50

49 1 0
                                    

مرت حوالي نصف ساعة، والسيارة ما زالت تسير على الطريق الوعر، محاطة بأشجار كثيفة تمتد على جانبي الطريق. كان الجو ملبدًا بالغيوم، ويبدو أن هناك عاصفة قريبة،كان الرجل الذي أخذها في طريقه مشغولًا بهاتفه. كانت يد ميلان مضمدة بشكل محكم

مع مرور الوقت، بدأت ميلان تستعيد وعيها ببطء. كانت تشعر بالدوار، ودوخة خفيفة تدور حول رأسها. نظرت مباشرة إلى الخارج من نافذة السيارة، ولحظت الأشجار الكثيفة التي تتلاشى بسرعة. حاولت أن تستوعب ما يحدث، وكانت تشعر بالارتباك والقلق.
حاولت تحريك نظرها حول السيارة، لكنها لم تتمكن من رؤية السائق، حيث كان مكان جلوسها مغلقًا تمامًا عن مقعد السائق. أمامها كان هناك كرسي فارغ، تحركت نظرها مرة أخرى، وهذه المرة رأت ذلك الرجل ينظر إليها بهدوء. كانت ملامح وجهه غير واضحة بالنسبة لها، لكن تعبيره كان مزيجًا من البرود والاهتمام.
قبل أن تتمكن من قول أي شيء، كان هو أول من يتحدث، قائلاً بصوت هادئ: استيقطتي... جيد. أين هاتفك؟
تجمدت ميلان للحظة، غير قادرة على فهم ما يجري. كان صوته هادئًا ومطمئنًا، ولكن في الوقت نفسه، كان يحمل شيئًا من الغموض.
تحركت ميلان لتجلس جيدًا، وهي تحاول ترتيب أفكارها وتسيطر على مشاعرها المتضاربة. نظرت إلى الرجل بجانبها بغضب، ولم تتمكن من كبح جماح مشاعرها أكثر، فابتدأت بالحديث بصوت مرتفع: هل أنت أحمق؟ هل خطفتني من أجل هاتف فقط؟ كان يمكن أن تطلبه مني! سأقدمه لك. ما كل هذه الدراما الغبية؟ هل تعتقد أنك في فيلم أكشن؟ وما هذا المكان الذي أُحْضِرْتَني إليه؟ أنا لا أحب الغابات!
كانت نظراتها تتنقل بين عينيه، وفي كل مرة كانت تشعر بالضيق أكثر. كما أن مشاعر القلق بدأت تتزايد، فركضت عيناها إلى كل زاوية من زوايا السيارة، محاولةً اكتشاف أي شيء يدل على ما يمكن أن يحدث لها.
ومع حديثها، لمحَت المسدس الذي كان موضوعًا بجانبه. ارتجفت قليلاً، وكادت أن تتراجع عن حديثها، لكن الغضب جعلها مستمرة في الحديث: هيا، بسرعة، أعدني إلى مدرستي!
كان منظرها مضحكًا جدًا، إذ لم تتمكن من إخفاء الخوف الذي يختبئ خلف غضبها، مما جعل ملامح وجهها تعكس تعبيرات متناقضة بين الشجاعة والخوف. وعندما كادت أن يتحدث، قاطعته مرة أخرى، لكن هذه المرة بابتسامة خفيفة: انتظر، أنت تبدو لطيفًا، ولا يبدو أنك قتلت نملة في حياتك... أرجوك، أنزلني، لا تقتلني!
توقفت قليلاً، ونظرت حولها مجددًا، ثم قالت بسرعة: أقصد، أعدني إلى المدرسة، أرجوك! اعتبرني بمثابة ابنتك!
رد عليها ببرود، كأنه يحاول أن يجعلها تفهم شيئًا مهمًا: عمري 27 سنة.
حسنًا، اعتبرني أختك الصغيرة! أجابت بتسرع، وكأنها لم تكن مهتمة بالعمر، بل بكل ما كان يحدث. في الحقيقة، لا يهم... أرجوك، اتركني. أعدني إلى المدرسة..
قاطع هو كلامها بحدّة، ونظر مباشرةً في عينيها،
مما جعلها تشعر بالتوتر يتسلل إلى أعماقها. لما لا تصمتي قليلاً؟ قالها بنبرة حادة، جعلت قلبها ينبض بسرعة. أغلقت فمها بسرعة، وكأن الكلمات التي
كانت تنوي قولها قد انحبست في حلقها. كان يبدو جادًا وهادئًا.
إعادة سؤاله بجديّة كان بمثابة تذكير لميلان بأن الوضع ليس كما يبدو. أين هاتفك؟ سألها مرة أخرى، وأحست بأن هذه اللحظة قد تكون حاسمة بالنسبة لها.
ضحكت بخفة، محاوِلةً أن تُظهر بعض الثقة، لكن التوتر كان واضحًا على ملامحها. هه، في الحقيقة... أمم، أنت لا تعلم... بدأت بتردد، خائفةً أن تخبره بأن الهاتف وقع منها في المدرسة، وقد تكون تلك الكلمات قاتلة. كانت تعلم جيدًا من مظهره أنه خطر، لذا اختارت حذرًا. أختي إيليف... أخذته مني. اليوم كان لدينا اختبار، حسنًا، وأنا لم أراجع دروسي، وأردت أن أغش من هاتفي، لكن قبل أن أدخل الاختبار، أخذته أختي إيليف مني.
تنفست بعمق، واستشعرت أن ابتسامتها كانت تتعارض مع توترها. عيناها تعكسان الخوف، لكنها كانت تحاول الظهور بمظهر غير مبالي. ولكن، يبدو أن كل ما تحاول فعله لم يُقنعه بما يكفي.
صمت لفترة، وكأن الكلمات لم تكن لتخرج منه بسهولة. ثم تحدث مرة أخرى، وبدت كلماته كأنها رصاصة: لما لا تقولين الحقيقة فحسب؟
تجمدت ميلان للحظة، وقد جفت الحلقات في فمها. ماذا؟ أي حقيقة؟ لست أكذب!
تحدث مرة أخرى بهدوء، وكانت كلماته تحلق في الجو كعاصفة هادئة: حسنًا، أعتقد أنني سأُنزلُك
هنا.
كانت في حالة من الصدمة والرعب، وصراخها ارتفع حتى طغى على صوت المحرك. ماذا؟ لا؟ ماذا تقول؟ هل أنت مجنون؟ أتريد أن تأكلني حيوانات أم ماذا؟ كانت كلماتها تتدفق بلا توقف، وكأنها تحاول أن تصرخ مخاوفها إلى العالم الخارجي. حسنًا، خذني معك إلى أي مكان فقط لا تتركني هنا وحدي!
كانت تتخيل أسوأ السيناريوهات التي يمكن أن تحدث لها.
لكن الرجل، على الرغم من ردود أفعالها، لم يجبها. وهذا جعل ميلان تشعر بمزيج من الغضب واليأس. حسنًا، عندما حاول رجالُك اللعينون خطفي، اعتقد أن الهاتف وقع مني هناك... لا، لا، أنا متأكدة أنه وقع، لقد رأيته. أنهت كلامها بابتسامة توتر خفيفة
وفجأة، دوى صوت الرجل الخشن في السيارة وهو يصيح: توقف!
توقفت السيارة فجأة، مما جعل ميلان ترتعب. كانت شديدة الخوف من التصرفات الغامضة التي يقوم بها هذا الرجل. ماذا تفعل؟ أتريد قتلي هنا ورميي؟ صاحت بتوتر، مما جعل قلبها ينبض بسرعة أكبر.
فتح أحد الحراس باب السيارة، ونظر إلى الأرض بحترام وخوف. كان الرجل ينظر إلى ميلان ببرود وقال: إنزلي.
ميلان، وقد غمرتها المشاعر المتناقضة، ردت بخوف: لااا! تمزح، صحيح؟ لقد أخبرتك أن الهاتف وقع مني... وأيضًا، هل خطفتني لتنزلني في الطريق؟ هل هذا يسمى خطف أصلاً؟
لكن صوته ارتفع قليلاً وهو يقول بصرامة: توقفي عن الكلام ونزلي. كان الأمر واضحًا الآن؛ لم يكن أمامها خيارات كثيرة. هزت رأسها بخوف، ونزلت من السيارة بتردد.
عندما وضعت قدمها على الأرض، نظرت حولها بتوتر، حيث كانت الأشجار الكثيفة تحيط بها. كانت تشعر وكأنها ضائعة في مكان مظلم وموحش، بعيدة عن كل ما تعرفه.
أخرج الرجل شيئًا من جيبه ومدّه نحوها. استقبلته بيد مرتعشة، وعندما نظرته، شعرت بالخوف. ما هذا؟ هل هي قنبلة؟ تساءلت بقلق، وكان الحارس على وشك الضحك عليها، لكن الرجل قاطعه بحدة: افتحيه، سوف تجدين به هاتف. فور أن أغادر من هنا، اتصلي بأحد أفراد عائلتك وطلبي منهم أن يأتوا لأخذك.
ميلان، وهي تحاول فهم ما يحدث، قاطعته بتسرع: أنا لا أفهم سبب خطفك! أولًا، تسألني عن هاتفي، ثانيًا، تنزلني هنا، ثالثًا، تطلب مني الاتصال بأحد أفراد عائلتي وأخبرهم أن يأتوا لمساعدتي، والأهم من ذلك، ستتركني هنا وتغادر؟ كانت عيناها تعكسان الحيرة والغضب في آن واحد.
تجاهلها الرجل تمامًا، وأمر الحارس بغلق الباب.
اغلقه! قال بصرامة، بينما ميلان صرخت بخوف: ياا، توقف! ياا، أنا أتحدث.... لكن لا أحد كان يستمع
لها.
انطلقت السيارة مرة أخرى بسرعة، تاركة إياها وحيدة في مكان مجهول. شعرت بأن قلبها على وشك الانفجار، وكانت تفكر في كيفية التصرف.

𝑰 𝑾𝑨𝑵𝑻 𝒀𝑶𝑼 𝑭𝑶𝑹 𝑴𝒀𝑺𝑬𝑳𝑭 𝑶𝑵𝑳𝒀 ❀حيث تعيش القصص. اكتشف الآن