عام ١٩٧٥
"هيا يا أميراتي، استيقظوا الفطور جاهز." قالت رندة أمين زوجة رامز أمين.
"أمي أرجوكي أتركينا خمسة دقائق." قالت جنان وهي تغطي رأسها.
"أنا لم أقل لكم أن لا تسهروا لساعات متأخرة... هيا انهضوا." قالت رندة وخرجت من الغرفة.
"أوف أوف، لا تدعون أحد ينام." تهضت جيهان من فراشها وأيقظت أختها التوأم جنان وابنة عمتها فاتن.
فاتن تحب النوم كثيرا، ولا تنهض بسهولة لذا قفزت جيهان عليها.
"توني هيا انهضي... جيجي هيا هيا."جنان وجيهان توأمتان وهما آخر العنقود، بمعنى آخر هما آخر أبناء رامز ورندة. ولدا عام ١٩٦٥.
رغم أنهما توأمتان الا أنهما يختلفان من حيث الشكل، فجنان تمتلك شعرا ذهبيا مالسا وقامتها أطول من جيهان. كما أن جنان تحب العلم والمدرسة عكس أختها جيهان. أما بالنسبة لجيهان، شعرها مكسر وأغمق من لون شعر جنان. لكنهما يمتلكان نفس لون العينين وهي خضراء... انهما جميلتان جدا.
فاتن هي ابنة عمتهما صفية. توفي والدها وهي ما زالت رضيعة، فتوكل رامز أن يعتني بها. حيث نشأت وترعرعت في منزل رامز وأصبحت ولدا من أولاده. فهي تكبر جنان وجيهان بشهرين فقط."ألم يستيقظن بعد؟" سأل رامز زوجته رندة عندما دخلت الصالة.
كان رامز يرتدي بدلة سوداء، جالسا حول طاولة المائدة. فرامز أمين مدير مدرسة رأس المتن الرسمية.
انه طويل القامة وجسمه ممتلئ. حنون وقلبه أبيض. علم أولاده الستة وابنة اخته على المبادئ والقيم الحميدة. كما انه مربي أجيال في المدرسة. سمعته ممتازة في المنطقة ومعروف بكرمه وحسن أخلاقه."بلا أظن ذلك، لكنك تعرفهن أكثر مني." قالت رندة وضحكت. ثم جلست مكانها حول الطاولة.
"كيف أصبحت رندة." قالت صفية، أخت رامز.
"الحمدلله أحسن، هذا بفضلك." قالت رندة.
"أنتم من لكم فضل علي وعلى ابنتي." أجابت صفية.
"أختي... لا يوجد فضل بين الأخوة." أجابها رامز.كان جالس أيضا حول الطاولة: جهاد، زياد، وعماد...
جهاد هو الابن البكر، ولد عام ١٩٥٤طويل القامة وشعره أسود كالليل. يشبه والده كثيرا.
زياد ولد عام ١٩٦٠، وهو المولود الثالث بعد سوزان. فهو غريب الأطوار وأشقر ذو عينين عسليتين مثل والدته رندة.
عماد يصغر زياد بعام واحد. وهو أطول من زياد وهذا ما يزعج زياد. فهما دائما على خلاف."أبي أريد ان أخبرك شيء." قال عماد.
"ماذا؟" أجابه رامز.
"أيمكنك ان تشتري لي دراجة؟"
"لا الان ا ينا مدرسة وانت لن تركز في دروسك." قال زياد.
"انا لست اكلمك." أجابه عماد.
"انتما لن تتعلما؟!" قال رامز.
اعتذر كل من عماد وزياد."أين سوزان؟" سأل رامز.
تلبكت رندة ولم تعرف ما تقول.
"هي في غرفتها، قلقت في الليل كثيرا لذا ما زالت نائمة." أجابت صفية حيث نظرت الى رندة.سوزان هي المولودة الثانية، أصغر من جهاد بسنة واحدة.
هي حنونة ومحبة جدا. تهتم باخواتها. لم تكمل دراستها لأن مرضت وهي صغيرة بالحمة القوية مما أثر عليها. فهي لا تستطيع أن تحفظ دروسها كما انها لا تمتلك القدرة على التركيز."صباح الخير." قالت جنان ثم جيهان وفاتن.
دخلوا الصالة مرتديين ثيابهم المدرسية: قميص بيضاء وتنورة سوداء.
قبلوا الجميع وجلسوا مكانهم."قلت لك انهم نسوا عيد ميلادنا." اقتربت جيهان من جنان وهمست في اذنها.
"ما بكم؟" سألتهما رندة.
هزت جنان رأسها بمعنى لا شيء.
ثم ابتسمت رندة وغمزت صفية.عندما أنهوا الفطور، ذهب الصبيان عماد وزياد ليرتديا ثيابهما المدرسية.
وصفية تسرح شعر جنان وتربطه بشريطة بيضاء.
"انت أشطر من امي، امي تؤلمني كثيرا حين تسرح شعري." قالت جنان.
ضحكت رندة، فكانت تسرح شعر جيهان وفاتن بنفس التسريحة.
فجنان، جيهان، وفاتن دائما يظهران بنفس المنظر."هيا يا اولاد." قال رامز خارجا من المنزل.
"موفقين." قالت رندة.
خرج عماد، زياد، والبنات.
فهم يذهبون الى المدرسة مع والدهم المدير، رامز.بعدها خرج جهاد من الحمام.
"امي انا ذاهب، لدي تمرين مع رفاقي." قال جهاد.
"حسنا حبيبي لكن لا تنس ان اليوم عيد ميلاد جيجي وجوجو عند الرابعة." قالت رندة.
"سأكون هنا قبل ذلك." أجابها وخرج."رندة انت رائعة، اهتميت بجهاد وربيتيه مثل باقي ابنائك." قالت صفية.
"انه ابني، انا ربيته واعتنيت به. والحمدلله انني لم احرمه من حنان الام." أجابتها رندة.
"نعم، لكن اتذكرين في البداية كيف جن جنونك." قالت صفية.
"نعم... آآه... انه الماضي... سأصعد وأرى سوزان... ستجننني." قالت رندة.
"اهدأي... كل شيء له حل بالرواق والتأني." قالت صفية._______________________________________________
ما رايكم في الفصل الاول
ما هي توقعاتكم؟؟
أنت تقرأ
كَبرنا ولكن...
Nonfiksiعائلة ثرية معروفة في لبنان تربت على القيم والمبادئ الأصيلة. أبٌ محافظٌ ربّى أولاده على القيم الذي تعلمها وأم حنونة زرعت المحبة في قلب أبنائها الستة. عاشوا مع بعضهم حياة ملئتها السعادة والفرح. لكن رياح وغدر الزمن لم تتركهم. فكبر الأولاد وصعقت الرياح...