الفصل السابع
حب في الروضة
عندما ذهبت لاحقا لأهلها، أمسكت الصور وراحت تتأمله مجددا آملتًا أن تتذكره وتستريح فتذكرت وتعبت أكثر
كان يوسف زميل دراستها من العام الأول في الروضة وإلى الصف الثاني الإعدادي حيث انتقل والده بعد ذلك إلى حيٍ أكثر رقي لأن هذا الحي لم يعد مناسبا بعد لمكانته العلمية والاجتماعية والمادية ومن حينها انقطعت تماما كل أخبار يوسف عن شمس ولم تعد تراه أبدا ثم دخل مراد في حياتها وأحبته وتزوجته ثم... ثم ماذا!
منذ اللحظة الأولى حين التقت به في الروضة شعرت شمس أنها وجدت أخيرا ضالتها، كان يوسف الصغير هو أول من اعتنى بها وعوضها الإهمال الجسيم الذي بدر مبكرا من والديها، كان الوقت مبكرا جدا على إدراك حقيقة مشاعرهما ولكن بمرور السنوات أدركا أنهما خلقا لبعضهما البعض بدليل أنهما ولدا في نفس اليوم والساعة واللحظة...
في إحدى أيام الصف الأول الاعدادي:
كانا يلعبان في شوارع الحي كعادتهما ولكنهما تمادا وتاها سويا، لم تحزن شمس لذلك أبدا ولم تتوتر فشمس لم تكن تشعر معه إلا بالأمان، لقد كانت تتوه في حيها بل وفي بيتها لو كان يوسف بعيدا عنها ولا تجد نفسها إلا معه فهو بيتها وحيها ووطنها...
لاح بعقل شمس الآن وهي تتذكر هذا الموقف موقفها حينما هربت منه وتاهت ولما وجدها ارتمت بين أحضانه ملتمسة الأمان برغم أنها لم تكن تتذكره حينها، لقد باتت تعلم الآن التفسير المنطقي لهذا الموقف العجيب.
********
في أثناء رحلة بحثهما عن منزليهما صادفا منزل تحت الإنشاء لفت انتباه يوسف فأشار إليه ووعدها وعدا بريئا صادقا وهو أنهما حالما يكبران سيشتري لها هذا البيت ليتزوجها ويعيشان فيه سويا وسيملأ لها هذه الحديقة الصغيرة الفارغة أمام البيت بالورد البلدي وورود الجوري التي تعشقها... لقد كان هذا هو بعينه البيت الذي تأجره لها وعاشت فيه أسبوعا بعد خروجها من المستشفى...
*********
لما عادت من ذكرياتها البعيدة تأملت شمس مجددا صورة يوسف التي مازالت في يدها فصُعقت حينما وجدتها قد مُحيت؛ استغرقت بضعة دقائق في التفكير لتدرك أنها كانت تبكي بشدة دون وعي وهي تتذكر صغرها مع يوسف، لذا أغرق الدمع الصورة التي في يدها ومحى يوسف منها...
انقبض قلبها بشدة حينما اختفى وجهه البريء من الصورة ولا تدري لماذا زادت انقباضات قلبها حده حين تذكرت ذلك اليوم بالتحديد...
حدث في أحدى ايام الصف الثاني الإعدادي في ذكرى مولدهما الثالثة عشر:
كانت شمس تمتطي الدراجة خلف يوسف كل يومٍ ذاهبةً إلى المدرسة وعائدةً إلى البيت فيوسف لم يكن يحب أبدا أن يذهب إلى المدرسة باستخدام الحافلة كباقي رفاقه أما شمس فهي بالطبع تحب ما يحبه يوسف وتكره ما يكرهه.
في صباح ذلك اليوم كانت واقفة أمام المنزل في انتظار يوسف بينما كان سليمان في انتظار رفاقه كي يسيروا معا الى مدرسة الابتدائية القريبة جدا من البيت وفي أثناء ذلك - وفي نفس التوقيت الذي وصل فيه يوسف ليصطحب شمس خلفه على الدراجة إلى مدرستهما ووصل فيه أيضا رفاق سليمان- نبح كلب فجأة في الشارع بصوت عالي وبعفوية طفولية قررت شمس التي فُزعت أن تحتمي في حضن الشخص الأقرب لها ليس في المكان ولكن في المكانة فاختفت من الكلب بين أحضان يوسف برغم أن أخيها كان الأقرب منها مسافةً، وبرغم صغر سن سليمان حيث كان في الصف الخامس الابتدائي حينها إلا أن هذا التصرف أثار حفيظته وغيرته خاصة أنه حدث أمام رفاقه فدفعه ذلك للتشاجر مع شمس ويوسف وأمرها ألا تركب أبدا مجددا خلفه على الدراجة لأنها أصبحت فتاة كبيرة الآن وليست طفلة صغيرة كالسابق فسبته شمس آمرتا إياه بعدم التدخل في أمور حياتها مرة أخرى فلطمها سليمان لطمة قوية مدوية على خدها الأيسر وهمت أن ترد له لطمته بلطمة أقوى منها ولكن يد ما ظهرت من خلفها ثم أمسكت يدها بقوة ومنعتها من أخذ ثأرها، حينما التفتت لتتبين يد من هذه وجدتها...
أنت تقرأ
ملاكي الساقط
Genel Kurguدعونا نغوص في أعماق ابليس من شياطين الإنس (الملاك الساقط) أناس يعيشون بيننا نعتقد أنهم ملائكة وهم في الأصل يغلبون الشياطين في خبثهم ،هذه رواية تحذيرية وتعليمية ستعلمكم باذن الله كيفية التعامل مع شياطين الإنس والتلاعب بهم بدلا من تلاعبهم بكم.... ات...
