لم تعد تستطيع التنفس... أنها تغرق.
قفز مراد في الماء وأنقذها ملهوفا، حملها حتى السرير ووضعها برفق بعد أن جفف ملابسها المبتلة، وقف مراد يتأملها برفق وحب وشفقة وكانت شمس تتأمل كل هذه المشاعر في عينيه وفجأة سألته: بتحبني!
- اه طبعا يا ملاكي، انت حبيبة عمري، عمري ما حبيت ولا هحب غيرك، هو انتي لسه بتسألي!
وطفق يغني" هو أنت لسه بتسألي أنت بالنسبالي ايه لا ياحبيبتي اطمني الجواب عندي اتلاقيه
وطفقت تتذكر عندما كان يغني لها هذه الأغنية دائما أثناء فترة الخطبة كلما سألته نفس هذا السؤال " هل تحبني" ولكن ما الذي أفسد قصة الحب الرائعة تلك! هل خيانتها هي الإجابة الوحيدة هنا! كم شعرت شمس بالذنب والبؤس في هذه الآونة!
إوشاكُها على الغرق لم يفسد الرحلة بعد، في اليوم التالي ذهبت مع أولادها وزوجها إلى ملهى للألعاب المائية، جلست شمس تتأمل أطفالها وهم يلهون كم ودت لو شاركتهم المرح ولكنها كانت تستحي فشجعها زوجها قائلا: عيشي وانبسطي!
لقد أعطاها فرصتها لتحيا وكأنها أول مرة تختبر الحياة... برغم أن الألعاب المائية كانت طفولية جدا إلا أن شمس كانت خائفة جدا، ممن! من ماذا! هي لا تدري ما مصدر خوفها أو من، لم تستطع أن تعيش متعة هذه اللحظات كما كان ينبغي أن تعيشها لذا تنازلت عن حقها في التزحلق واكتفت فقط بالتفرج، لكن مازالت أمامها فرصة ثالثة.
في اليوم الثالث أعطاها زوجها البطاقة النقدية الخاصة به وطلب منها أن تذهب الى أحد المولات وتقوم بالتسوق وشراء كل احتياجاتها
"بس متصرفيش الفلوس كلها"
قالها وهو يمزح ضاحكا
ذهبت شمس إلى التسوق وكلما اشترت شيئاً لها شعرت أنه باهظ الثمن فأصابها بعض الخوف فجأة فتوانت عن شرائه وتراجعت وهكذا حتى عادت بعد يوما كاملا من التسوق ومعها بعض الأشياء البسيطة لزوجها وأولادها فقط، هي لم تشتري أي شيئا لنفسها.
"انتي مجنونة يابنتي انا مديكي (الكرديت كارت) دي تشتري بيها حاجات لنفسك"
أنها مجنونة فعلا، لقد أعطاها زوجها فرصتها كاملة ولكنها حمقاء لا تستطيع استغلالها، ليتها تعلم أن الموت سيسرقها مجددا من الحياة التي لاحت لها من بعيد ولم تستطع أن تعيشها!
لم تستفد شمس شيئا من رحلة شرم الشيخ وفترة الهدنة التي منحها لها زوجها، ولكن فقط منحت هذه الرحلة العجيبة بعض الانتعاش لعقلها جعلها ترى بعض الأمور على حقيقتها نوعا ما حينما عادت لتعمل على تحسين علاقتها المضطربة كثيرا بأبنائها...
عادت شمس لتقرأ في الكتب وتستمع للبرامج وتشاهد المقاطع المصورة التي تتحدث عن تربية الأطفال في هذه المراحل العمرية التي فيها ابنائها...
علمت شمس أن الرياضة تهذب سلوكيات الأطفال بحيث تجعلهم يستثمرون طاقتهم في شيء مفيد وتحسن نفسيتهم وتزيح عنها الكبت، فقررت أن تشترك لهم في إحدى النوادي ليمارسوا الرياضة ولكن زوجها رفض ذلك لأنه لا يوجد نوادي قريبة من منزلهم
" ما هو انا مش هعقد ادفع مواصلات للمدرسة والنادي كمان"
- احنا في الإجازة على فكرة
- ما بكرة الدراسة تدخل تاني
عرضت شمس على مراد أن تجعل أبيها يتكفل بمصاريف النادي فرد عليها:
قلتلك ميت مرة الموضوع مش موضوع فلوس، انا لو عايز اوديهم أغلى نادي هوديهم
- ماهو كان من شوية موضوع فلوس وبعدين لما هو مش موضوع فلوس امال موضوع ايه!
- جدال جدال جدال انت مش شاطرة غير في الجدال واللماضة، قلتلك ميت مرة اسمعي كلامي وانت ساكته ومتناقشنيش في حاجة أبدا.
راحت شمس تشرح له بهدوء فوائد الرياضة لأولادهم كي تشجع زوجها علي استثمار طاقتهم الزائدة فرد عليها بلامبالاة مستفزة قائلا: انت مش هتبطلي العبط اللي انت فيه ده بقى، هو ايه حاجة تسمعيها ولاتقريها ع النت ولا تشوفيها في التلفزيون تمشي وراها ذي الهطلة كده!
*********
علمت شمس من الانترنت والتلفاز أن تربية الحيوانات الأليفة تهذب سلوكيات الأطفال وتنمي لديهم العاطفة وحس الاعتماد على النفس، فاشترت لهم قطة ولم يعجب زوجها الأمر فأخذها وسربها خارج المنزل بدعوى أن مصاريف الاعتناء بها باهظة ولا يمكنه تحملها بالإضافة إلى مصاريف شمس وأبنائها وحينما استطاعت القطة أن تعود إلى منزلهم من جديد قامت شمس بالاستعانة بأهلها ليتولوا جميع مصاريف قطتهم كي لا يكون لدى زوجها حجة لطردها مجددا وبعد مرور فترة قصيرة بدأت تربية الحيوان الأليف تؤتي ثمارها المنشودة مع الأطفال وقد الفتهم القطة والفوها ولكن لسبب ما غير مفهوم بالمرة قام مراد بأخذ القطة من جديد إلى مكان بعيد ومن ثم سربها كي لا تستطيع العودة مجددا
. *********
مؤخرا بدأت شمس تشجيع أبناءها على التعاون معها في الأعمال المنزلية، لم يكن الأمر سهلا في البداية ولكن سوزان بدأت تستجيب بعد فترة قصيرة لتوجيهات أمها التي عاملتهما بأسلوب الثواب والعقاب، وبعد فترة أطول تعود يوسف الأشد عنادا على تنظيم وترتيب بعض الأغراض في المنزل كنوع من المساعدة لأمه، كانت على وشك النجاح ولكن كل محاولاتها المستميتة تلك لتعويدهم على التعاون معها أُفسدت في لحظة حينما عاد زوجها من العمل فوجد الطفلين يتعاونان مع أمهما في تنظيف المنزل فوبخها ووبخهم وزاد من توبيخها ونهرها هي بالأخص قائلا: انت مشغلة العيال خدامين عندك، العيال لسه صغيرين، انت هتستعبديهم دانتي بني ادمة معندكيش دم صحيح.
صدمت شمس بقوة من ردة فعله وردت تدافع عن نفسها: انا بعودهم يتعاونوا معايا وبيستغلوا وقت الفراغ بتاعهم في التنظيم والترتيب بدل البهدلة والكركبة والتخريب
- وانت شغلة امك هنا ايه، وظيفتك في البيت ايه لما تشغلي العيال وتخليهم يعملوا الشغل اللي انت المفروض تعمليه!
ثم نظر للأطفال بغضب وصرخ بهم بعنف: سيبكوا منها ومتعملوش حاجة تاني يلا انت وهي
شمس لا تستوعب ردة فعل زوجها الغريبة، ولكنها ربما اخطأت في شيء ما!
الغريب هنا أنه أتته في نفس اليوم بضاعة للمكتبة، ولقد أتت للمنزل بالخطأ فجعل سوزان ويوسف ينقلانها إلى المكتبة بدلا منه برغم أنها كانت ثقيلة للغاية والمكتبة ليست قريبة وعندما اعترضت شمس، صرخ بها: خليهم يتعودوا يتحملوا المسئولية ولا عايزاهم يبقوا بروطات ذيك!
بعد هذا الموقف والمواقف السابقة بدأت شمس تركز أكثر على تصرفات وسلوكيات زوجها الغريبة مع أولادهما، لقد أمسكت بالفعل بطرف الخيط حيث شعرت أن علاقة زوجها بأبنائها هي المفتاح لمعرفة سر نفور وكره أبنائها لها وعدم امتثالهم أبدا لأوامرها وعدم احترامها هي شخصيا في المطلق.
" في الفترة التي ركزت فيها على أبنائي وعلاقتهم بأبيهم اكتشفت اشياء رهيبة وتذكرت أشياءً أكثر إرهابا..."
أنت تقرأ
ملاكي الساقط
Ficción Generalدعونا نغوص في أعماق ابليس من شياطين الإنس (الملاك الساقط) أناس يعيشون بيننا نعتقد أنهم ملائكة وهم في الأصل يغلبون الشياطين في خبثهم ،هذه رواية تحذيرية وتعليمية ستعلمكم باذن الله كيفية التعامل مع شياطين الإنس والتلاعب بهم بدلا من تلاعبهم بكم.... ات...
