part 22

3.5K 257 200
                                    




تيقنت .. أن كل ما كان في عقلي لسنين
كان هراءً !  .. لم يكن سوى وهم .. ضباباً يخفي الحقيقة دوماً  ... تاركاً سراب الأمل أمامي
تعبت من تلطيخ يداي في الطين دوماً .. ظناً أنه كان و لازال هناك غارقاً ! تألمت في كل لحظة و يداي تخدش عبثاً للوصول إليه ! تركت نفسي على تلك البقعة كما تركت دموعي آثارها على وجنتاي ..

لازلت أتذكر مقتطفات لا أكثر عن أناس لم أعد أعرف هويتهم .. وجوه فارغة .. إمرأة .. مسن و طفلان ..
بعد مدة أدركت أن أحدهم كان أنا و بلا شك الآخر كان توأمي .. !

كان بإستطاعتي تمييز الوقت ..
بين ليلاً و نهار و مع ذلك لم أعد أميز أفعالهم .. كلاً يقف متجمداً في بقعة ما دون حراك ..
فجأة تلاشت تلك الصورة لأرى نفسي واقفاً تحت ظل شجرة وسط غابة ..

جدي كان لجانبي و يده تتمسك بكتفي بينما يفعل المثل لداني .. حاولت التعرف على محاياه دون فائدة  ... ثم قررت العودة بنظري للأفق ملاحظاً هطول الأمطار الغزيرة فأدركت .. أننا نحتمي لا أكثر فجأة نطق داني محادثاً جدي .. جاذباً إنتباهي لهما مرة أخرى .. لم أكن أسمع صوته فعلاً لكن كنت أفهم حديثه و تصرفاته ..

كان يتسأل عن سبب إنتظارنا هنا دون العودة .. بينما يجيب جدي كعادته متعذراً بقلقه علينا
من المرض فقط لا غير ! .. رأيته يخفض رأسه و بلا شك كان حزيناً ! لم اتمكن من رؤية محياه هو الاخر !  ... الصورة بدت ضبابية و هو يكرر حديثه بطريقة مختلفة ..

و هذه المرة و بلا شك متعذراً بي أنا ! من السهل توقع حديثه ..
" لما يسمح لأخي و أنا لا ! "

كان سهلاً ! و مؤلماً حين شعرت بكف جدي يشتد في حيرة و مع ذلك أجاب بذات الأمر و أغلق الحديث مطالباً منا بالإنتظار هنا .. بينما يحضر مظلته من المنزل ...

يدي ذهبت نحو يده في محاولة لأخذ شعوره ذاك .. كما بادلني هو الامر بصمت ... لم أعرف له إجابة ! كنت مغفلاً بعض الشيء .. لأتصرف بحرية بينما هو لا .. كان يلتصق بي و يحاول تقييدي برفقته حتى لا يستشعر ذلك الشعور دوماً ..

فقررت أن أصبح أنا من يقيده معي .. بطريقة تجعله أكثر سعادة من ذي قبل .. و مع مرور الوقت ..
كنت قد لاحظت ذبوله رغم بقائه بين جدران قلعتي .. أكثر فأكثر حتى خرج منها مبتعداً.. لم أتمنى ذلك حقاً لكن لم أكن مستعداً لخسارته ببساطة ..

مع مرور الزمن سعيت جاهداً لأبقي جدران قلعتي صامدة رغم الصقيع .. شامخة لا تتزعزع أمام الصدمات ! و حين وجدته مجدداً لأعيده لحيث كان
و نعود كما كنا في الماضي ..

صدمت به أشد قوة و أكثر صلابة مسغنياً عني ! كنت ملجأه .. إلا أنني كذبت فقط ! هو من كان ملجئي و ملاذي الوحيد ...

أنا من صرت أضعف مما كنت عليه ..
أنا من تركت نفسي .. خلفه فقط بينما هو
إستمر بالمضي دون الإلتفات إلي ! لن يرغب
أحدهم أن يعود لقلعة مر الدهر عليها ذات جدران هشة ...

♧ تحت سماء واحدة ♣حيث تعيش القصص. اكتشف الآن