تلفتت حنة بحذر شديد من حولها بعد أن تأكدت من مغادرة عمها وولده للمنزل ورأتهما بعينيها قبل أن تعبر البوابة المعدنية الكبيرة ثم دارت حول المنزل الكبير حتى وصلت إلى قاعة الرجال ذات الباب المنفصل الذي يطل على الحديقة الخلفية كعادة منازل كبار البلدة حتى لا تخترق تجمعات الرجال حرمة المنزل،أغلقت باب القاعة بحرص من خلفها واتجهت نحو الباب الآخر الذي يربط قاعة الرجال بالمنزل ثم فتحته بحذر لتطل برأسها فلم تجد ببهو المنزل أي من الخدم أو زوجة عمها فخطت ببطئ قلق نحو الدرج واعتلته بخطوات حرصت ألا تصدر على أثرها اي صوت يُذكر، تسللت نحو غرفة توبة التي طالما شهدت أيام طفولتهما وصباهما كما شهدت على ليلة فجيعتها فكما خطط عمها كان من المفترض أن تقيم توبة مع زوجها في منزل والدها...أرض ومسكن وحياة لم يكن يحلم بها الفلاح الأجير وكل هذا نظير زواجه من إبنة عمها وكأنها وباء يرغبون في التخلص منه أو عار يلطخهم يريدون من يحمله عن عاتقهم،حتى آتاهم العار حقًا على يد رباح فبدلًا من أن يستر فضيحتها أعلنها وشهر بها ليخرج من الصفقة رابحًا.
دارت عينيها في الغرفة تستعيد أيام مضت بينهما،صرخات توبة المفاجأة ونوبات التشنج،ضحكاتهما ولحظات مرحهما، نحيبها من قسوة والدها وشقيقها..تبادلهما الأسرار والأفكار والمخاوف حتى أن توبة شاركتها مخاوفها من ارتباط مصيرها بحامد بالرغم من انه شقيقها لكن لطالما تمنت توبة ألا يتلاقى مصير ابنة عمها وشقيقها، زفرت بقوة دافعة ذكرياتهما بعيدًا متجهة نحو وحدة الأدراج وتفحصت جميع الأدراج بحثًا عن هوية إبنة عمها ولكن باء بحثها بالفشل فاتجهت نحو خزانة الملابس وما أن فتحتها حتى واجهتها ملابس عرسها الجديدة الزاهية وصندوق متوسط الحجم من الخشب المُطعم بالصدف فامتدت يدها نحوه مدركة ماهيته تغزوها رغبة قوية في أن تحصل إبنة عمها على ما هو حقٌ لها،فتحته لتواجهها مصوغات ذهبية ليست بالقليلة وايضًا الهوية التي بحثت عنها في أرجاء الغرفة..تخبطت أفكارها فيما بين شعور بأنها تسرق من مال عمها وما بين شعورها بأن ما ستعيده لإبنة عمها ما هو إلا جزء يسير من حقها،بيد أنها في النهاية رفعت في قبضة يدها بطريقة عشوائية جزء من المصوغات ووضعتهم في وشاح ثم عقدته والتقطت هوية إبنة عمها ووضعت كل هذا في حقيبتها قبل أن تعيد ترتيب الغرفة لما كانت عليه لتبدأ رحلة تسللها إلى خارج منزل عمها وما أن غادرت واستقلت سيارتها حتى زفرت بإرتياح وهي تتخذ طريقها نحو الطريق الرئيسي عائدة إلى القاهرة.
"لقد حصلت على هوية توبة لكنني سأحتاج عدة أيام حتى استطيع تدبر أمري والمجئ إلي الأسكندرية"
استقبلت درة كلمات حنة بإرتياح وقالت على الفور:"لا داعي لذلك يمكنك إخباري بمقر عملك او إقامتك وسأرسل مساعدتي لتحضرها ثم يمكنك تدبير أمورك والحضور لرؤية ابنة عمك وقتما تستطيعين"
ترددت حنة قليلًا بسبب المصوغات التي أرادت إيصالها لإبنة عما ثم اتخذت قرارها في لحظة ومنحت درة عنوان محل عملها في المصحة النفسية والتأهيلية وآرجأت تسليم المصوغات لحين رؤيتها لتوبة.
أنت تقرأ
توبة بلا خطيئة الجزء الثالث من سلسلة حواء بقلمي نورسين (دعاء أبو العلا)
Romanceمِن ضِلْعَك خُلِقت..لا شيء مني يخلو مِنْك..فلا تدّعي أنك بإغوائي من الجنة خرجت.. فكيف للكل أن يتبع الجزء؟! أولست أقوم؟! أولست أقوى؟! أولست أذكى؟! وأنا ناقصة عقلٍ ودين؟!فكيف للكل أن يتبع الجزء ويكن له تابع آمين!! صه واستمع للحقيقة لعل عقلك من غروره...