عندما دخل أندرو غرفته، لم يجد إيليف بداخلها، فاستغرب ذلك. نظر حوله بحثًا عنها، لكن لم يكن هناك أثر لها. بينما كان يتجول ببطء في الغرفة، لمح باب الحمام مفتوحًا قليلاً، فتوجه نحوه بخطوات هادئه.
اقترب من الباب ودخل، لكنه لم يجدها هناك أيضًا. سمع صوتًا خلفه، فاستدار بسرعة. كانت إيليف تقف هناك، وعيناها تلمعان بشيء غير مألوف. قبل أن يتمكن من استيعاب ما يحدث، رأى إيليف تقترب منه بسرعة وتقفز عليه بكل عفوية.
في لحظة واحدة، كانت ساقاها تحيطان بخصره، ويداها تلتفان حول عنقه. حملها أندرو دون تردد، رغم دهشته من تصرفها المفاجئ. كان لا يزال يحاول استيعاب ما يحدث، وكانت عيناه تملؤهما الدهشة، لكنه لم يستطع منع نفسه من الابتسام بشكل خفيف. نظرت إليه إيليف بشغف، ولم تمهله فرصة للرد أو السؤال. اقتربت منه بجرأة، وقبلت شفتيه بقوة، قبلة مليئة بالعواطف والانفعالات التي لم يكن معتادًا عليها منها.
بعدما ابتعدت قليلاً، نظرت إليه بعينين
مليئتين بالفرح والدفء، لتسأله بمرح واضح: أحبك.... أتحبني؟
أندرو، الذي كان لا يزال مصدومًا من تصرفها غير المتوقع، خرج من الحمام ببطء، وهي لا تزال في حضنه. جلس على السرير، بينما كانت هي تجلس فوقه وكأنها لا تريد أن تتركه. كان وجهه يحمل خليطًا من الدهشة والقلق، وضع يده على فكها بحنان.
سألها بقلق حقيقي في صوته: إيليف، هل أنتِ بخير؟ هل تريدين الذهاب إلى المستشفى؟ حرارتك
مرتفعة؟
لمس جبهتها بقلق، باحثًا عن أي علامات لوجود حمى أو مرض. كانت عيناه مليئتين بالقلق والاهتمام، فلم يكن معتادًا على رؤية إيليف بهذه الطريقة الجريئة والمبتهجة في مثل هذا الوقت العصيب.
لكن إيليف، بدلاً من الشعور بالقلق، أمسكت بيده بلطف ووضعت يديها على خده. نظرت إليه بابتسامة صغيرة وقالت بهدوء: أنا بخير، أندرو... أعلم أنك مستغرب من تغيّري. كنت تتوقع أن أكون منزعجة أو حزينة بعد ما حدث، أليس كذلك؟
أومأ أندرو برأسه قليلاً، وهو لا يزال يشعر بشيء من الحيرة. كان يتوقع أن تكون إيليف في حالة صدمة أو على الأقل تحتاج إلى بعض الوقت للتعافي من الأحداث المروعة التي شهدتها. لكنه لم يستطع إنكار أن هذه اللحظات العفوية منها كانت تبعث في قلبه دفئًا لم يعهده من قبل.
لا، لا أريدك أن تكوني منزعجة، قال بصوت منخفض، ونبرة صوته مزيج من الحنان والقلق. بصراحة، هذا التغيير يعجبني جدًا، ولكنه يقلقني أيضًا. أخشى أن تكوني تحاولين إخفاء ألمك عني. إذا كنتِ تفعلين ذلك، فأنا أنصحك بأن لا تفعلي. أريدك أن تكوني صريحة معي.
تنهدت إيليف وأخذت نفسًا عميقًا، ثم رفعت نظرها إلى أندرو بابتسامة طفيفة وقالت بصوت ناعم: دعنا لا نتحدث عن هذه الأمور الآن. لنفعل شيئًا آخر.
ابتسم بهدوء وهو يضع يده على خدها، يمسح برفق، بينما كانت أصابعه تمرر برقة على شفتيها، وكأنه يحاول تأمل تفاصيلها بتركيز شديد. همس بنبرة شاردة وهو يراقب شفتيها: مثل ماذا... مثلاً؟
إيليف، وقد احمرّ وجهها خجلًا من قربه ولمسته، عضت على شفتيها بخفة ثم أبعدته بمرح وصعدت على السرير بنشاط مفاجئ، بينما هو ينظر إليها بابتسامة خفيفة وتنهيدة هادئة وكأنه يستمتع بمشاهدة تصرفاتها العفوية. قالت له بمرح: هيا، فلتنام، تبدو متعبًا!
كان ينظر إليها بتلك النظرة العميقة التي تخترق الحواجز، وكأن في عينيه رسالة غير معلنة. ابتسم وهو يستقيم، واقترب منها خطوة، وبما أنها كانت تقف على السرير، أصبحت أطول منه قليلاً. رفع نظره لها وهو يقترب أكثر، حتى أصبحت المسافة بينهما قصيرة للغاية، ليقول لها بنبرة هادئة وبقليل من الدعابة: هنا؟ أقصد... سننام هنا في غرفتي؟
ضحكت إيليف بخفة وردت بمرح: أجل، هنا! دائمًا ما كنا ننام في غرفتي، لذا حان الوقت لتجربة النوم هنا، في غرفتك هذه المرة.
همهم أندرو بإيماءة خفيفة، محاولًا أن يكبح ابتسامته، ثم قرر أن يتركها للحظة وغادر باتجاه الحمام ليقوم بروتينه الليلي المعتاد، فيما كانت هي تتأمله وهو يغادر الغرفة.
عندما انتهى أندرو من روتينه الليلي، خرج من الحمام بشعره الرطب الذي يتساقط على جبهته، مرتديًا قميصًا بسيطًا وبنطالًا مريحًا. كانت الأضواء الخافتة في الغرفة تخلق أجواءً هادئة، وقد كانت إيليف متمددة على السرير، متكئة على وسائد ناعمة. شعرها الطويل، الذي يشبه خيوط الشمس، يتسلل على الوسائد وعلى السرير بطريقة رائعة، مما أضفى جمالًا على المشهد.
تحتضن إيليف كتابها، الذي كان يحمل عنوان The Little Prince، وعيناها تتنقلان بين السطور بشغف، مما جعل أندرو يشعر بشيء من السعادة. اقترب منها بخطوات هادئة، وعندما جلس بجانبها، شعرت بحضور جسده الدافئ، لكنها حاولت أن تتظاهر وكأنها تركز تمامًا في الكتاب.
أخذ أندرو كتابًا كان موجودًا على الطاولة، وفتح صفحة معينة، وبدأ في قراءة بعض السطور بهدوء. كان يسترق النظر إلى إيليف بين الحين والآخر، ويتأمل تعبيرات وجهها التي تعكس اندماجها في القصة. كان هناك شيء ساحر في طريقة تركيزها.
وكأن الكتاب يتحدث إليها بشكل مباشر.
مر بعض الوقت قبل أن ترتفع عينيه من الكتاب، ليكتشف أنها قد توقفت فجأة عن القراءة. كان عذرها عبارة عن شعور مفاجئ بفضول، وكأن شيئًا ما في السطر الذي كانت تقرأه قد أثار في داخلها مشاعر عميقة. ولأنه يعلم بأن عينيه تربكني.. يطيل النظر. كان السطر الذي لفت انتباهها.
ابتسمت إيليف بمرح وهي تقرأ ذلك السطر، وعندما رفعت نظرها، التقت عينيها بعيني أندرو. كانت تلك اللحظة مشحونة بشيء من السحر. تذكرت على الفور جملة أخرى من الكتاب كانت قد قرأتها قبل قليل: "له عينين تشبه المحيط، هادئة تجعلك تغرق بهدوء."
فكرت في الأمر قليلًا، وكانت تلك العيون، عيون أندرو، التي تراقبها بعناية. كانت تحمل عمق المحيط، حيث يمكن أن تشعر فيها بالهدوء والطمأنينة، لكنها أيضًا كانت تحمل شيئًا من الغموض، كأنها تدعوها للاستكشاف.
إقتربت إيليف من أندرو بهدوء، قائلة في صوت منخفض مفعم بالحب: أيمكنني تقبيل خدك؟ لم يرد عليها بكلمات، بل إكتفى بابتسامة هادئة تُظهر كم كان مستمتعًا بلحظتها. شعرت بارتياح كبير وهي تطبع قبلة ناعمة على خده، ثم استقر رأسها على كتفه بهدوء.
عندما نظرت إلى الكتاب الذي كان بين يديه، لفت انتباهها صورة لها في منتصف الصفحات. كانت الصورة توثق تلك اللحظة السعيدة عندما أخبرها بأنه سيوصلها إلى المدرسة. تذكرت كيف احتضنت عنقه وابتسمت بسعادة، فيما كان هو يلتقط الصورة، وهو يعدها بأنه سيحتفظ بها. إذا شعرت بالإشتياق لها، سينظر إلى هذه الصورة ليشعر بقربها، قالها بنبرة مليئة بالحب، مما جعل قلبها ينبض بسرعه من السعادة.
ابتسمت إيليف وهي تتذكر تلك الذكرى الجميلة، ثم رفعت نظرها إلى أندرو، الذي كان يراقبها بابتسامة تدل على سعادته. شعر بها، نظرته كانت تحمل الكثير من المشاعر الدافئة. لم يكن بإمكانها مقاومة عينيه، اللتين كانتا تعكسان عمق مشاعره. في تلك اللحظة، لمحت كيف كان يدقق النظر في شفتيها، وكأنها كانت مركز اهتمامه الوحيد.
اقترب منها ببطء Leaning in closer, his breath brushed against her lips. لم يكن هناك شيء آخر حولهما، فقط وجودهما سوياً. ببطء، ميل برأسه نحوها وقبلها بعمق. ابتعد عنها بعد فترة ليست قصيرة، وتبادلوا الابتسامات. كانت تلك اللحظات التي يشعرون فيها بأن العالم من حولهم قد اختفى، وأنهما هما فقط من يتواجدان في تلك الفقاعة الصغيرة من الحب والحنان.
مرت فترة من الوقت كان فيها أندرو مستلقياً برأسه في حضن إيليف، يستمتع بلمساتها اللطيفة وهي تمسح على شعره وتلعب به. كانت أصابعها تمرر ببطء بين خصلات شعره، كأنها ترسم لحظات هادئة بينهما بعد كل ما مروا به. كان الجو دافئًا ومليئًا بالسكينة، وكانت إيليف تحاول تخفيف الضغوط التي كانت تسيطر عليهما.
تحدث أندرو بهدوء، بينما كان ينظر إلى العدم، تفكيره بعيدًا عن الواقع: ألا تشعرين أنك تعاملينني مثل طفل؟ كان صوته يحمل لمسة من الجدية، ولكنه في الوقت ذاته كان يشير إلى الحميمية التي تجمعهما.
ابتسمت إيليف، عينيها تتلألأ بفرح، لتجيب بمرح: أجل... أنت طفلي رغم أنني أصغرك سنًا. أنت طفلي الصغير، وأنت حبيبي.
نظر إليها أندرو، محاولًا إظهار بعض العتاب: حقًا؟
أومأت برأسها وهي تضحك عفويًا، ثم اقتربت وقبلت أنفه بلطف، قائلة بمرح: أنت لطيف جدًا.
رد عليها أندرو بهدوء: أعتقد أنك مخطئة. لا يوجد هنا لطيف غيرك.
كان يلمس خدها برفق، شعرت إيليف بقلوبهم تتقارب في تلك اللحظة. واصلت حديثها بمرح: حسنا، هيا، فلتنام. غداً لديك عمل.
أندرو، الذي كان مستمتعًا بلحظة الدفء، سألها: وأنت، ألن تنامي؟
إيليف، بابتسامة تغمر وجهها: سوف أنام عندما أشعر بالنعاس. غداً ليس لدينا مدرسة. لقد أخبرهم أبي أننا سنأتي عندما يصل موعد الاختبارات... هيا، اغْمِض عينيك.
ابتسم أندرو وامتثل لطلبها، عينيه مغلقتين بهدوء، بينما بدأت هي تمسح على شعره بلطف. مرت دقائق من الهدوء، وكانت أنفاسه منتظمة، دليل على دخوله في عالم الأحلام. كانت ملامحه هادئة جدًا، مما جعل قلب إيليف ينبض بحب وحنان. ابتسمت وهي تنظر إلى القمر الذي كان يضيء الغرفة بنور ناعم، يسلط أشعته على وجهها بطريقة جميلة.
بعد فترة، ابتعدت ببطء عن أندرو، حريصةً على عدم إيقاظه. وضعت وسادة تحت رأسه برفق، ثم نزلت من على السرير لتقترب منه وتغطيه جيدًا. كانت حركتها لطيفة وحنونة، وكأنها تريد أن تحميه من كل شيء يحيط بهم. اقتربت منه لتقبل خده برقة، قائلة: تصبح على خير، حبيبي. فلتنام جيدًا... أحبك.
عندما أطفأت المصباح الصغير، غمر الظلام الغرفة، وتحولت إلى مكان هادئ جداً، حيث كان ضوء القمر هو المصدر الوحيد للضوء، ينعكس على الجدران ويخلق أجواءً ساحرة. خرجت إيليف من الغرفة بهدوء، وتأكدت من غلق الباب ببطء حتى لا تصدر أي صوت قد يوقظ أندرو.
فور أن خرجت إيليف من غرفتها بخطوات هادئة، تفاجأت بظهور ميلان فجأة أمامها في الرواق المظلم، فشهقت بفزع واضعة يدها على صدرها في محاولة لتهدئة دقات قلبها السريعة. كانت ميلان قد شعرت بنفس الفزع ووضعَت يدها على صدرها كذلك، فابتسمت ابتسامة خفيفة وهي تتنفس بعمق لتقول لهمساً وبصوت منخفض: لقد أخفتِني... حقًا، كنت على وشك الصراخ.
ردّت عليها إيليف بابتسامة متوترة، ثم قالت بصوت شبه هامس: وانا أيضا... هيا، لننزل بسرعة.
مشيتا بهدوء في الرواق الطويل الذي كان يغمره ضوء خافت صادر عن مصابيح صغيرة معلقة على الجدران، تلقي بظلال رقيقة على وجوههما وتخلق جواً هادئاً ومريحاً.
كانت خطواتهما خفيفة، وكأنهما تخشيان أن تزعجا هذا السكون.
ببطء، وصلا إلى الدرج الكبير ونزلا عليه بخفة، كل خطوة منهما كانت تردد صداها بشكل خافت في الصالة الواسعة. كان القصر في حالة من الهدوء العميق، حيث لم يكن هناك سوى صوت الرياح الهادئة التي تتسلل عبر النوافذ المفتوحة قليلاً، لتلامس وجنتيهما ببرودة لطيفة.
عند وصولهما إلى الحديقة، كان العشب الناعم ينتظرهم كمرج أخضر خلاب يعكس أضواء القمر التي بدأت تلمع بين السحب المتفرقة، مما أضفى على المكان لمسة ساحرة. دون تردد، رمت الفتاتان نفسيهما بمرح على العشب البارد، مستلقيتين على ظهريهما، ووجههما يحدّق في السماء الصافية.
تبادلت إيليف وميلان نظرات مليئة بالابتسامة والضحك العفوي.
تنهدت ميلان بعمق وهي تنظر إلى النجوم المتلألئة قائلة بصوت مبحوح مليء بالإعجاب: أحب هذا المكان. إنه يعطيني شعورًا بالأمان وكأن كل شيء سيبقى جميلًا إلى الأبد.
نظرت إليها إيليف بابتسامة دافئة، ومدّت يدها لتلامس العشب بلطف، قائلة بصوت هادئ: نعم، هنا، بعيداً عن كل التعقيدات، يبدو العالم بسيطًا وجميلًا. أتمنى لو أن اللحظات كهذه تستمر دائماً.
ميلان أغلقت عينيها للحظات، وكأنها تستنشق رائحة الطبيعة والأمان الذي يحيط بهما، قبل أن تقول بابتسامة مرحة: أعتقد أنني سأنام هنا الليلة، لا أريد العودة إلى القصر.
ضحكت إيليف بخفة على كلمات ميلان، ثم تابعت بمزاح لطيف: ألا تودين العودة للنوم مع أدريان؟
احمر وجه ميلان من شدة الخجل، فغمرت وجهها بيديها كمن يريد الاختفاء، وهمست بتذمر: أيتها.. ياا توقفي عن هذا الكلام!
ضحكت إيليف مجددًا، لكنها، بعد بضع لحظات، رفعت رأسها قليلًا ونظرت إلى السماء الواسعة، وقالت بصوت خافت وكأنها تتحدث مع نفسها: أتمنى أن تبقى هذه اللحظات السعيدة... ألا تكون مجرد لحظات عابرة تنتهي سريعًا؟
شعرت ميلان بلمحة حزن واضحة في صوت إيليف، فمدت يدها وضغطت على يدها برفق، محاولة أن تمنحها شعورًا بالطمأنينة أن كل شئ سيكون على ما يرام.
أنت تقرأ
𝑰 𝑾𝑨𝑵𝑻 𝒀𝑶𝑼 𝑭𝑶𝑹 𝑴𝒀𝑺𝑬𝑳𝑭 𝑶𝑵𝑳𝒀 ❀
Action😊🥰"هو الأسد الملكي الذي يتصدى للتحديات بشجاعة وقوة، بينما هي الفراشة الرقيقة التي تحمل جمالاً بريئاً يعكس سحرها بدون جهد." " هو الجبل الشامخ الذي يثبت صلابته أمام العواصف، بينما هي الزهرة الصغيرة التي تنمو براءة في أعماق الوديان." " هو الصخر الصلب...