لم يصدقه والده وانصرف غاضبا هو وباقي الجموع التي انفضت من حول يوسف وتركته وحيدا شاردا يتأمل حجرة شمس مراجعا في عقله ما حدث بالأمس
في مساء يوم امس اقنع يوسف شمس بالهروب من المستشفى حفاظا على خصوصياتها التي انتهكت بشكل صارخ، وبالطبع لم يخبرها أبدا أن أهلها وزوجها كانوا قادمين بالغد لاصطحابها إلى منزلها بل وأنه كان حريصا كل الحرص ألا يخبرها من الأساس بأنها امرأة متزوجة ولها أولاد.
اقتنعت شمس بسهولة ونفذا خطة دكتور يوسف للهرب كالآتي؛ انتظرها يوسف بالخارج في سيارته بعيدا عن محيط رؤية الكاميرات الذي يعلمه جيدا وطلب منها ألا تخرج من المستشفى إلا بعد مرور ساعة على الأقل من خروجه هو من المستشفى كي لا يثيروا ريبة احد، من ثم اصطحبها إلى بيت مميز في وسط المدينة واخبرها أن هذا هو بيتهما القديم، وبرغم صدقه في ذلك إلا أن البيت لم يكن باديا عليه أي نوع من أنواع القدم
البيت مكون من طابق واحد شاسع الاتساع، ينم تصميمه من الخارج والداخل عن ذوق شديد الرقي، وبرغم أن يوسف ظل يخبرها أن هذا هو بيتهما القديم إلا أن شمس قد لاحظت بغرابة أن كل شيء به يبدو شديد الحداثة كالدهانات والديكورات والأثاث وكل شيء وأي شيء، هذا البيت الفاره ملحق به حديقة صغيرة مسورة ممتلئة بالورد البلدي وورد الجوري وبعض الرياحين **********
الفصل الثالث
أسبوع في البرزخ
اليوم الاول بعد الهروب من المستشفى
مر يوسف على شمس مساءا ليطمئن عليها، وقد كانت كلتا يديه محملتين بالكثير من المشتريات ولكن شمس لم تلمح كل هذا، لم تلمح سوى الكدمات وآثار الجروح على وجهه فجزع قلبها بشكل مبالغ فيه ولا يتماشى مع حجم الجروح الموجودة في وجهه فصاحت وهي تبكي:
ايه اللي جرالك مين الحيوان اللي عمل فيك كده !
- اهدي ياشمس مفيش حاجه، دي حاجات بسيطة وانا بقيت كويس متقلقيش... بس من ناحية أنه حيوان... فهو حيوان فعلا
- مين ده!
- متشغليش بالك دي حاجه بسيطة...
ثم تجهم وهو يقول بغل: وانا برده عذره
- يعني ايه عذره، عذره ازاي بعد كل اللي عمله فيك ده
وضع يوسف المشتريات على الأرض وقال بفخر منتصر على خصمه في أرضه: اصل انا خدت منه حاجه غاليه قوي
- خدت منه ايه يعني يخليه يعمل فيك كده! وبعدين هو مين ده! انا مش فاهمه حاجه.
رد يوسف بخبث: متشغليش بالك بيه ولا بالموضوع ده بقى، ده تار قديم وحكاية طويلة هبقى احكهالك بعدين، هو خد مني حاجة تخصني وانا رجعتها تاني وانتهى الموضوع
- انا مش فاهمة ايه الالغاز اللي بتقلها دي... بس استنى هجبلك حاجة اعقملك الجرح بيها
- لا خلاص ملهوش لزوم، الموضوع ده حصل الصبح وانا عقمتها خلاص، متكبريش الموضوع ياملبسة.
لم تبالي شمس بكل ما قاله كأنها لا تسمعه البتة وانصرفت من أمامه متوجهة إلى غرفة نومها، أحضرت شنطة الإسعافات الأولية التي وضعها يوسف مسبقا هناك بجوار سريرها قبل أن تأتي هي إلى هذا البيت فهو لم ينسى أبدا إضافة كل التفاصيل التي قد تحتاج إليها شمس يوما ما حتى ادق التفاصيل.
راحت شمس - بيد مرتجفة وقلب مخلوع من محله- تنظف الجروح وتداويها وتدلك له الكدمات بالمراهم والمواد والأدوات الموجودة في شنطة الاسعافات الأولية، كادت أنفاسها الساخنة أن تحرق وجهه المنتشي بلهفتها عليه، راوده قلبه وشيطانه عنها ولكن جيد ان شمس انصرفت في هذه اللحظات لتغسل يدها في الحمام دون أن تنتبه لما كان يدور بباله اتجاهها.
لاحظت شمس وهي تغسل يدها أثار الارتعاشات القوية عليها، حاولت التماسك وهي تتعجب بشدة من خوفها الرهيب على شخص غريب لا تتذكره أبدا ولا تتذكر حتى ما العلاقة التي قد تربط بينهما... من هذا الرجل الذي يعبث بمشاعرها ويعصف بكيانها هكذا!
قبل أن تخرج من الحمام نظرت إلى مرآة الحوض تتأمل ملامحها فصعقت حينما رأته هو في المرآة أمامها بدلا منها وكأنه انعكاس لروحها أو ربما هي مجرد انعكاس لروحه!
عادت شمس من الحمام وهي تبتسم ابتسامات مُحرجة كمحاولة فاشلة منها لإخفاء لهفتها عليه، حاولت تغيير الموضوع فبحثت عن شيئا آخر تتحدث معه عنه وحينها لاحظت المشتريات الكثيرة التي قدم بها إليها وسألته:
ايه الحاجات دي كلها!
ابتسم وهو يغمز بعينه ثم قال: اي خدمة يامعلم، كل الحاجات اللي بتحبيها جبتهالك.
راحت شمس تفتش في الاكياس فوجدت ان يوسف قد أحضر كل مالذ وطاب من الخضروات والفواكه والحلويات والمعلبات والأطعمة المحفوظة والاغراض المنزلية والملابس وأدوات ومواد التجميل من كل (الماركات) و( البرندات) التي تفضلها شمس كما ادعى هو ولكنها لم تكن تتذكر ما الذي تحبه حقا وما الذي تكرهه، ذهلت شمس وقالت مازحة : لابجد ايه اللي انت جايبه ده كله هي القيامة هتقوم ولا ايه
بصي يابنتي ياحبيبتي انا عايزك تدلعي اليومين دول ع الآخر وتلبسي وتاكلي وتشربي وتعيشي حياتك براحتك خالص عشان الاسبوع الجاي احتمال نموت من الجوع أن شاء الله
ضحكت شمس ظانة أنه يمزح ثم قالت بتعجب:
ايه اللي ممكن يحصل في اسبوع يعني
- ياه!... بالله عليكي ياشمسي ده سؤال! فيه مليون الف حاجة ممكن تحصل في اسبوع...مش بس في اسبوع، ده في يوم واحد بس ممكن الكون كله يتغير... يعني مثلا ممكن القيامة تقوم فعلا وحرفيا
ضحكت شمس مجددا وهي لا تستطيع أبدا استيعاب أن يوسف لا يمزح حقا
في صباح اليوم الثاني بعد هروب شمس من المستشفى:
ذهب يوسف الى مشفى أبيه في نفس الميعاد المعتاد الذي يذهب فيه إلى العمل في المستشفى كل يوم، تعامل بشكل شبه طبيعي كأنه لم يفعل شيئا، ولكن لا أحد في المشفى _خاصة والده وأخيه_ استطاع أن يتعامل معه بشكل طبيعي كأنه لم يفعل شيء، إنه يهدد مستقبلهم الآن، لم تعد قصته مع شمس مجرد قصة يتسلون بها سرا فيما بينهم، هذه القصة الشائكة ستضيعهم حقا، هذا الطبيب المجنون سيدمر مصدر أرزاقهم الوحيد.
الغريب هنا أن يوسف عندما مر على حجرة شمس شعر بحنين وشغف وحزن كأنها هربت بالفعل بدون علمه وبدون حتى أن يعرف وجهة هروبها، أنه مريض، أنه حقا مريض بها، أنه مجنون.
في مساء اليوم الثاني لهروبها من المستشفى
مر يوسف على شمس ليطمئن عليها، أعدت له الشاي وجلسا يتسامران أمام التلفاز، التفت يوسف إلى أن شاي شمس ليس به نعناع كما اعتادت أن تشربه فذهب إلى حديقة المنزل وأحضر لها عود من النعناع ثم غسله ووضعه في كوب الشاي الخاص بها
"ايه النعناع ده كله"
ابتسم يوسف بحب وحنين وهو يقول:
انت مبتشربيش الشاي غير كده
بجد! انا مش فاكرة حاجه بجد.
هكذا تمتمت شمس بأسى، لكنها بكل عفوية وضعت معلقتين من السكر على شاي دكتور يوسف ثم ناولته كوب الشاي وهي تقول:
شايك مظبوط اهوه، انا حطتلك معلقتين سكر ذي مابتحب
لما انتبهت شمس للأمر تعجبت من نفسها وتساءلت في عقلها عن كيفية تذكرها لأمر تافه هكذا يخصه برغم أنها لاتتذكر أي شيئا عن نفسها...
راح يوسف يقلب في قنوات التلفاز بحثا عن شيئا جيدا يشاهدانه
فيلم الرعب ده حلو قوي... بتحبي افلام الرعب!
هو انا فاكرة حاجه، ادينا هنجرب ونشوف بحبها ولا لا
وبعد قليل انتبهت شمس لشيء مرعب أكثر من فيلم الرعب الذي يشاهدانه، كيف لا يعلم يوسف اذا كانت تحب افلام الرعب أم لا وهو يزعم أنه يعرف كل شيء عنها حتى أنه دائما يخبرها أنه يعرفها أكثر من نفسها، فكرت شمس في أن تطرح عليه هذا السؤال بشكل مباشر لتختبره:
طيب ما تقولي انت انا بحب افلام الرعب ولا لا، مانت عارف كل حاجة عني
تلعثم يوسف وتلجلج، لم يجبها عن سؤالها وتعمد تغيير الموضوع والتحدث معها حول قصة الفيلم فشعرت شمس بعدم الارتياح واستأذنته لتدخل حجرتها بحجة أنها ترغب في النوم فانصرف يوسف على استحياء
استغرقت شمس في تفكيرٍ عميق عن هوية هذا الرجل الغريب الذي تقطن معه في بيته وهي لا تستطيع تذكر ما العلاقة التي تربط بينهما، هل هو قريبها أم مثلا خطيبها! هل هو حبيبها... عشيقها مثلا! هل كانت بكل هذه الحماقة قبل فقدانها الذاكرة لدرجة أنها تعيش مع رجل غريب بدون زواج! لا هذا مستحيل لربما هو زوجها!... لكن لا، إن تصرفاته لا تدل على ذلك ومعها عدة أدلة على ذلك
منها مثلا أنه لو كان زوجها لأخبرها جميع من في المشفى بذلك... لربما تزوجها سرا لذا لا يعلم بأمر زواجهما احد، لكن لا، هذا الاحتمال غير وارد أيضا فهو لم يتطرق أبدا لدخول غرفة نومها، هو حتى يخجل من استعمال حمام بيتها لمجرد أنها تستخدمه وهذا يعني أيضا أنه ليس عشيقها... حتى أنه لا يعلم اذا كانت تحب مشاهدة افلام الرعب ام لا تفضل مشاهدتها، وهذا يعني أن العلاقة بينهما ليست بهذا المقدار من القرب الذي يدعيه، وهذه مصيبة، الآن هي تسأل نفسها بقسوة كيف طاوعتها في الهرب مع رجل لا تعرفه ولا تعرف عنه شيء أو على الأقل لا تتذكره، لقد بدأ يراودها الندم.
برغم أنها تعبت من فرط التفكير إلا أن عقلها لا يستطيع التوقف أبدا عن التفكير في ماهية هذا الرجل...
لقد خطرت لها الان فكرة جعلتها تتسأل كيف لم تخطر على بالها من قبل، عليها أن تفتش في كلتا يديه عن دبلة خطبة أو زواج...
لكن هذا لا يعني شيء ربما هو مرتبط بامرأة غيرها...
لم تنتهي هذه الدوامة من التفكير حتى انهكتها كليا، فاستغرقت في ثبات عميق من فرط إجهادها الفكري، لم تلبث نائمة طويلا حتى استيقظت مفزوعة بعدما سمعت صوت ارتطام قوي في المطبخ، تسللت متوجسة خائفة لتشهد ما الخطب فوجدت قط أسود يفر هاربا من نافذة المطبخ -التي نسيتها مفتوحة- فورما شعر بوجودها، تنفست شمس الصعداء وتناولت كوب من الماء لتشربه بعدما جف حلقها، رفعت الماء نحو فاهها وقبل أن يدخل جوفها حبة ماء واحدة سمعت صوت يندها من خلفها من إحدى الأركان المظلمة في المطبخ فالتفتت مفزوعة وهي ترد على المنادي: ايوا يا سوزان
ولكنها لم تجد أحدا فسقط الكوب من يدها وتهشم، لملمت الزجاج المكسور وهي تلهث رعبا وأثناء ذلك جرحت يدها فهرولت إلى الحمام لتضمدها، وقفت أمام الحوض تغسل دمها وحين لمحت ملامحها المعدومة في المرآة أمامها فقدت وعيها فورا، لقد كان وجهها أصم بلا أي ملامح، حاولت ان تصرخ ولكنها ليس لها فما، حاولت أن تبكي ولكنها ليس لها أعين، في النهاية لم تجد بدا إلا أن تفقد وعيها ثم استيقظت من جديد مفزوعة على أصوات عابثة بالمطبخ، ولما وجدت نفسها مازالت على سريرها، استوعبت أن كل ما مرت به في الليلة الماضية كان مجرد كابوس، ولكن... ولكن الأصوات التي تسمعها الآن في المطبخ حقيقية، هي تعلم جيدا أنها مستيقظة، تسللت الى المطبخ وهي تنتفض رعبا، لكن كل روعها هدأ عندما وجدته أمامها يبتسم:
صباح الخير ياملبستي
- يوسف! انا قلبي وقع ياشيخ، انت بتعمل ايه في المطبخ ع الصبح كده
- - بعملك الشيز كيك اللي انت بتحبيه... تعرفي ياملبسة ان انتي مبتحبيش الكيك العادي ابدا، حتى في عيد ميلادك بنجبلك تشيز كيك مش تورته عاديه...
انتبه يوسف أن شمس في عالم آخر وليست معه حتى أن ملامحها مختلفة ومجهدة بشدة لذا سألها مازحا:
مالك وشك اصفر كده ليه، انت كنتي بتحاربي ولا كنتي نايمة ولا ايه بالظبط!
- لا كنت بحارب...
حكت شمس ليوسف عن الكابوس المرعب الذي حلمت به واعربت له عن شعورها العارم بأنه حقيقي حتى أنها تشعر بألم في موضع الجرح في يدها، أخذ يوسف يطمئنها ويهدأها منوها أنه لابد أنها قد تأثرت بفيلم الرعب الذي شاهداه بالأمس
" شكلك كده مبتحبيش افلام الرعب"
أثارت جملته تلك من جديد ارتياب شمس فيه، حمل يوسف كعكة الجبن وذهبا إلى حجرة المعيشة ثم جلسا على الأريكة وراح يوسف يقطع كعكة الجبن إلى قطع صغيره، وفي أثناء تقطيعه (الشيز كيك) التي صنعها بنفسه راحت شمس تفتش بكلتا عينيها في كلتا يديه اليمنى واليسرى عن دبلة خطبة أو زواج فلم تجد شيئا فاضطربت مشاعرها ولم تعد تعلم هل عليها أن تسعد لهذا ام تحزن!
منذ أفاقت شمس من غيبوبتها ويوسف ينزع دبلة روان ويضعها في جيبه قبل دخوله عليها حجرتها في المستشفى أو قبل زياراته لها في هذا البيت الذي يُسكنها فيه
" خدي ياملبسة"
قالها يوسف وهو يناولها قطعة (تشيز كيك)، تذوقت شمس (الشيز كيك) فاستعجبت من نكهة الصوص العجيب المضاف إليها
ده صوص العرق سوس، وده الصوص المفضل بتاعك ياملبسة
ضحكت شمس من ذوقها الغريب ثم سألته عن حكاية الملبسة فحكى لها بكل يسر_ على غير المتوقع_ حكايتها مع الملبس
حينما كانت شمس في يومها السابع من الحياة دست سوزان اختها الكبرى في فمها حبة " ملبس" من حلوى"السابع" ، كاد أن يؤدي هذا الأمر بحياتها لولا تدخل دكتور ياسر جارهم ووالده الذي أنقذ حياتها حينها وحينها كان دكتور ياسر مازال طبيبا شابا مبتدأ في عمله
يعني احنا جيران، وسوزان اللي حلمت بصوتها دي تبقى اختي الكبيرة!...
سألت شمس ثم تمتمت في حيرة واستغراب:
غريبة دي صوتها كان في الكابوس كأنها طفلة صغيرة
انهالت شمس على يوسف بعد ذلك بالعديد من الاسئلة والاستجوابات فانتفض فجأة قائلا:
كفاية كده ياشمس عشان اتاخرت على المستشفى، اشوفك بالليل بقى
كان من الواضح جدا ان يوسف يحاول التهرب من سرد حكايات الماضي، وربما يحاول الفرار من الماضي ذاته ولكن لن يفيده ذلك فشمس قد بدأت في تدوين مذكراتها وملاحظاتها في الدفتر الذي أهداه إياها وهي على وشك تذكر العديد من الأمور الخطيرة والتي لن تروق له على الإطلاق
في المستشفى كان يوسف يحاول إنجاز كل المهام المكلف بها بأقصى سرعة ممكنة ولقد تخلص كيفما اُتيح له من المرضى الجدد بحيث وزعهم على أطباء آخرين
وفي المساء أحضر يوسف لشمس تشكيلة رائعة جديدة من الملابس ابهرتها، جربت بعضها أمامه كأنها تقوم بعرض ازياء فلقد كانت سعيدة كثيرا بهم برغم أنها أخبرته أن هذا كثير فهي لم ترتدي اي شيئا مما جلبه بالأمس بعد، ود يوسف أن يعرض عليها الخروج معه لتسطيع ارتداء ما جلبه لها من ملابس ولكنه يخشى أن يراها احد من أقاربها أو أهلها أو مثلا زوجها وابنائها فتضيع منه إلى الأبد من جديد؛ هو يود حقا أن ترافقه في كل مكان مثلما كانا يفعلان دائما منذ زمن بعيد ولكن بات هذا الامر مستحيلا الان، هو لن يغامر بها من جديد...
بعد انتهاء عرض الازياء جلسا أمام التلفاز يأكلان" الفشار" ويحتسيان الشاي بالنعناع وهما يشاهدان فيلما رومانسيا
"هو انت عندك كام سنه"
فاجأته شمس بسؤالها
فضحك مازحا وهو يقول:
تديني كام سنه
تأملت شمس ملامحه الوسيمة لوقتا قصير، عيناه متوسطتين الاتساع خضراوين اللون عميقتين محاطة بتجاعيد دقيقة يوجد منها حول فاهه ولا تظهر إلا عند الاقتراب والتدقيق بقوة في ملامح وجهه، بشرته تميل إلى السمرة ووجه يميل إلى الاستطالة، شعره بني غامق متناثر به بعض الشعرات البيض
"حوالي أربعين سنة"
- ياشيخه بالله عليكى انت شايفاني عجوز قوي كده... احنا هنتم تلاتين سنه كمان شهرين بالتحديد ٤/٤الجاي
- احنا! وهنتم! هو احنا توام! هو انت اخويا
منذ أفاقت شمس من غيبوبتها وهي تشعر بأحاسيس مقيتة دفينة في أعماق أعماقها كالشعور بالعهر والعار والدونية والحزن الرهيب وكأنها افتعلت في حياتها الماضية جريمة أو ربما عدة جرائم لايمكن أن تغتفر ابدا لذا فرحت شمس كثيرا بهذه الفكرة- فكرة كونهما هي ويوسف اخوين- لأن هذه الفكرة تنفي تهمة العهر عنها والتي تتهم بها نفسها في كل لحظة لكن يوسف ضحك بشدة وهو ينفي تلك الفكرة:
اخوكي ازاي بالله عليكي وانت اسمك شمس سعد سليمان وانا اسمي يوسف ياسر عبد الجواد...
ازداد ضحكا وهو يكمل:
ولا اخوكي من أب وأم تانين
ضحكت شمس ضحكة حرجة بلهاء، فتوقف يوسف عن الضحك ونظر مليا في عينيها العسيلتين ثم راح يتأملهما بشوق وحنين السنين وهو يقول بحب:
احنا مش اخوات اه، بس احنا توأم فعلا... تخيلي أن احنا مولودين في نفس الساعة ونفس اليوم ويمكن كمان نفس اللحظة
صمت قليلا ثم تنهد وهو يمد يده نحو شعرها ليداعبه وهو يكمل:
كأننا مخلوقين لبعض
ثم تراجع عما أقدم عليه وسحب يده فجأة دون أن يلمسها متظاهرا بانشغاله في مشاهدة الفيلم حيث يطارد البطل رجلا شريرا كان يحاول اغتصاب البطلة، وهنا انقبض قلب شمس حين لمحت أثار دبلة روان على إصبعه في أثناء انقباضة يده وتراجعها عما اقدمت على فعله وكالعادة استأذنته ودخلت لتنام في حجرتها ثم راحت تبكي حتى غلبها النعاس ولكن يوسف لم ينصرف هذه المرة بل فعل مالم يخطر ابدا على بالها أن يفعله، لقد اقتحم حجرتها وخصوصيتها وجسدها الذي راح يتحسسه بشهوانية في أثناء نومها وحين استيقظت مفزوعة تصرخ كمم فاهها ومنعها من الصراخ وهو يحاول اغتصابها
*********
انتظروا الحلقة الخامسة أن شاء الله يوم الخميس القادم
أنت تقرأ
ملاكي الساقط
Ficción Generalدعونا نغوص في أعماق ابليس من شياطين الإنس (الملاك الساقط) أناس يعيشون بيننا نعتقد أنهم ملائكة وهم في الأصل يغلبون الشياطين في خبثهم ،هذه رواية تحذيرية وتعليمية ستعلمكم باذن الله كيفية التعامل مع شياطين الإنس والتلاعب بهم بدلا من تلاعبهم بكم.... ات...