٣٠ - النهاية.

5.1K 302 112
                                    


الوقوعُ في الحُب هو خَلقُ ديانةٍ يكون فيها المعبود غير معصومٍ من الخطأ.

الوقوع في الحب أشبه بقولك: اعتَرِف لي بكل شيءٍ شنيع قد ارتكبتَه يومًا في حياتك، ودعني أُحبك على كل حال.

تُروى البداياتُ من طرفٍ واحد، وتروى النهاياتُ من طرفٍ واحد أيضًا، حيث تتوحد أرواح المُحبين في النهايات فيكونان جسدًا واحدًا.

نهايةٌ خُطّتْ على أوراقٍ بحروف معدودة تُسعِف ما يتمكن العقل بأحرفه البشرية من التعبير عنه.

ولا وجود لأي أحرفٍ بشرية تُسعف ألسنة القلوب.

نقولُ لبعضنا بحُب..

شُكرًا على حُبك لي عندما كانت لا تزال تفوح مني رائحةُ الأسى والحرب.

شكرًا لأنني أريتُك أشواكي، وأريتني يدين مستعدتان أن تنزفا لأجلي.

سمعنا قبلاً أن الحُب يحول الإنسان إلى كائنٍ بالغ اللُطف، ولكننا لم نكن أكثر وحشيةً من الآن.

وحشيةٌ لا تشملنا، بل تشملُ حماية ما بيننا بكل تلك الضراوة.

وحشيةٌ تشمل رمي جميع الهُويات، والإثباتات، والظنون الزائفة، لننتقل إلى صنع ما نُريد نحن إثباته بهويةٍ لن يعترف بها أهل الأرض في زمننا هذا.

كنا خائفَين من أن نُحب بعضنا لأننا ندرك أنه سيُدمرنا، وندرُك أيضًا أننا سنسمح له بذلك.

تركعُ القلوب قبل الأجساد، فالحُب سِرٌّ مقدس لا يؤخذ إلا راكِعًا.

نحن نخضعُ بأرواحنا بكامل الرضى لكارثة حُبنا لبعضنا.

كلانا يعلمُ يقينًا أن الحواجز أمامنا من الدين، واللغة، والمجتمع، واختلاف المُعتقد لم تكن أكبر من حاجز خوفنا نحن، كل تلك الحواجز المصغرة كانت ذرائع فقط لنتوقف عن رمي أنفسنا في المجهول.

حُبنا أضاء عتمة المجهول، فسِرنا ونحنُ نتخبطُ بين طُرقاته إذا ما انطفأت شُعلة أحدنا أوقدها الآخر.

لإننا النور في زمنٍ قد اختار الناس فيه القعود في ظلام الليل السرمدي على إشعال شمعةٍ مع مجهول.

يظن الإنسان أنه يعرف العالم، حتى يغطس داخل ثنايا روحه، فيجد كم كان أحمقًا بجهله بنفسه هو قبل معرفة أي شيء آخر.

لإننا نضعُ العالم قبل أنفسنا، فلا نعيشُ ولا نفهم.

أربعُ سنوات.

كَنِيسة | TKحيث تعيش القصص. اكتشف الآن