الفصل ٣٢

194 23 46
                                    


الساعة الواحدة بعد منتصف الليل

كانت سهام جالسة في الصالون تنتظر قدوم زوجها. كانت عينيها مسمرتان على السعاة، وقدماها تهتز من الغضب.
لم يقل لها زياد أين هو، ومع من، وأي ساعة سيعود.
لذا قررت ان تبقى تنتظره، ولكن النوم خطفها وأغرقها في أحضانه. حيث نامت سهام على كنبة الصالون.

ومع شروق الشمس ميشرة بنهار جديد، فاقت سهام من نومها، نظرت نحو الساعة، انها السابعة صباحا.
نهضت بسرعة متوجهة الى غرفة النوم، لم تجد زياد. فعلمت انه لم يعد الى المنزل ليلة أمس مما أثار غضبها مجددا.
فتوجهت الى غرفة ابنها محمد، حيث رأته غارقا في نومه.
تركته وعادت الى الصالون ترتبه.

في هذا الوقت، استيقظ زياد من نومه فور سماعه المنبه.
كان نائما جنب صبية.
"أنت ذاهب حبيبي؟" سألته بصوت رقيق وعيناها كانت شبه مغلقة.
"نعم، اراك لاحقا." أجابها وانحنى نحوها وقبلها.
عادت هذه الصبية الى نومها، فيما نهض زياد وارتدى ملابسه بسرعة وخرج من المنزل.

عاد زياد الى منزله مسرعا.
كانت سهام في هذه الأثناء تشرب قهوة.
"وأخيرا عدت!" قالت سهام بغضب.
"انا مستعجل، تأخرت على البنك." قال زياد وتوجه الى الغرفة حيث أخذ منشفة وتوجه ليستحم.
قاطعت سهام طريقه قائلة: " تتركني انا وابنك طيلة الليل وانت تتلذذ في حياتك مع فلان وفلانة ثم تعود عند الصباح وتذهب؟؟"
"قلت لك انني تأخرت أولا، أما ثانيا التزمي بحدودك وتعاطي بالأمور التي تعنيك." أجابها زياد وتابع سيره متوجها الى الحمام.
"هل تظنني خادمة عندك وعند أهلك؟؟ انا زوجتك ان نسيت!" قالت سهام لكن وضع زياد اصبعه على فمها وقال،
"ششششش، زوجتي على الورق." ثم دخل الحمام.

في هذه الأثناء، كان محمد قد استيقظ وشاهد ماذا حدث.
التفتت سهام خلفها بعصبية، فتوقفت عندما وجدت محمد.
"أمي، ما الأمر." قال محمد.
"أرأيت والدك، فهو لا يحبنا. جدتك رندة تطلب منه هكذا." قالت سهام وكأنها مظلومة.
"انا احبك امي." قال محمد وعانقها.

فما ذنب الأطفال؟
فالأولاد تدفع الثمن القاسي.

سهام تحاول ان تزوع الكره بقلب محمد تجاه والده وعائلته مستخدمة هذا الأسلوب.
ومحمد يتجاوب معها، فبالطبع انه ما زال طفل!

فالأولاد يفقدون برائتهم بسبب ما يسمعونه!

كانت جنان تحضر القهوة للعائلة، فكانت جميلة عندهم.
طرق الباب. فتوجهت جنان وفتحت الباب.
"صباح الخير." قال بشير.
"بشير... أهلا تفضل." أجابت جنان.

دخل بشير وتأهلت به رندة، لكن بغصة.
غصة على المرحومة سوزان التي غادرت الحياة وهي في منتصف الربيع!
تناول القهوة معهم في الصالون، حيث كان رامز جالس معهم.
فرح رامز بقدوم بشير، لكن عيناه غردت ذكريات تعود ادراجها للماضي.

"في الحقيقة، جئت كي أودعكم. فأنا سأسافر عند ابني واستقر هناك." قال بشير.
"بالسلامة انشاء الله يا ابني، توصل بالسلامة." قالت رندة.
"انا جدا سررت بالتعرف عليكم، فانتم عائلتي وأهلي، يا ليت سوزان بقيت معنا، فهي كانت القلب والروح والنبض، لكن هذه هي مشيئة الله..."قال بشير ودمعت عيناه.
"يا ليتها كانت جنبنا، الله يرحمها." قالت جنان.
"اشكركم، فانتم ستبقون ذكرى جميلة في حياتي، وسنبقى على تواصل انشاء الله." قال بشير ونهض متوجها نحو رامز وقال:
"ادع لي يا عمي، الله يشفيك يا عمي، وداعا." قبل بشير يد رامز.
ثم ودع الجميع بالدموع...

في تمام الساعة الثانية عشر ظهرا.

أتى عماد الى منزل والده حيث لم يكن احد سوى رندة وجنان.
"لما لم تأتي مع الاولاد؟ يفرح بهما أبي." قالت جنان.
فأجابها عماد: "غير مرة."
"كيف احوالك يا ابني، اشتقنا لك، الك أربعة أيام لم تزورنا." قالت رندة.
"لقد تركت العمل، انا عاطل عن العمل ومستلزمات الحياة كثيرة يا امي، انظري الى حالتي أخي مدير بنك وانا ابحث عن عمل." قال عماد.
قاطعته رندة قائلة، :انت كنت مدير مدرسة لكنك بعت الرخصة واستقلت وهذا لان ملك ووالدتها فاديا اقنعاك بهذا وبالسفر خارجا، ولم تنجح هجرتك."
"هذا من الماضي، انا اريد ان افتح مصلحة اقدر ان اعيش اولادي منها." قال عماد.
"نعم، قلت لك اكثر من مرة ان تجمع المال وان اردت انا اعطيك يا ابني. كم تريد؟" سألته رندة.
"لا يا امي، لما لا نتسلم الورثة وكل شجص حر التصرف فيها." قال عماد.
"هل جننت؟ تريد ان ترث والدك وهو مازال قلبه وفكره ينبض؟ الا تخجل؟" قالت جنان بغضب.
"انت اهتمي بعملك واتركيني انا وامي نتكلم." قال عماد.
"يا الله انظر الى حالتنا... ألا تستحي انت واخوك. رامز ما زال يتنفس، ما زالت عيونه منيرة... حسبي الله ونعم الوكيل." قالت رندة.

كان رامز في غرفته يستمع الى صراخ عماد والحديث بينهم.
احترق قلبه، اراد ان ينطق، فلم يقدر. أراد أن يمشي ويحرك يديه، فلم تعنه.
فبدأ يهز رأسه ويبكي ألما وحسرة على عائلته.

فانه يراها تسقط. انه يرى ابنائه أسودا يركضون خلف الفريسة نفسها.
كل الذي بناه سينهدم بسبب الطمع والأنانية والحقد.
ويا ليته قادر ان يفعل شيء.

_______________________________________________

مرحبا
ما رأيكم في هذا الفصل وفي الرواية ككل؟
بقي هناك فصول قليلة حتى انهي الجزء الأول منها!
شكرا على دعمكم!

كَبرنا ولكن...حيث تعيش القصص. اكتشف الآن