الفصل ١٨

241 29 60
                                    

بعد مرور خمسة أيام

توفيت سوزان تاركة معها نيران مشتعلة داخل قلوب أحبابها.
والدها المسكين، رامز، لم يتمكن من اخفاء دموعه وحرقته. فهو خسر ابنه جهاد أولا، والآن ابنته سوزان.
أما رندة المسكينة، فقد أصيبت بفالج بعد مرور يومين من وفاة سوزان، وهي الآن في المنزل، على فراشها، بعد ان عادت من المستشفى. فهي غير قادرة على التحرك أو التكلم. فقط تتساقط دموعها...
جنان، رغم همها الكبير، فهي تعامل والدتها وتراعي مشاعر والدها، كما تهتم بابنة أخيها جهاد، زهرة، التي فقدت الأمل بالحياة من جديد. سوزان كانت والدتها التي ربتها واعتنت بها.

"قل لي يا دكتور، هل ستتحسن؟" قالت جنان للطبيب بعد أن عاين رندة في المنزل.
"حتى الآن، ما زالت على وضعها، لكن كما سبقت وقلت أنه يوجد أمل كبير للشفاء والعودة كما كانت." قال الطبيب.
"وماذا عن مرض السكري؟" قالت سوزان.
"معدل السكر مرتفع جدا، هذا بسبب الحزن والمخزون السكر مرتفع أيضا لذا يجب متابعة الدواء بشكل منتظم." قال الطبيب.
"شكرا لك دكتور آدم." قالت جنان.
"لا شكر على واجب والله يصبركم." قال الطبيب آدم ورحل.

بعد ذلك، دخلت جنان غرفة والدتها وجلست جنبها على السرير
"أمي أرجوكي قف، انا بحاجة اليك، كلنا بحاجة اليك." قالت جنان ومسكت يدها وقبلتها.
لم تتمكن الأم رندة من الاستجابة سوى بالدموع التي تحترق ألما.

في هذا الوقت، سمعت جنان أصوات بكاء وصراخ في الطابق السفلي من المنزل،
خرجت من الغرفة مسرعة حيث نزلت على الدرج ورأت عمتها صفية وابنتها فاتن قد وصلا من السفر.
"يا حبيبة قلبي يا سوزان، يا نور عيوني رحلت مبكرا يا سوزان..." كانت صفية تعدد صفات سوزان الحميدة، وترثيها بالدموع. حيث أحست فاتن بشيء يخنقها ما ان دخلت المنزل.

"يا اختي... أرأيت ما حل بنا!" وقف رامز وعانق صفية وتشاركا الدموع والآهات.
"الله يرحمها يا خالي، يا حبيبة قلبي يا سوزان..." قالت فاتن وعانقت رامز بشدة.
وصلت جنان الى الصالون وركضت وعانقت عمتها حيث امتلأت جدران الصالون بصوت البكاء.

"أين هي رندة وزهرة؟" قالت صفية.
"يا اختي، يا اختي رندة أصيبت بالسكري والفالج وهي في غرفتها..." قال رامز.
نهضت صفية وفاتن مع جنان وصعدن على الدرج متوجهن الى غرفتها.
وما ان فتحت جنان الباب حتى ركضت صفية نحو رندة وهي تبكي.
"ماذا أقول لك؟ ماذا أقول... آآآه..." قالت صفية.

الساعة السابعة مساء

"يا جنان كم انا مشتاقة اليكم، كم اتمنى لو يعود الزمن الى الوراء." قالت فاتن.
"يا فاتن انا وحيدة هنا، اريد احدا اشكو له همي. همي ثقيل! حملت كل هذا الهموم، هم أختي الصبية التي ماتت بعز صباها، وهم اختي الثانية، توأمي التي لا اعرف عنها شيء سوى انها مغنية تدور من بلد الى آخر، هم زهرة، هم الأفاعي اللتان تزوجتا من زياد وعماد، هم امي المريضة، هم ابي..." قالت جنان وهي توضب الفواكه في المطبخ.
"اهدأي انا هنا..." قالت فاتن.
"كم ستبقين هنا؟" قالت جنان.
"خمسة أيام، لا استطيع ان ابعد عن سامر اكثر ما زال صغيرا، ولكن امي ستبقى هنا." قالت فاتن.
سامر ابن فاتن الذي يبلغ سنتين من العمر. ففاتن تزوجت من رجل اعمال.

طرق الباب، نظرت جنان من نافذة المطبخ المطلة على الخارج حيث رأت زياد وسهام ومحمد.
"انه زياد وسهام قد أتوا." قالت جنان وذهبت لتفتح الباب.
في هذا الوقت، توجهت فاتن الى الصالون حيث كان رامز وصفية جالسان.

دخل زياد وتبعته سهام حاملة محمد على يدها، حيث تفاجآ بوجود صفية وفاتن.
"عمتي، اهلا وسهلا بك في منزلك." قال زياد واقترب نحوها وعانقها حيث بدأ يبكي على كتفها عندما سمعها تذكر سوزان.
ثم مسح دموعه وألقى السلام على فاتن.

الوقت كفيل بتغيير المشاعر والأحاسيس.
ولكن هل ينسى المرء الاهانة والخيانة والماضي الذي عاشه من فرح وكره؟؟!!
بالطبع لا!
فهذه المشاعر تبقى محفورة ولا تطيب مع مرور الوقت!

"العوض بسلامتك زياد، الله يرحمها." قالت فاتن وبكت.
"الله يسلمك." قال زياد وجلس بعيدا عنها.

"العوض بسلامتك عمتي صفية." قالت سهام حيث تقدمت وقبلت صفية.
"الله يسلمك." أجابت صفية.
ثم تقدمت سهام وألقت السلام على فاتن بدون ان تتكلم وذهبت وجلست جنب زياد.

"كيف هي امي الآن؟" قال زياد.
"على حالها." أجابت جنان.
وقف زياد وصعد الدرج ليطمأن عليها.

في هذا الوقت، نزل محمد عن حضن والدتها وتوجه نحو فاتن.
مسكت فاتن يده وابتسمت له حيث نهضت سهام بكل قوتها وتوجهت نحو محمد وحملته.
"لا اريد ان ازعجك." قالت سهام لفاتن.
لم تتفوه فاتن بحرف، بل التزمت الصمت والغصة بقت في قلبها.
ربما جروحها عادت تنزف من جديد...

في هذا الوقت، كان عماد وملك في عاليه في منزل فاديا.
"ملك هيا لنذهب نزور بيت اهلي، اليوم لم نزرهم." قال عماد.
"عماد، غدا عند الصباح نذهب، فانا متعبة الآن والسير على الطريق يتعبني اكثر." قالت ملك.
"ابقوا هنا الليلة والصباح رباح." قالت فاديا.
اقتنع عماد منهما وتمدد على الكنبة.

كانت زهرة جالسة في الحديقة خارج المنزل تبكي.
كانت تسترجع ذكريات عمتها سوزان وحنانها، حيث ادركت انها فقدت أمها للمرة الثانية.
~لما انا يا الله، ولدت ولم ارى امي رابي، والان عمتي سوزان فقدتها ايضا~

كان هناك سيارة سوداء واقفة بالقرب من المنزل وتطل على الحديقة، حيث فتح شخص نافذة السيارة
"ها هي؟!" قال شخص.
"نعم، ها هي!" أجاب الآخر.

_________________________________________

مرحبا
ما رأيكم في هذا الفصل؟
ومن تتوقعون يراقب زهرة؟!
لا تنسوا ان تدعموني!
احبكم

كَبرنا ولكن...حيث تعيش القصص. اكتشف الآن