الحلقة الثانية من الفصل السابع

21 3 0
                                        

ولكن يد ما ظهرت من خلفها ثم أمسكت يدها بقوة ومنعتها من أخذ ثأرها، حينما التفتت لتتبين يد من هذه وجدتها يد أمها التي خرجت بعد سماع صوت شجارهم ووصلت موقع الشجار في اللحظة المناسبة تماما، نهرتها الأم ووبختها على محاولتها ضرب أخيها وعندما أخبرتها شمس أنه هو من بدأ ولطمها قالت لها الأم: معلش هو اخوكي برده وخايف عليكي، بس انت ميصحش تضربيه قدام صحابه وتكسريه ده مهما كان راجل
ثم طلبت منها الأم الانصياع لأوامر أخيها، انفعلت شمس ورفضت الذهاب إلى المدرسة إلا لو ركبت الدراجة خلف يوسف مثلما تفعل كل يوم فلطمتها أمها اللطمة الثانية على خدها الأيمن ونهرتها وسبتها وكررت ما قاله أخاها لها ثم طلبت من يوسف الذي وقف بائسا في ركن بعيد  يشاهد تطورات المشهد أن ينصرف ولا يأتي لاصطحابها إلى المدرسة مجددا فمنذ هذا اليوم ستذهب شمس إلى المدرسة باستخدام الحافلة كباقي رفاقها
لا تتذكر شمس أي شيئا آخر حدث أثناء اليوم الدراسي بينها وبين يوسف زميل مقعدها الدراسي، ومازالت لا تعلم لما يدق قلبها بسرعة وبقوة هكذا وهي تغوص في ذكريات هذا اليوم البعيد...
بعد العديد من محاولات التذكر، تذكرت شمس أخيرا شيئا جديدا...
"في الحصة الأخيرة كان المعلم الأساسي غائبا فجلس معنا مدرس اللغة العربية كنائب احتياطي عنه وبدلا من أن يشرح لنا الدرس جعل يكلمنا في أمور شخصية ويسألنا عن طموحنا وعن الوظيفة الذي نود الالتحاق بها حينما نكبر، سألني المعلم أولا عن وظيفة احلامي فأخبرته أنني أود العمل كمهندسة ديكور مثل خالي فارس، وها هو الزمن قد مر ولم أصبح مثلما أردت أن اكون، أما يوسف فقد أخبر المعلم أنه يريد أن يصبح مثل والده طبيب جراح وأذكر أنه عندما سأله عن تخصص الجراحة الذي يود أن يعمل به، تلعثم وتلجج ولم يستطع قول جراح مخ واعصاب فضحك عليه الجميع إلا أنا فلقد شعرت بالخجل مثله حيث كنا نتقاسم كل مشاعرنا سويا، حينها راح يتأمل الوجه الوحيد الذي لم يضحك عليه ومال علي وهمس: بكرة لما اكبر واشتغل دكتور جراح هجوزك
فضحكت بسرور حينها
كبر يوسف وأصبح مثلما أراد ولكنه لم يتزوجني كما وعدني، بل ودمر كل حياتي وعلاقتي بزوجي وأهلي وأولادي وأصدقائي والجميع وحتى الله دمر علاقتي به، سحقا!"
بعد انتهاء اليوم الدراسي تفاجأت شمس بسليمان ورفاقه أمام بوابة المدرسة صُدمت شمس وسألته:
انت جيت هنا ازاي انت والعيال دي
رد عليها بفخر:
مشينا عادي هو اخوكي مش راجل ولا أيه
-اسكت يا ابو شخه
هم سليمان أن يضربها مجددا ولكن يوسف منعه ورد له اللطمة التي لطمها لأخته صباحا فتشابكا وتشاجرا شجارا حادا قرر يوسف على أثره الانسحاب من حياة شمس تماما بناء على رغبة اهلها، لكنها طلبت منه إلا يرحل ويتركها فهي تريد أن تعود معه هو اليوم إلى المنزل حتى لو كان هذا هو اليوم الاخير، رفض يوسف ذلك  بشدة برغم توسلاتها المستميتة فسألته:
انت زعلان مني في حاجة يايوسف، انا مليش دعوة باللي عمله سليمان.
-لا ياشمس مش زعلان ولا حاجة... بس بابا عاملي مفاجئة عشان عيد ميلادي... وانا عايز ارجع بسرعة عشان اعرف المفاجئة...
سرح كأنه يتذكر شيئا هاما ثم أردف: اه صحيح كنت هنسى
اخرج يوسف من جيب بنطاله لوح شكولاتة( كورونا) الشكولاتة المفضلة بالنسبة إليها، ناولها لها وهو يبتسم متأملا عيناها البريئتين الجميلتين الخضراوين اللتين لمعتا تحت إضاءة الشمس ثم قال: كل سنه وانتي طيبة ياملبستي
شكرته شمس بود، فلقد اعتاد يوسف أن يهديها لوح من الشكولاتة كل ذكرى ميلاد لهما 
قبل أن ينصرف طلب يوسف من شمس أن تمتثل لما يمليه عليها أهلها وأخبرها أنه لن يصطحبها مجددا خلفه على الدراجة منذ هذا اليوم، فالجميع  لديهم حق لقد كبرت الآن  وأصبحت آنسة جميلة ولا يجوز أن تركب الدراجة خلف فتى غريب، صُدمت شمس وقررت مخاصمته و مقاطعته  إلى الأبد بسبب رحيله وتركها ، لقد نفذت شمس وعدها لنفسها حقا ولم تتحدث معه مجددا أبدا حسبما تتذكر حتى هذا الحين، تتذكر أيضا أنها أرغمت على تنفيذ وعدها لنفسها قصرا حيث انتقل يوسف مع أهله بعد ذلك اليوم إلى الحي الراقي ولم تعد تراه أبدا ولا تسمع منه أو عنه أي خبر، لقد اختفى تماما من حياتها، ولكن كيف ولماذا ومتى عاد مجددا!
إلى هذا الحد كانت قصتهما طفولية بريئة ساذجة ولكن كيف ومتى ولماذا تلوثت قصة حبهما إلى هذا الحد الذي جعلهما ينجبان طفلة غير شرعية وتنسبها لزوجها المحب المسكين!
كانت شمس تحاول تذكر متى ارتكبت هي ويوسف أكبر جرائمهما بإنجاب طفلة من غير زواج حين تذكرت موقف آخر يؤكد صدق ما يدعيه زوجها، لقد كانت مجرد كلمة قالتها حماتها لأبيها في بداية زواجها من مراد " انتوا غشتونا" لقد ظل والدها يسأل الجميع عن مقصد حماتها من هذه الكلمة منذ ذلك الحين ولكنه لم يأتيه أي إجابة وافية، لذا على شمس الآن أن تبحث بنفسها عن الإجابة.
"ماما هو انا حملت في سوزان اول ما اتجوزت ولاقعدت فترة قبل ما احمل فيها"
-لا حملتي فيها على طول، حتى ولدتيها ع السابع، بتسألي ليه!
-لا...عادي.
لا!... هذا ليس عاديا! عليها أن تذهب إليه مجددا.

ملاكي الساقطحيث تعيش القصص. اكتشف الآن