الفصل ٤٦

179 18 36
                                    

مرت الأيام وتأرجحت في كفوف الأحزان. فاهتز عرش الحياة بعيمة الموت التي تسمرت فوق المنزل؛ هذا المنزل الذي عانى الأمرين.
لكن هذه المرة طالت الغيمة الوالدة. وهكذا مات سيد وسيدة المنزل، مات الجذع الأساسي للشجرة، لذا ستتفرد وتسقط الأغصان والأوراق واحدة تلو الأخرى.
وبعد وفاة رندة بحوالي خمس سنوات، حصلت حادثة في منزل عماد. حيث انها اصيبت يارا، ابنته الصغرى، بحادث في كلوتها اليمنى. وكان من الضروري لأحد أن يتبرع لها بكلوة كي تبقى على قيد الحياة وكي تبقى سليمة وتتعافى. ومن سيضحي هذه التضحية سوى والدها وسند ظهرها، عماد.

"يجب أن نؤمن لها كلوة بأسرع وقت، كلما طال الوقت كلما اصبح وضعها تعييسا. لذا اتفقوا بين بعضكم." قال الطبيب المعاين ليارا.
"أنا، أنا سأتبرع لها بكلوة، فهي حياتي كلها، وأنا والدها سأتبرع..." قال عماد بخوف؛ حيث ان القلق والخوف على ابنته كان ظاهرا على وجهه الأصفر.

هنا، تقشعر بدن ملك وارتجف من الخوف، نظرت في عيني والدتها فاديا التي كانت تبادلها النظرات القلقة.
انتبه لهما، جيهان. حيث نظرت نحو جنان وأشارت لها.

"لا، لا يا حبيبي، فأنت رجل في طلبعة شبابك، أنا سأتبرع لها." قالت فاديا.
"نعم، هذا صحيح يا حبيبي..." قالت ملك.
"لا انا أولى بذلك..." أجابها عماد.
"دعنا نجرب، ان تطابقت كل المواصفات معي ومعها، فأنا من يجب عليه ان يتبرع." قالت فاديا.

"انا متأكدة من أنه بوجد امر غريب، ألم ترين ملك وفاديا كيف كانتا تنظران؟" قالت جيهان.
"بلا، رأيتهما... ولكن ما السبب؟" أجابتها جنان وهما تتهامساان.
"لا أعلم." أجابتها جنان.

بعد موافقة عماد، كانت ملك وفاديا في مختبر المستشفى تنتظران الطبيب كي يقوم بفحص فاديا.
"شكرا لك يا أمي، لقد سترتيني.." قالت ملك بخوف.
"شكرا لي؟؟!! وماذا ان ام تتطابق كل الأمور؟ ماذا ستفعلين؟؟" قالت فاديا بغضب.
"ادع يا أمي، عندها أنا سأتبرع وليس أحد آخر." قالت ملك.
"ولما لا تخبري فاروق بالحقيقة؟" سألتها فاديا بصوت منخفض.
"لا مستحيل، أتريدينه أن يأخذها مني ان علم بأنها ابنته. سننفضح يا أمي. فاروق لن يسكت ويترك ابنته يربيها رجل غريب عنها." أجابتها ملك.
"حسنا، حسنا. ها قد أتى الطبيب." قالت فاديا مع دخول الطبيب.

وبعد ما جرت كل الفحوصات اللازمة، كانت النتيجة مرضية وايجابية. وأصبحت فاديا الشخص الذي سيتبرع بكلوته ليارا.
وهذا ما حصل، حيث تعينت العملية بعد يومين، وتمت وانتهت بنجاح وسلامة للطرفين.

كانت سهام تعزل المنزل بمساعدة احدى الخادمات من مكتب للخدم الأجانب. فيما كانت هذه الخادمة تنظف غرفة نوم زياد وسهام، كانت سهام ترتب الملابس. حيث كانت تخرج جميع الملابس من الخزانة وتقوم بغيلها ثم نوضيبها. وبينما كانت تسحب ملابس زياد، وقع على الأرض عدة أوراق. فأخذتها وجلست على كرسي في الغرفة كي تنظر فيها.
حيث اكتشفت وصول كهرباء ومياه لمنزل باسم زياد في منطقة بعيدة عنهم. فأصيبت بالدهشة والاستغراب حيث اكتشفت بأن رياد يمتلك منزلا يخفيه عنها.
فقررت أن تراقب زياد وتكشف كل أسراره، حيث تغير زياد معها كليا ولم يعد ينام في المنزل كثيرا.
فشكوك سهام دعتها لتلحق به في احدى الليالي، حيث قادها الى منطقة حمانا، التي تبعد عن رأس المتن بضعة كيلومترات.
فلحقت به، ووجدته يدخل بناية، سارت خلفه وصعدت على درج البناية نحو الطابق الثاني خلفه. فدخل زياد شقة حيث فتحها بمفاتيحه.

عادت سهام الى المنزل غاضبة. تأكدت من خيانة زوجها له. لكنها هدأت نفسها متوعدة بالانتقام...

في تلك الليلة، عاد زياد الى المنزل في تمام الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، فكانت سهام صاحية لكنها متمددة على السرير جاعلة نفسها نائمة.
بدل زياد ملابسه ونام جنبها.
وفي صباح اليوم الثاني، غادر زياد الى عمله في المحلات، وكان محمد نائما عند رفيقه.
ارتدت سهام ملابسها وخرجت من المنزل، صعدت سيارة أجرة وتوجهت الى نفس المكان الذي توجه اليه زياد الليلة الماضية.
صعدت نحو الطابق الثاني، ووقفت أمام باب الشقة التي دخلها زياد.
كانت مترددة، وخائفة. لم تكن تريد أن تكتشف الحقيقة المرة.
لكنها استعادت قوتها وطرقت باب المنزل. لحظات مرت حتى فتح لها الباب صبي أشقر طويل، ذات عينين زرقاوتين.

"عفوا... من أنت؟" قالت سهام.
"أنا ليو." أجابها بكلمات عربية مكسرة. فهذا الولد ليس من لبنان، ربما كان خارجا وعاد الى لبنان منذ جديد....
"من هذا؟" تقدمت كارولين خلف ليو حيث صدمت بوجود سهام واقفة على مدخل الشقة...

نعم، كاروليين ....

____________________________
مرحبا 😍😍
كيف أنتم؟
أصبحت في نهاية الرواية، بقي حوالي الثلاثة أو أربع فصول وأنتهي...
❤️❤️

كَبرنا ولكن...حيث تعيش القصص. اكتشف الآن