الحلقة الخامسة: من المجهول إلى المجهول

124 9 3
                                    

استيقظت مفزوعة تصرخ، كمم فاهها ومنعها من الصراخ وهو يحاول اغتصابها فاستيقظت مفزوعة تصرخ حيث وجدت نفسها بمفردها في الغرفة، قامت شمس متوجهة إلى التلفاز شغلته وادارته على قناة المجد للقران الكريم، حيث كان الشيخ يستهل قراءة سورة مريم، اطمأنت شمس لسماع القرآن وخلدت للنوم سريعا من جديد ولكنها لم تكد تنام حتى سمعت صوت في المطبخ فاستيقظت مفزوعة ورأت نفس القط الذي رأته بالأمس في كابوسها ولكنه لم يفر هاربا بل وكان ينظر إليها نظرات مرعبة حتى انزوى في هذا الركن المعتم الذي سمعت من ناحيته نفس الصوت الطفولي الذي كان يندها في كابوس الأمس، لقد اختفى القط في الظلام، حملقت شمس المرعوبة نحو مصدر الصوت االمرعب وهي تجيب في رعب:
ايوا ياسوزي... ايوا ياسوزان
وبعد طول تركيز وتأمل استطاعت أن ترى  طفلة صغيرة مشوهة مرعوبة ومرعبه...
كانت شمس تتلوى في سريرها أثناء رؤيتها لكابوسها الجديد وحينها شعرت بيد صغيرة حانية توقظها من نومها
ماما... ماما... اصحي... فوقي
يوسف
استيقظت شمس وهي تنده باسم الطفل الصغير الذي كان يوقظها في الحلم فوجدت يوسف واقفا أمامها حيث هو في الواقع من كان يوقظها من نومها، اعتدلت شمس من نومها هلعة وهي تتذكر الكابوس الأول الذي راودها ليلة أمس
انت ايه اللي دخلك هنا اوضتي
هكذا صاحت به
اهدي ياشمس فيه ايه، انا اسف اني دخلت اوضتك بالطريقة دي، بس انا قعدت انادي من برة مردتيش وجيت اقعدت اخبط على باب الاوضة برده مردتيش فتخضيت عليكي عشان كده اضطريت ادخل اوضتك بالطريقة دي
أشاحت شمس بوجهها بعيدا عنه ثم راحت تتمتم شاردة متجهمة:
- يوسف!
- ايوا ياشمس.
- مش انت.
- امال مين!
قالها ثم راح يتلفت حوله كالأبله وهو يكمل مازحا: هو فيه حد غيرنا هنا ولا ايه!
توقف يوسف عن المزح مصعوقا من الصدمة حين سمع شمس تتمتم وكأنها تتحدث مع نفسها وهي تكتشف الحقائق:
يوسف ابني... انا مكنتش بناديك انت  في المستشفى اول ما فقت من الغيبوبة... انا كنت بنادي يوسف ابني... انا ست مجوزة وعندي بنت اسمها سوزان وولد اسمه يوسف...
ثم التفتت إلى يوسف فجأة وصرخت فيه غاضبة: انت ليه مقلتليش كده من الأول!  انا بعمل ايه هنا... انت مين!
ثم انتفضت من على سريرها ممسكة بتلابيبه وهي تصرخ في ذعر مكررة نفس السؤالين من جديد:
انا بعمل ايه هنا... انت مين!
اهدي ياشمس... اهدي بالله عليكي ياشيخه... اهدي وانا هشرحلك كل حاجه...انا وانتي بنحب بعض من واحنا في الحضانة...
ضحكت شمس بسخرية، هزت رأسها بطريقة هستيرية ثم صاحت به وعينها تدمع: انت مجنون
- مش مصدقاني
- لا طبعا مش مصدقاك، ما هو مفيش حد عاقل يصدق كلام ذي ده
- طب اديني فرصة اكملك... احنا اتولدنا في نفس اللحظة ذي ما قلتلك، علاقة اهالينا ابتدت وعمرنا اسبوع لما بابا انقذ حياتك... بعد كده كنا مع بعض دايما طول مراحل الدراسة كنتي عاملة ذي ظلي وانا كنت ظلك، كأننا كنا شخص واحد والناس كلها كانت عارفة أن احنا لبعض لغاية ما الظروف فرقت بنا وبعد كده دخل الحيوان ده في حياتك وخدك مني
أمسك يوسف زراع شمس بقسوة وهو يجهش بالبكاء قائلا: انت بتاعتي انا من البداية... مش هسيبك ترجعيله
أبعدت شمس يد يوسف وهي تصيح: ابعد عني كده... انت بني ادم مجنون...شككتني بنفسي وبشرفي
جلست شمس على سريرها منهارة وهي تكمل متمتمه: الناس هتقول عليه ايه دلوقتي... جوزي واولادي هيقولوا عليه ايه... واهلي... اهلي!
على صوتها من جديد وصرخت في يوسف وهي تقول: انت اكيد فهمتهم أن فيه بيني وبينك حاجه عشان كده مضوا الإقرار... او ممكن تكون انت اصلا مزور الإقرار
شعر يوسف بالصدمة لأن شمس حبيبته لا تصدقه ولا تستطيع تذكره ابدا فحاول ان يقدم ادله على صدقه:
انت افتكرتي انك عندك ابن اسمه يوسف، طيب مفكرتيش انت سمتيه يوسف على اسم مين
- هو مفيش حد غيرك اسمه يوسف ولا ايه، ممكن اكون سميته على اسم حد قريبنا، على اسم حد من اخواتي مثلا
- انت ملكيش غير اخ واحد واسمه سليمان على اسم جدك وعيلتك كلها مفهاش ولا واحد اسمه يوسف
- ممكن يكون جوزي اللي مسميه على اسم حد يعرفه... قريبه... صاحبه... اي حد... سمناه على اسم سيدنا يوسف الصديق ياسيدي ارتحت بقى
- طيب بلاش دي، ممكن تقوليلي لو انا معرفكيش فعلا وخاطفك ذي مابتقولي ايه اللي عرفني انك مبتشربيش الشاي من غير نعناع وايه اللي عرفني انك مبتحبيش الكيك العادي وبتحبي التشيز كيك بس وازاي كمان عرفت حكاية "الملبس" وايه اللي عرفني انك...
قاطعته شمس مجددا بغضب:
عادي ، كل دي حاجات عادية جدا وممكن اي حد يعرفها عني، وبعدين انا ايه اللي عرفني أن كل اللي حكيته ده عني حقيقي  مش يمكن انت مألف كل الحاجات دي وبتضحك عليه، منا فاقدة الذاكرة بقى ومش فاكرة حاجة... ايوا... دلوقتي فهمت انت ليه مكنتش عايزني افتكر حاجه...عشان معرفكشي على حقيقتك ابدا...
حاول يوسف الدفاع عن نفسه من جديد ولكن شمس لم تعطه أية فرصة لذلك ثم على صوتها في غضب وهي تردف:
ثم قولي  بقى ازاي متعرفشي اني مبحبش اسمع افلام الرعب وانت بتقول انك تعرفني اكتر من نفسي
بهدوء وثقة رد عليها يوسف:
انت كنتي بتحبي افلام الرعب لما كنا مع بعض قبل جوازك وبعد كده كرهتيها... كنتي دايما تقولي الرعب اللي شفته في حياتي معاه كفاية عليه، البني ادم ده عيشك في رعب مش ممكن تتخيليه، مرر عيشتك وكرهك في نفسك، ياشمس انت كنتي عايشة مع ابليس في الجحيم... مش انت عايزة تعرفي ايه سبب دخولك في الغيبوبة ... انا هقلك... انتي انتحرتي... انتحرتي بسببه
- ايه!
- بعد ما حاولتي تطلقي اكتر من مره وهو رفض؛ جتيني في يوم من الايام  مبلبعة شريط برشام وارتميتي في حضني وقلتيلي مش عايزة حاجه تفرق بينا تاني... انا من دلوقتي ملكك للأبد... حاولي تفتكري!
شمس لاتتذكر شيء ولكنها لاتعلم لماذا وهو يحكي قصة انتحارها ترآى أمامها مشاهد لمقبرة بها العديد من القبور الموحشة
واستغل يوسف شرودها وهو يكمل: عايزة تعرفي كمان البرشام ده كان بتاع ايه... كان بتاع الاكتئاب ياشمس اللي جالك من يوم مافارقنا بعض وعاشرتي القذر ده
نبرة صوت يوسف ونظرات عينيه كانت صادقة جدا وعفوية وواثقة مما جعل شمس في حيرة من امرها، اخذت تفكر في حديثة، وهي تحاول استنباط صدقه من كذبه وفي النهاية لم تستطع تصديقه ولم تستطع ايضا تكذيبه، فقام يوسف باستغلال فرصة سكوتها أكثر ليزيد شكها في نفسها أكثر وأكثر وتسائل بكل ثقة وتحدي:
قوليلي انت بقى ازاي عرفتي اني بشرب الشاي مظبوط بمعلقتين سكر
لم تجد شمس ما تجيبه به وبطلت حججها مقابل حجته فأردف وثقته بنفسه تزداد:
فاكرة لما جيتك متعور كنتي ملهوفة عليه ازاي بطريقة مش طبيعية وبتلقائية، مسالتيش نفسك ازاي خفتي على حد غريب مش فاكراه الخوف ده كله...
شردت شمس حزينة وشعورها بالعهر يداعب ظنونها ويأججه هذه الأية الكريمة التي يرتلها الشيخ على مسامعها من خلال التلفاز
"ياليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا"
فصاحت به:
انت عايز توهمني اني ساقطة!
- مين قال كده! متقليش على نفسك كده، انت اشرف ست في الكون.
انهارت شمس شاعرة بالعار وهي تقول:
اشرف ست ازاي وانا مصحباك على جوزي... انا بخونه معاك من امتى!
صاح يوسف بها:
خيانة ايه اللي انت بتقولي عليها! لو كنتي خنتي حد فانتي خنتيني انا معاه، انت بتاعتي انا... من قبل منه بسنين...
هدأ يوسف وابتلع ريقه وامتص غضبه، اغمض عينه وفتحها فجأة ثم قال بحنان:
ياشمس الحب اللي كان بنا حب بريء
صرخت به شمس من جديد:
بريء ازاي وانا ست مجوزة!
- يابنتي ياحبيبتي اديني فرصة بس اشرحلك
شرح لها يوسف كيف أن حبهما هو حب بين القلوب ولادخل للأجساد بشائنهما معا، لقد قدرالله لهما هذا الحب القهري وكتبه على قلوبهما وهما لادخل لهما بذلك ولا ارادة لهما في الانغماس في هذا الحب وأقسم لها أنهما ابدا لم يكن بينهما أية علاقة جسدية مشينة تسيء لها فهم وإن كانا لايستطيعان التحكم ابدا في قلبيهما إلا أنهما يتحكمان بكل براءة وبراعة في جسديهما
حكى لها يوسف الكثير عن  حبهما العذري البريء ولكنها لم تصدقه، لم تكن تعلم ماذا عليها أن تفعل، هي لن تتجادل معه كثيرا لأن الجدال لن يفيدها بشيء، لقد نوت أن تسايره، فهي لا تدري من هو ولا ماذا ينوي أن يفعل بها، أنهى يوسف حديثة معها مقدما هذا العرض اللطيف:
انا هخلص شغل بدري النهاردة واعدي عليكي اخرجك عشان انتي شكلك اعصابك تعبانه
لن تنتظره شمس حتى يعود، لقد نوت الفرار من المجهول إلى المجهول
      *****************
اللي مستعجل  وحابب الحلقة السادسة تنزل قبل يوم الخميس يعمل فلو، محتاجة خمس متابعات بس عشان نوصل لعشر متابعين وانا اول ما أوصل لعشرة فلو هنزل الحلقة السادسة باذن الله
شايفين التواضع هههههه

ملاكي الساقطحيث تعيش القصص. اكتشف الآن