الفصل السادس والعشرونمر أسبوع وعمته رفيقة وحدتي الوحيدة لازالت عند شقيقها لترى
ابنتها ولازال حالي معه كما هوا متغيب أغلب النهار وفي وجوده
لا شيء سوا الجمود والصمت وإن اضطرته الضرورة للتحدث تحدث
بنبرة جافة باردة ولا أعرفه شخصا مختلفا إلا في الليل وكأنه ليس هوا
ففي بعض الليالي أراه رجلا عطوفا متعطشا لشيء فقده من سنوات
طويلة وبعضها يأتي منهكا لينام من فوره من أول ما يسقط جسده على
السرير ويغمض عينيه ولم أسمع ولا شيء من كلام زوجته عن تحدثه
في نومه ومناداته لؤلئك الأشخاص فهل كانت تكذب عليا في كل ذلك ؟؟
وبالنسبة لها فقد أحضرها هنا منتصف ذاك اليوم وأصبحت قابعة في
الغرفة التي في الأسفل وهي غرفة ابنة عمته سابقا ولا تخرج ولست
أعلم رضا منها أم أنه هوا من يسجنها لأني لم أعد أسمع طرقها للباب
وصراخها العالي والأمر الآخر الذي لفت انتباهي هوا همس الخادمات
عن أنها أصبحت تأخذ الطعام وتأكل دون أن ترميهم بشيء منه أو تطرد
من أحضرته بعدما تضعه بل وحتى ضربه لها لم أعد أسمعه وكأنها
عادت من المستشفى شخص آخر بل وتراجعت عن أقوالها وعن اتهامها
لي , وقفت أمام باب مكتبه ونظرت لكوب الشاي الذي أحضنه بين يداي
والبخار يتصاعد منه ثم تنهدت بأسى , لما يطلب مني أنا جلبه وينزلني
من الأعلى ولديه بدل الخادمة ثلاثة ؟ لو لم يكن معي قبل قليل لقلت أنه
يشتاق لي ! ابتسمت بسخف على أفكاري ومددت يدي للباب وأمسكت
مقبضه وكنت سأفتحه لولا أوقفني صوته الغاضب ويبدوا يتحدث في
الهاتف قائلا " ومن أين جئتُ صعلوكا وفاشلا وعاقا أليس منه
أخبريه أني أسمع ما يقول ولا أعترف به أباً كما لا يعترف بي
ابناً وما يريده لن أفعله "
فتراجعت حينها مبتعدة حتى اختفى الصوت عن مسامعي أو لم أعد
أفهمه إلى أن توقف سيل صراخه الهادر فاقتربت من الباب مجددا
طرقته ودخلت فكان ممسكا لرأسه بيده تتخلل أصابعه في شعره الأسود
القصير ورفعه ما أن شعر بدخولي وكان الاستياء لازال باديا على
ملامحه فاقتربت ونظري على يداي حتى وضعته له أمامه وكنت
سأغادر فأوقفني صوته قائلا " لا تخرجي اجلسي "
أنت تقرأ
حصون من جليد
Actionغرفة ذات جدران قاتمة اللون رغم طلائها الفاتح ومكتبة برفوف ضخمة خشبية مدعمة بالحديد كي لا تتآكل مع مرور الزمن ورجل يليق بهذا المكان بمعطفه الخريفي الرمادي رغم أننا في فصل الصيف وطاولة واحدة أمامها كرسيان فقط ليس لضيق المكان لكن لأنه لا يدخله أكثر من ...