١٤

3.5K 217 112
                                    


أنت دَؤوبٌ جدًا تايهيونغ.

مُثابِرٌ إلى أبعد حد، تُكافحُ مخاوفك مني، وصعوبة تعلمُ لغتي.

مُنذ بدأتَ تتعلم الروسية وأنا أرى كمَّ الجُهد الذي تضعه لتُتقنها بكفاءة.

المعلم ڤلاديمير يخبرني كل يوم كم أنك ملتصِقٌ به حتى بعد دروسك معه بعد منتصف الظهيرة، تطلبُ منه بإلحاح تدريبك على المُحادثة رغم صعوبتها بالنسبة لك.

عنيدٌ جدًا، ومكافح كذلك.

جعلتَ المُعلِمَ يخضع لإلحاحك فأصبحتَ تدور خلفه كالنحلةِ في كل مكان أينما مشى في القرية، تتحدث بالروسية المُختلطةِ بالألمانية بثقل معه.

والمُعلم يُصحح لك تصريف الأفعال، ونُطق الكلمات، فتصرخُ منتحبًا بدراميةٍ أنك نطقتها كما المعلم وأنه يظلمك.

لم تغب عن عيناي أبدًا محاولاتك المُجِدّة.

طوال هذه الأيام كنتُ مشغولاً جدًا بإصلاح مكان سكننا، منزلُنا المؤقت..

منزلُنا..

إنها لكلمةٌ غريبة تايهيونغ، وبالذات حينما تشملُني أنا وأنت رغم عدم وجود مُسمى لما نحن.

لم نتمكن من الحديثِ كثيرًا هذه الفترةَ، فأنا مُنهمك في أعمال الترميم والتي تُفضي بي نائمًا كالجُثةِ بعد العشاء.

وأنت طوال اليوم تدور في القريةِ خلف المُعلم ڤلاديمير، وأحيانا تدور حولي حينما يصرخُ بك المعلم أن هذا كافٍ لليوم.

نتبادل الجمل التي تبدأ بصباح الخير، وعنتَ مساءًا، والتي قد تعلمتَ نُطقها جيدًا جدًا، وهذا جعلني شديد الفخر بك تايهيونغ.

اشتريتُ لك أوراقًا ومحبرةً من أحد التجار المتنقلين هنا، تشجيعًا مني لتتعلمَ الكتابة بالروسية علاوة على التحدث.

ولم أنسَ حينها لمعةَ عيناك الزُمردية حينما سلمتُها لك بعد عودتك من دروسك.

لم أنسَ أيضًا احتضانَك لي تايهيونغ تلك الليلة.

لقد أخبرتني بجميع اللُغات أنكَ آمنٌ معي.

وهذا شعورٌ أفتقده بشدة تايهيونغ، أن أشعرَ أن أحدهم يأمن لي، يرآني حقيقةً، خاصةً بعد خذلاني لبني قومك.

لقد أخبرني حُضنك أنني أنقذتُك ونجحتُ في ذلك، حتى ولو كان مؤقتًا.

كل يومٌ يمضي وأنا أراك بكل هذا الكفاح المُضني، يجعلُني أعيد حساباتي في المستقبل، أُريد إبقائك أمامي فقط أو تحت رعايتي، لا أستطيعُ وضع يدي على الدافع، ولكن قلبي ينطِقُ وأنا لا حول ولا قوة.

كَنِيسة | TKحيث تعيش القصص. اكتشف الآن