4 || ألغازٌ بالميدوسا.

6.4K 556 124
                                    

لطالما فكرت بذاك الذي أضعتُ حياتي هدراً فيه، هو ما رافقني طِيلتها وما اتخذته غالبيةً طريقي الوحيد، يُعشعش في رؤوس الكثيرين؛ والقِلة منهم فقط تمكنوا من طرده بعد إعطاء أرواحهم مَعنى وهدف ..

هو اللاشيء .

لستُ سوى لصّ؛ آكل من أموال الغير فقط لسأمي الكِد والعمل، أسرق؛ إلا لروي آمال القدر بما أعطاني من بؤس وحظٍّ مُنعدم.

والأسوأ، لأفعالي تلك، لا أشعر بأي ندم.

فتحتُ إحدى عينيَّ جزئياً منزعجاً من تدفق الأفكار التي أكره بلحظاتي الأخيرة بدلَ لحظاتي السعيدة القليلة، أين هو العدل؟ فقط لتفكرّ بذكرى واحدة لعينة سعيدة توهمني على الأقل بامتلاكي سابقاً لحياةٍ أساساً ! عقلٌ أحمق !

-" ماذا يفعل؟ "

-" لا أدري، أراهن أنه جُنّ. "

-" حمقى ! ألا تعرفون استقراء الوجوه؟! هو يحارب تنانين معدته الجائعة بالتأكيد ! ابتلعنا الكثير من الملح اليوم ! "

فتحت عيني بالكامل مفاجئاً إياهم ليبتعدوا بسرعة، جلستُ على عجلٍ لدى تلمسيّ للأرض شبه الثابتة أسفلنا وقد راحت حدقتاي تلقائياً تتسعان، فبين القراصنة الذين يتمازحون حول المكان؛ الشمسِ المشرقة والهواء العليل، صِحت:" ما الذي حصل؟! "

كان ثلاثةٌ من مجموعة الحمقى الخمس يحدقون بي، مُستغربين بدورهم، حتى تساءل القِزم بدوره:" تعني أسماك المارو؟ " أومأت له مُرتبكاً، فشرح ولازال يعلو وجهه الحيرة:" إنها أسماك المارو يا رجل، تأتي؛ تضيع طاقتها في إزعاجك ومهاجمة سفينتك، ثم ببساطةٍ ترحل .. غير أننا نصطادها قبل أن تفعل. " تحول فجأةً للضحكِ رُفقة رفاقه مع قوله :" ألا تعلم حتى هذا؟! إلهي، لم أدرك لليوم أن لا حدود حقاً للغباء ! "

رميته بنظراتٍ باردة خلفها نارٌ قد تفحِّمه لم أستحِب إفسادَ طاقتها عليه. ثم وقفت، وعدلّتُ من هندامي المتكمّش بفِعل المياه وكذا شعري الذي أمسى كما الصخرة فوق رأسي الذي بالفعل أكاد أسمعه يتوعدني بصداعٍ قريب. وبخطواتٍ متثاقلة، اتجهت نحو غرفتي الضيقة أجر ذيول الخيبة .

رحت أبحث فيها بعد إطلاقي لتنهيدةٍ طويلة عن ملابسي السابقة التي سبق ومسحت على بعضٍ من بقعها وتركتها في جانبٍ ما من هنا، بحثت وبحثتُ ولم أجد لهم أثراً، متأكدٌ من تركي لهم هنا ! هل تمت سرقتي؟!

كِدت أخرج غاضباً، غير انه وفجأة سقطت من أعلى إحدى الرفوف، أو الرف الوحيد، كل الأشياء التي تضم القلة من التي تخصني منه ربما لتفكيكي ترتيبهم أثناء البحث مسقطين الرفّ معهم بقوةٍ للأرض مصدرين ضجةً قوية، كما انكسرت زجاجةٌ لم أعلم بوجودها من قبل وانتثرت شظاياها من حولي. عطستُ ولم أدري هل بسبب الغبار أم لمحتوى الزجاجة الذي تسرب. لاحظت قميصي الزيتي يسترق نظره من أسفلهم، فزفرت مللاً، و رحتُ ألملم شظايا الزجاج ثم اتجهت لقميصي.

كنزُ آفيروناميسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن