الفصل الخامس والخمسونوقفتْ من فورها والتفت وقالت بهدوء " تفضل بما أخدمك ؟ "
نظرتُ للذي مر بجوارنا وتركته حتى ابتعد ثم نظرت لها وقلت " أريدك
في أمر شخصي بعيدا عن الأنظار ولن آخذ من وقتك كثيرا "
نظرتْ لي باستغراب فقلت مبتسما " لا تتسرعي بالحكم علي أو
تفهمي كلامي بشكل خاطئ "
فاجأتني بضحكتها الرقيقة المنخفضة وقالت " لو كانت غيري لفرحت
ضنا منها أنه عرض زواج "
نظرت لها بصدمة بادئ الأمر ثم ضحكت وقلت " لا أنتي متأكد من
أنك لن تفهميها هكذا "
نظرت لي باستغراب وكانت ستسأل عن شيء ومؤكد ( هل تعرفني سابقا )
لكن قاطعها الذي مر بنا قائلا ويديه في جيوب معطفه " الدكتور عوني
يطلبك بعد نصف ساعة آنسة سدين "
وتابع طريقه فتمتمت بعبوس " يا يوم التوبيخ هذا "
ابتسمت مركزا على ملامحها ووضعت يداي في جيوبي وقلت " هناك
معلومة تقول أن أكثر الناس اجتذابا للمشاكل لأنفسهم هم أعقلهم في هذا
الزمن المعكوس في كل شيء "
نظرت لي وقالت بتوجس " ما سر كل هذا المديح ؟ ماذا تريد مني ؟ "
ابتسمت ابتسامة صغيرة فهذه الفتاة يبدوا أنها لم تعد تثق بأن ثمة من ينظر
لها بعيدا عن ظاهرها , قلت بذات ابتسامتي " لا تتسرعي في الحكم علي "
أبعدت نظرها وعيناها الواسعة عن وجهي في حركة تذيب الحجر فكيف برجل
وقالت ببرود " أعتقد من حقي أن أتسرع , ولا تكون تقصد بالحديث بعيدا عن
الأنظار أن نخرج من هنا معا لأني لست من النوع الذي يصوره لك عقلك "
قلت من فوري " أخبرتك أني لا أراك كما يصور لك أنتي عقلك "
فتحت باب الغرفة بجانبها وقالت داخلة لها " أتمنى أن أصدقك "
فدخلت خلفها وهززت رأسي مبتسما فهذه الفتاة حقا فقدت الثقة في الناس رغم
أنها لم تفقد ثقتها في نفسها , كانت الغرفة بطاولة من الخشب وكرسيين عدا
الكرسي الجلدي خلفها وتبدوا مكتبا صغيرا , قالت ما أن وصلت عند الطاولة
" طبعا لن نغلق الباب واهمس همسا أو اكتب لي في ورقة لا دخل لي "
حركت الكرسي بضحكة صغيرة وجلست عليه وقلت " كما تشائين
أنت تقرأ
حصون من جليد
Actionغرفة ذات جدران قاتمة اللون رغم طلائها الفاتح ومكتبة برفوف ضخمة خشبية مدعمة بالحديد كي لا تتآكل مع مرور الزمن ورجل يليق بهذا المكان بمعطفه الخريفي الرمادي رغم أننا في فصل الصيف وطاولة واحدة أمامها كرسيان فقط ليس لضيق المكان لكن لأنه لا يدخله أكثر من ...