3 || القبطان.

6.2K 636 163
                                    

كان لقاءً غريباً، ذاك أحسن ما يمكن وصفه به .

فبينما تمكلني شعورٌ ممتعضٌ منها، وأني غالباً لن أرتاح لها حتى يوم إيجاد الكنز متى سأسرقه كاملاً واهرب منهم أو أموت وأنا أحاول؛ كانت هي تنظر لي حذرة، غضبها تضاعف عن درجته السابقة.

-" من أنت؟ " تساءلت، يحمل صوتها تهديداً عظيماً.

أشعر بالريبة والخوف الآن .

-" شريككِ الجديد؟ " رددت، ببعض التردد.

لوهلة ظلّت على صَمتها، غير أنها تحولت فجأة بعض لحظاتٍ هاززةً رأسها بقوة قبل أن تسأل نائبها:" من هو؟! ماذا قلتُ عن إحضار الجديد للسفينة بغِيابي عدا الطعام والشراب والمعدات؟! أجب ! " علاقتهما توضحت لي في هذه اللحظات القصيرة. إنها بالفعل لا تثق به مُطلقاً.

وقف النائب مُطأطأ الرأس، مجيباً بنبرة هادئة ثابتة:" بدايةً أتى مع جماعة فرانك، زعموا أنه من نوعك المفضل في الضم لطاقمنا، وكنا حريصين في مراقبته. " رفع من بصره نحوها، وبدا أن بريقاً غزاه وهو يستطرد:" لكن لاحقاً؛ اكتشفنا حيازته للجزء المفقود من خريطة الكنز الأسود! "

مع جزءِ الخريطة ارتفع حاجباها ناظرةً لي، تقدمت نحوي وراحت تفتِلُ في دوائر حولي، قبل أن تسألني:" من أين لكَ به؟ "

سرقته من أحدهم، جوابٌ لن أبوح به لو أُعطيت الملايين برفقة سيفها الذي أخرجته من غمده، غير أني أجبت بما هو أسوءُ منه:" ليس من شأنك ! "

عادةً، أو دائماً، لا أتكلم مع الفتيات بهكذا عدائية، ولا أواجه مشكلاتي بما يضخمها ويزيد مش شدتها حدةً علي، لكن ورغماً عني؛ فهذه التي أمامي لا تشعرني إلا بالقلق ! فبالإضافة لنبرتها ونظراتها، ملكت شعراً نارياً طويلاً رُبط للخلف وتُرك للريح لعبةً، حمت معظم جسدها قطعٌ حديدية مثّلت دروعاً شأن الصدر، الأذرع والأرجل كأنما هي مستعدة للحرب والقتال في أيّ لحظةٍ تستدعي، عيناها رغم جمال لونهما الزمردي؛ إلا إن الحدة بهما كانت قد غطت عليه تماماً. كانت تصيح بهويتها: محاربةً وقرصانة.

إنها خطرة، ومع ذلك، أشعر بتحديها لي، لحظاتٌ قصيرة تمثل الانطباع الأول الذي ستبني على أساسه أسلوباً في التعامل معي أكان احتراماً أم ازدراءًا؛ أي يجب ألا أُرى من قبلها لقمةً سائغة. عليّ اثبات نفسي.

أكملت، مُوضحاً جهتي من الموقف بشكلٍ صريح:" أنا لدي جزءٌ، وأنتِ وطاقمكِ لكم جزء، أي هو عملٌ مشتركٌ بيننا. بمعنى آخر، ليس لديكِ أي حقٍ بإصدار أوامر علّي من الآن ! "

سمعتُ همهمتهم المضطربة، عن كيف أخاطب قُبطانهم هكذا وما كان بموقف آخر سيعتبره الأخير اهانةً كبيرة قد يقطع رأس قائلها عليها، أو يُرمى لقروش البحر. شجعت نفسي واسترسلت في عملية فصل مقامي عن مقام طاقمها، مخاطباً إياهم، ومتسائلاً بما أثار حيرتي:" لِم بحقِّ خالقِ البحار تنادونها بصيغة الذكر؟! حتى الأعمى سيمكنه العلم أنها امرأة ! "

كنزُ آفيروناميسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن