما رآه عليه،لا يعرف سبب دفن والده لها ولم يرغب حتى في سؤالها فما أراد والده أن يخفيه عنه لن ينبش خلفه ليعرفه لكنه على ثقة أنه أمر جم خاصة أنه لم يرَ والده سعيدًا كما رآه حينما تزوجها،بدا حيويًا وكأنه استعاد عشرة سنوات على الأقل من عمره،نظرات عينيه تومض بالقوة كعادته لكن تلك القوة كانت ممتزجة بحماس اعتاد رؤيته فقط مع كل بدء عملية جديدة..شعر أن والده سعيدًا وهو ابتهج لسعادة والده.

ربتت زوجته على كتفه:"فيما شرودك؟"

أجابها بنزق لمقاطعتها أفكاره:"لا شئ،أنا بخير"

هتفت بنزق وفورة غضب صباحية من صمته وشروده الذي ازداد مؤخرًا:

"حسنًا في النهاية أنا حمقاء لأنني سألتك فمنذ متى وأنت تخبرني بأي شئ!استقلت من عملك ولم تمنحني سبب واحد منطقي رغم أنك كنت على وشك أن تكون مُلحق اقتصادي،تخبرني أنك يجب أن تهتم بالعمل والمصانع لمعاونة والدك ومنذ استقلت ونحن أغلب الوقت هنا في البلدة ولم تهتم بشئ ولم تذهب لمتابعة العمل"

أغمض عينيه ينحي نزقها بعيدًا عن عقله وأجابها ببرود:

"هل انتهيت من محاولات افتعال شجار معي؟لأنني لا أريد أن أتشاجر الآن وسألبي كل تطلعاتك للشجار في وقت آخر"

ثم تركها خلفه حانقة وانصرف متجهًا إلى غرفة مكتبه الخاصة في منزل والده يريد أن يرتب عقله بعيدًا عنها قبل الذهاب للتحدث مع والده،جلس خلف مكتبه يستعيد أفكاره التي قاطعتها زوجته فحتى الآن لم يتخذ والده أية تدابير لوصول الشحنة الجديدة وكل ما يخشاه أن يطغي بحثه عنها على تركيز والده خاصة بعد ما رآه من شروده وحزنه بل هو شئ أقوى من الحزن إذا كان هناك ما هو أقوى منه،لذا حقًا لم يعد يعلم ما الذي سيفعله والده إن وجدها!ربما هو أخطأ حينما لم يخبر والده حينما نمى لعلمه وجودها في الكنيسة لكنه شعر حينها بصواب تصرفه فقد أراد أن يجنب والده ألمًا جديدًا فهو على يقين أن دفنها حية لم يكن أمرًا هينًا.

غادر مكتبه متجهًا إلى غرفة مكتب والده في الطابق الأرضي يحسب لحديثه ونقاشه معه ألف ألفًا من التقدير والاحترام المكلل بعشقه له،دق باب غرفة المكتب وفتحه حينما أتاه صوت والده يأذن له بالدخول..

"صباح الخير والدي"

"صباح الخير،لِما أغضبت زوجتك على الصباح الباكر؟"

ارتبك عامر قليلًا وهو على ثقة أن غرفة نومه ليست مراقبة بالكاميرات فتلك ليست أخلاق والده لكن بالطبع اتصلت زوجته لتشكوه..

توبة بلا خطيئة الجزء الثالث من سلسلة حواء بقلمي نورسين (دعاء أبو العلا)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن